زينب علي الوسطي تَكتب : العاق - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

زينب علي الوسطي تَكتب : العاق

  نشر في 03 شتنبر 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

على الرغم من أن عمري 19 سنة و قد إقتربت من 20 أجد نفسي أنني أكبر بكثير من هذا العمر ، فقد أخذت من التجارب ما يكفيني إلا أن الحياة لم تكتفي و تزيدني يوما بعد يوم و تلقنني دروسا لن أنساها مهما حييت ... قد تكون تجارب لا تعنيني أي لم أعشها لكن عيني شهدتها و تركت بصمة بداخلي.

أحيانا أجلس وحيدة أفكر و أتساءل ...كيف أصبح هذا العالم ؟ و مالذي حل به ؟ أين إختفت الإنسانية ؟ و لماذا ماتت بعض القلوب !؟ لماذا أصبح الابن يشتم أباه ؟ و الابنة تصرخ على أمها ؟

حسنا لنفكر معا ما الذي يسمح لبعض الأبناء بترك والديهم ؟؟ ستقولون لي الظروف. للأسف هذا ليس مبررا مقنعا! قبل أن تلقوا اللوم على الظروف، حاولوا أن تكونوا واقعين بعض الشيء وحاولوا أن تلوموا أنفسكم عوض ذلك .... فهناك من يعاني أكثر و أكثر لكن على الرغم من ذلك يفضل الموت ولا يتناسى من رباه و كبره لا يتخلى عن أول حضن إستقبله بحنانه و لطفه و إبتسامته و كان عونا له منذ ولادته...

أحاول إستيعاب الفكرة لكن لا أستطيع فما من سبب مقنع لتنكر فضل أمك و أبيك و تنسى كل ما مر عليهما من أجل أن يمنحانك الراحة و الحب و الحنان و كل ماتريد لتصل إلى ما أنت عليه الان ، تجازيهم ب نكران كل هذا و تعاملهم معاملة سيئة...فالبعض قد يتجرء على سب و شتم والديه و هناك من يرمي بأمه إلى بيت العجزة بحجة زوجته التي خيرته بينها و بين المرأة التي أفنت عمرها لأجله...و من الفتيات من يمتنعن عن مساعدة أمهم و هناك من تمتنع عن العناية بأبيها الذي يرقد على فراش الموت ...ما كل هذه القسوة وما الذي حل بنا !

في إحدى الأيام كنت ذاهبة إلى الجامعة و كالعادة أركب الباص إذا بي أجلس بجانب سيدة عجوز ، لم تمضي الا دقائق قليلة بدأت تتحدث معي تسألني عن أحوال الدراسة ... المهم بعد حديث طويل سألتها إلى أين ستذهب إبتسمت و عيناها تدمعان ذاهبة لأرى إبنتي إشتقت لها و كلما اتصلت بها أطلب منها أن تأتي لزياراتي تتهرب و تخلق آلف عذر و عذر لم أستطع أن أصبر على غيابها لذلك أنا ذاهبة لزيارتها حتى و إن كانت لا ترغب بي أريد أن أطمئن عليها .

قلت لها رغبة مني بالتخفيف عنها ؛ الفتاة عندما تذهب لبيت زوجها تكون لديها مسؤوليات كبيرة لم تكن معتادة عليها ... صبرا فهي كذلك ترغب بزيارتك .

قالت لي و انا أيضا ذهبت لبيت زوجي ولكن لم أنسى أمي و أبي حتى اليوم الذي أصبحوا فيه تحت التراب يا إبنتي تغير الوقت و تغير معه كل شيء !

تألمت و كان السكوت جوابي ماذا سأقول و كيف سأبرر لها غياب إبنتها ؟!

عاق أمه و أبيه شخص لا فائدة منه فمن لم يفعل الخير في والديه ماذا عسانا أن ننتظر منه أن يفعل للمجتمع... شخص حقير و غير مسؤول فاشل ، منكر لفضل أمه و أبيه كل الصفات السيئة تتناسب معه ، أحتقر كل من يرفع صوته أو يداه على من رباه و كل من يترك أمه تحمل ملفها الصحي ذاهبة للطبيب بجسمها الضعيف لا تعرف إلى أين تذهب و أين هي الطريق دون أن يفكر بمرافقتها ، وكل من يرمي بهم في دار العجزة أو يترك أمه في غرفة وحيدة تصارع المرض لا تجد من يقدم لها كوب ماء أو دواء أو يقول لها كلمة أمي...

تذكر يا أخي أن أمك و أباك هم من يستحقان منك كل خير... إعتني بهم و كن لهم عونا في لحظات ضعفهم و لا تكن قاسيا عليهم و تزيد قسوتك على قسوة الزمان. لاتدع إمرأة تفرق بينك و بين من رباك و إن كانت تحاول ذلك فهي لا تستحق أن تكون زوجة لك و لا أم لأولادك .. لا تكن متهورا و ترفع صوتك عليهم حتى و إن كنت منفعلا حاول أن تقبض نفسك عن فعل شيء كهذا لكي لا تلقب بالعاق طوال حياتك و حتى بعد مماتك... لا تخلف بوصية النبي عليه الصلاة و السلام ؛ " أمك.. ثم أمك.. ثم أمك.. ثم أبوك "

و أنتي يا أختي أنا فتاة مثلك يوما ما سأذهب و أغادر منزل أمي و أبي البيت الذي حضنني منذ أول يوم لي في هذه الدنيا هذا لا يعني أنني سأغادره حقا لأنني لن أهجرهم و لن أطول غيبتي عليهم دائما سأطبطب عليهم كما كانوا يفعلون معي في صغري حتى و إن رفض زوجي زيارتي لهم سأزورهم رغما عن أنفه ... لا أستطيع أن أتصور نفسي أنانية لدرجة التخلي عن أمي و أبي لأعيش حياة منفردة مع زوجي دون العناية بهم و لا الاطمئنان عليهم أتمنى من الله أن يأخذ عمري قبل أن أرتكب ذنبا كهذا في حقهم.

رضا الله من رضى الوالدين و سخطه من سخطهم ...

لا تحاولين التهرب من المسؤولية إتجاههم و تخلقين الأعذار لنفسك بينما تجدين الوقت للجلوس ساعات أمام المرآة من أجل وضع المكياج ، تقضين يوما كاملا في التسوق مع أولادك و زوجك دون التفكير بتوفير بضع ساعات لرؤيتهم...إعتني بهم قبل أن يصيبك الندم و الحسرة فلا تعلمين متى سيغادرون الدنيا حينها لا تبكين و لا تمثلين أنك حزينة...

قال تعالى : ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23)﴾

أتمنى من الله أن يطول في أعمار أمهاتنا و أبائنا و يرزقهم الصحة و السعادة و الجنة....و يرزقنا برضاهم. فما لنا في هذه الدنيا سواهم نحن لهم و هم لنا " نبض الحنان "

زينب علي الوسطي 


  • 13

  • زينب علي الوسطي
    طالبة بكلية العلوم القانونية تخصص قانون خاص، أشارك العالم نظرتي من خلال التدوين، شغوفة بالكتابة و القراءة و مصممة صور.
   نشر في 03 شتنبر 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

Salsabil Djaou منذ 7 سنة
حفظ الله والديك ،ونعم الاخلاق ،ياليت الجميع يقرأ مقالك ،دام قلمك.
0
ahmed منذ 7 سنة
أحسنتِ
1
نوف محمد منذ 8 سنة
جميل ماخط قلمك ):
2

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا