بوعزة أيضا كان محقا في مخاوفه
ترتيب الأولويات
نشر في 09 ماي 2019 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
تردد في الذهاب إلى المسجد
بوعزة هو صديق بوشعيب الذي تحدثنا عنه سابقا، الفرق فقط هو أن بوعزة من أنصار الفريق الكاتالوني غريم الفريق الملكي الذي يشجعه بوشعيب.
ليلة الثلاثاء أول أيام الشهر الفضيل، كان أيضا موعدا لعشاق المستديرة، حيث ستجمع مباراة العودة بالأنفيلد بين معشوقة بوعزة والفريق الأحمر في إطار نصف نهائي الكأس ذات الأذنين.
بوعزة و بوشعيب ليسا ممن يمكن وصفهما بالمتدينين جدا، لكن شأنهما شأن الكثير من المسلمين تعودا على صلاة العشاء والتراويح بالمسجد خاصة في اليوم الأول لرمضان وبعض الليالي المميزة كليلة السابع والعشرين.
بوشعيب لا ناقة له ولا جمل في مباراة الليلة - ولا بوعزة في الحقيقة- لأن فريقه غادر البطولة مبكرا، لكن رغم ذلك يبقى يمني النفس بخروج البرصا هاته الليلة رغم أنه قد حسم التأهل بشكل كبير بعد فوزه ذهابا بثلاثة نظيفة، وأيضا مع تأكد غياب النجم الأول لليفر محمد صلاح، ورفيقه في خط الهجوم البرازيلي فيرمينيو، وصلابة دفاع برشلونة منذ تكلف فالفيردي بإدارة دكة البدلاء.
لذلك حاول جاهدا بوشعيب إقناع صديقه بعدم جدوى مشاهدة المباراة والذهاب بدل ذلك إلى المسجد، والحقيقة أن بوشعيب كان يريد تجنب الحضور على فرحة أنصار البلوغرانا وسط المباراة بعد توالي الدقائق وعجز الحمر عن هز الشباك مع هدف للبرغوث ميسي أو المصاص سواريز الذي وعد بعدم الإحتفال في حالة التسجيل احتراما لجمهور فريقه السابق.
المهم، باءت كل محاولات بوشعيب بالفشل فرغم مبالغته في مدح فريق الخصم كونه أحسن فريق في التاريخ، أو أن ميسي نجم من مجرة بعيدة جدا علينا وصل إلينا بعد أن دخل ثقبا دوديا بالصدفة، وأن فخر العرب لن يلعب وما إلى ذلك، إلا أن بوعزة لم يكن مطمئنا، خاصة بعد تذكره لكابوس الأولمبيكوس السنة الماضية.
حل وسط
كحل وسط اتفقا على مشاهدة الشوط الأول من المباراة فقط، وبما بضع دقائق من الشوط الثاني قبل أن يخرجا لمسجد قريب بعد أن يطمئن بوعزة على فريقه.
بدأت المباراة نارية، وتبادل الفريقان الهجومات، وبدا واضحا أن أي من الفريقين قادر على خطف هدف في أي لحظة، وهذا ما كان لفريق ليفربول، هذا الهدف خلف فرحة محتشمة لخصوم برشلونة وعلى رأسهم إمام المسجد الذي ينوون الصلاة فيه الذي لم يتمالك نفسه وقام وهلل متنبئا بمزيد من الأهداف الحمراء، هاته الفرحة وإن عكرت صفو بوعزة إلا أنها أعطته فكرة بمتابعة المبارة حتى مغادرة الإمام، هكذا يضمن أكبر وقت ممكن مع المباراة، وفي نفس الوقت لا يفوت أجر صلاة الجماعة.
توالت الدقائق، وتسارعت الهجمات من الطرفين، دون جدوى حتى سماع صوت صافرة الحكم معلنة عن نهاية الشوط الأول بتقدم الليفر بهدف يتيم معنوي أكثر منه تأهيلي، لم يضيع بوعزة الوقت بين الشوطين فدخل عبر هاتفه الذكي للشبكات الاجتماعية ليرى تفاعل المشجعين والمحللين الرياضيين، بوشعيب حذره أن مستوى البطارية ربما لن يسعفه في متابعة أطوار المباراة لاحقا إن هو اضطر لذلك، لكن مع الحماس والضغط بوعزة لم يسمع الكلام.
الهدف الثالث
بدأ الشوط الثاني بنفس إيقاع بداية المباراة، إلا أن الفريق الأحمر وفق في محاولتين حولهما إلى هدفين، معلنا التعادل في مجموع المبارتين، هنا يصبح كل شيء ممكن مع أفضلية لبرشلونة فكل ما يحتاجه هو هدف وحيد لتحقيق التأهل، إن سجل هذا الهدف سوف يضطر الفريق المضيف إلى إضافة هدفين إن هو أراد العبور.
