دائماً ما يلجأ المستبدون إلي الحُجج المزيفة، لشرعنة أستبدادهم، وإخمادهم لجميع الأصوات المعارضة لهم تحت شعارات مختلفة، سواء كانت بهدف إدعاء القضاء علي الإرهاب كما يحدث في مصر، من أعتقالات هزلية وكبح للحريات والقضاء علي الرأي الآخر، وهيمنة السلطة التنفيذية والتعاليم "الميكافيلية" علي أمور الحكم في الدولة تحت شعار "الشخصية الكاريزماتية" التي انقشع عنها الغطاء فيما بعد، واتضح للجميع انها مُدعية "الكاريزما" وخُلقت للأستحواذ علي السلطة، أو إدعاء إنصاف وتطبيق تعاليم الدين الإسلامي في الحكم كما يحدث في المملكة العربية السعودية، التي أخفت أسرتها الحاكمة معالم الإسلام السامية، وبرزت معالم إسلامية أخري في ثوب وهابي راديكالي.
السعودية تحولت من دولة الخلافة الإسلامية الشاملة لجميع معاني العدالة، والمساواة، والمبادئ الإنسانية، والمعاني التضافرية في تحقيق العدالة والأهداف الجليلة، كما ذُكرَ في التاريخ، إلي دولة ملكية قمعية، مفتقدة للسُبل الديمقراطية، ومنتهكة لحقوق الأنسان، ومضطهدة لذوي الديانات الأخري والمفكرين والمثقفين والداعين لأحترام حقوق الأنسان، وخصوصاً حقوق المرأة المهمشة والمنتهكة بدايةً من التمييز العنصري في اعتلاء المناصب، وحظر قيادة السيارات، وقوانين الأحوال الشخصية والأسرة، وخوف المرأة من الطلاق واضطرارها على تحمل الإهانات والإساءات من قبل الزوج رغبةً في الحفاظ على أسرتها، ونهايةً بالاعتقال التعسفي للمرأة وتعرضها للتعذيب على أيدي السلطات، وخصوصاً النساء الأجنبيات العاملات في الخدمة داخل البيوت السعودية وما يتعرضن له من جور، وإساءات واعتداءات مع حرمانهن من أي حق في الدفاع عن أنفسهن.
كانت هذه البعض من الأنتهاكات التي تحدث مع "المرأة السعودية"، وهناك العديد من حالات القمع التي لا تحصي يتعرض لها المثقفون والمفكرون والناشطون في حقوق الأنسان، يجب تفنيد بعضها حتي تكون دليلاً قوياً علي أفتراء وضعف وجهل وفشل الأسرة الحاكمة الفاشية "آل سعود" في التعامل مع المثقفين، لأنهم لا يفقهون التعامل العقلاني مع هؤلاء النخب.
أولاً: رائف البدوي المدون والناشط في مجال حقوق الأنسان، ومؤسس موقع "ليبراليون سعوديون" عام 2006م، اشتُهِر بدعوته لإلغاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وطالب بمحاكمة رئيسها إبراهيم الغيث في محكمة العدل الدولية، تم القبض عليه في عام 2012م بتهمة الإساءة للدين الإسلامي من خلال الإنترنت، وحُكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات، والجلد 600 جلدة، وإغلاق موقع الشبكة الليبرالية السعودية الحرة، وذلك في 29 تموز/يوليو 2013م، على خلفية هجومه على الهيئة والمؤسسة الدينية السلفية في السعودية، وفي 7 أيار/ مايو 2014 تم تعديل الحكم إلى الجلّد 1000 جلدة، والسَجن لمدة 10 سنوات، بالإضافة لغرامة مالية قدرها مليون ريال سعودي، وبدأ تنفيذ حُكم الجلّد إبتداءً من 9كانون الأول/ يناير 2015م، وبالتالي أضطرت زوجته وأولاده إلي طلب اللجوء السياسي في مدينة كيبيك في كندا في سنة 2013م، هروباً من الأضطهاد الوهابي.
ثانياً: الناشط الحقوقي عمر السعيد ذو الثلاثة وعشرين عاماً، الذي حكم عليه بالسجن 4 سنوات، والجلد 300جلدة، في الساحات العامة، ومنعه من السفر لمدة 4سنوات بعد الإفراج عنه، وذلك بعد تغريدة له علي التويتر يطالب فيها "بإقامة نظاماً دستورياً ملكياً".
ثالثاً: الفنان التشكيلي والشاعر الفلسطيني أشرف فياض، الذي حكم عليه بالسجن8 سنوات، والجلد 800 جلدة، ثم عُدلَ الحكم بعد ذلك إلي الأعدام في تشرين الثاني/نوفمبر 2015م، وذلك لأتهامه"بسب الذات الإلهية والترويج لأفكار إلحادية"، ورغم أن أشرف هو المُعيل الوحيد لوالده ولأمه إلا هذا ليس عذراً كافياً لتخفيف العقوبة عليه أو إثارة القلوب القاسية.
لا تقتصر هذه الأنتهاكات المريرة علي الناشطين فقط بل الخاضعين والمُستسلمين لعائلة "آل سعود"، لم يسلموا من غائلة القمع، بل أصبحوا يساقوا كالأغنام إلي السجون والجلد وتقطيع الأيدي والرؤوس في الساحات العامة، دون حق الدفاع عن أنفسهم.
العنصرية ومعاداة ذوي الأديان المختلفة تورث في السعودية كما تورث السلطة في الأسرة الحاكمة، ويتم ترسيخها في ألباب ووجدان طلاب مراحل التعليم المختلفة، السعودية ها هي من دولة الخلفاء الراشدين إلي مملكة الحكام الديكتاتوريين.
-
محمد عيسيطالب قانون، مهتم بقضايا السلام العالمي، وشئون الشرق الأوسط، وقضايا حقوق الإنسان