مع تقدم دقائق المباراة، يزداد الضغط على اللاعبين والجماهير من الفريقين على السواء، وبين الفينة والأخرى يتفقد كل من بوعزة -وبوشعيب أيضا بعد أن أصبح احتمال إقصاء البارصا أمرا قريبا- فقيه المسجد هل لازال معهم في المقهى أم أنه التحق بالمسجد، قبيل انتهاء المباراة علا صوت المؤذن لصلاة العشاء والتواريح، حينها لم يتأخر الفقيه لحظة بل خرج مهرولا نحو المسجد، دون أن ينسى أن يلقي نظرة على النتيجة في كل مرة يصادف مقهى في طريقه، ولم يتأخر أيضا بوعزة وصديقه كثيرا في المغادرة رغم صعوبة الموقف.
ضجة في الخلفية
دلفا المسجد معا من الباب الخلفي، وصليا ركعتي تحية المسجد، وبدآ في انتظار إقامة الصلاة، وبالهما مشغول مع المباراة، خاصة أنه بين الفينة والأخرى يسمعان صوت تفاعل المتفرجين في مقهى قريب نسبيا.
تأخر المسمع أكثر من اللازم في إقامة الصلاة، ومرة دقائق الانتظار كقرن على بوعزة وشاكلته، قبل أن ترتفع صيحات قادمة من المقهى التي تعلن هاته المرة لا شك عن تسجيل هدف، المشكل أن هناك أنصارا للفريقين، فيصعب معرفة من سجل، حاول بوعزة في البداية مغالبة فضوله، لكن الأمر هام ولا يحتمل فحاول تفقد هاتفه، لكن الطامة الكبرى أنه لم يعمل بنصيحة بوشعيب ووجد هاتفه مطفئ بسبب البطارية، المهم لسبب ما سلم أمره لله وأيقن أخيرا أنه في جميع الحالات لن تغير معرفته بصاحب الهدف من الأمر شيئا.
بوعزة ثان
أثناء مساواة الصفوف، التحق المسمع متأخرا، واستطاع الوصول للصف الأول لأن المصلين يعرفون دوره، وبقي الإمام يطمئن على الصفوف، وأطار في التحقق حتى بشره المسمع الذي كان قد تركه خلفه في المقهى مشيرا إليه بأربع أصابع كناية على أن الضجة كانت من فرحة أنصار الفريق المنافس فرحا بتسجيل الهدف الرابع، مما يعني تحقيق الريمونتادا.
من شدة الفرح الفقيه أطال في الصلاة، فيما يقبع بوشعيب وبوعزة في صفوف متأخرة ليبقيا محرومين من هذا السبق الصحفي.
ماذا لو
مباشرة بعد أن سلم الفقيه، غادر بوعزة وبوشعيب على مضض نحو المقهى لمعرفة من تأهل، فالصرخة دليل على هدف، هذا الهدف من شأنه أن ينهي المباراة في وقتها الأصلي مهما كان المسجل، أول شخص قابلاه خارج المسجد بشرهما بالنتيجة، ليطير بوشعيب فرحا، ويبقى بوعزة مصدوما لوهلة قبل أن يصب جام غضبه على صديقه الذي حضه على عدم إكمال المباراة، حتى أنه قال : لو بقيت متابعا للمباراة لتأهل فريقي برشلونة أحسن فريق في الكون وفي التاريخ، ولسجل ميسي هدفا خرافيا ...
رجعا إلى نفس المقهى الذي كانا فيه، وجلسا يشاهدان الإعادات تلو الإعادات، أن يفعل بوشعيب ذلك هو أمر مفهوم، لكن الغريب هو بوعزة الذي كان يعيد التحسر مع كل هدف لليفربول وكل محاولة حقيقية للتسجيل ضائعة من ميسي أو سواريز.
بعد ساعة من الفرجة خرج الصديقان وتواعدا على اللقاء غدا في نفس الموعد لكن هاته المرة لتشجيع نفس الفريق، فريق آياكس الذي يضم نجم المتنخب المغربي حكيم زياش، وإن كان بوشعيب لازال حاقدا عليه لأنه السبب في أقصاء فريقه المفضل في الثمن، وفريق نجمه المفضل في الربع.
إضافة
المقال كنت قد بدأته صبيحة الأربعاء، ولم أكن أعلم بنتيجة المباراة الثانية، على العموم نفس السيناريو تمت إعادته، لكن هاته المرة الصديقان كانا صريحين مع أنفسهما ولم يذهبا إلى المسجد، لكن رغم مجهوداتهما في عدم تضييع اي ثانية من المباراة إلا أن السبورز سرقوا التأهل في الثواني الأخيرة بعدما كاونا متأخرين بثلاثة أهداف بعد نصف ساعة من بداية المباراة.
القصة هي مزيج من قصة حقيقية لإمام في مسجد بحي شعبي معروف بشغفه بفريق أوروبي، وبين قصة خيالية حول صديقين عزيزين لكن يشجعان فريقين مختلفين، هما تصوير لحالة الكثير ممن ابتلي بشكل مرضي بمتابعة مباريات كرة القدم.
-
ضياء الحق الفلوسطالب علم في مدرسة الحياة. مولع بسباقات الطريق مولع بالبرمجيات و مسابقات البرمجة و التكنولوجيا الحديثة. مولع أيضا بالتدوين والرسم والتصوير.