يا صاحب القطرتين
بين الصدق والكذب تموت دموع الخشية
نشر في 29 غشت 2016 وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .
الحقيقة نحن كاذبون ومخادعون- إلا من رحم ربي - مع الله فأحدنا يستمع إلي الآية فيتأثر بها ، مبللاً وجنتيه بقطرتين أو دمعتين، فتراه منتفخاً، منتشياً، بهاتين الدمعتين اللاتي ما إن داعبتا خديه حتي سطرت اسمه بحروف من سراب بصفحات قد اتخمت بآثار الصالحين ، وهماً منه وغروراً والحقيقة أنه واهم ، فهو ما إن يغادر المسجد الذي دخله من ساعات أو ربما دقائق بجسد خاوي من الروح التي قد غادرته علي باب المسجد متخذه لنفسها مقعداً من شبهة تعانقها شهوة، ما إن يغادر مصلاه حتي يباشر أسباب المعصية وهو عالم بضعفه أمامها وسرعة هلكته إذا ما باشرها ، مهتكاً بمخالب شهواته ستاراً رقيقاً نسخه بخيط واهً من مطلع الفجر إلي مغرب الشمس ..
فأين بكاءه إن كان صادقاً.. أين حسراته .. أين قطرتينه .. أين القطرتين يا صاحب القطرتين!
وذكر الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه " زاد المعاد " عشرة أنواع للبكاء نوردها كما ذكرها
* بكاء الخوف والخشية .
* بكاء الرحمة والرقة .
* بكاء المحبة والشوق .
* بكاء الفرح والسرور .
* بكاء الجزع من ورود الألم وعدم احتماله .
* بكاء الحزن .... وفرقه عن بكاء الخوف ، أن الأول " الحزن " : يكون على ما مضى من حصول مكروه أو فوات محبوب وبكاء الخوف : يكون لما يتوقع في المستقبل من ذلك ، والفرق بين بكاء السرور والفرح وبكاء الحزن أن دمعة السرور باردة والقلب فرحان ، ودمعة الحزن : حارة والقلب حزين ، ولهذا يقال لما يُفرح به هو " قرة عين " وأقرّ به عينه ، ولما يُحزن : هو سخينة العين ، وأسخن الله به عينه .
* بكاء الخور والضعف .
* بكاء النفاق وهو : أن تدمع العين والقلب قاس .
* البكاء المستعار والمستأجر عليه ، كبكاء النائحة بالأجرة فإنها كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه : تبيع عبرتها وتبكي شجو غيرها .
* بكاء الموافقة : فهو أن يرى الرجل الناس يبكون لأمر عليهم فيبكي معهم ولا يدري لأي شيء يبكون يراهم يبكون فيبكي .
والبكاء من خشية الله تعالى أصدق بكاء تردد في النفوس ، وأقوى مترجم عن القلوب الوجلة الخائفة .
وللأسف صار البعض يخشع أو يتأثر لصوت القارئ لا لما يتلو من آيات ربنا ، وهذه فتنة.
وأختم مقالي بكلمات للشيخ محمد ولد الددو الشنقيطي في كتاب له بعنوان " اليوم الآخرحكم ومشاهد " يقول :
وهذه القسوة أثرها بارز في عصرنا هذا , وفي أمتنا في هذه العصور, فقلما تجد من هو خاشع إذا سمع القرآن تأثر به, تتأثر الناس بأصوات القُرَّاء فالقارئ الذي يعجبهم حُسن صوته يتأثرون ويتفاعلون مع قراءته , وليس ذلك بالخشوع, لأن الخشوع يتعلق بالمعنى لا باللفظ, ولذلك جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه تخوف على أمته ست خصال منها (( نشو يتخذون القرآن مزامير يقدمون الرجل ليس أفقههم ولا أفضلهم يغنيهم غناء )) ؛ يعجبهم صوته فقط , فيقدمونه ليغني لهم. لذلك نحتاج إلى الخشوع ونحتاج إلى رقة القلب, ولا شك أن رقة القلب من حياته. قد أخرج مالك في الموطأ وأحمد في الزهد عن يحيى بن سعيد الأنصاري أنه بلغه أن عيسى بن مريم يقول : (( لا تكثروا الكلام في غير ذكر الله فتقسوَ قلوبكم, فإن القلب القاسي بعيد من الله, ولكن لا تعلمون. ولا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب, وانظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد. وإنما الناس مبتلى ومعافىً؛ فارحموا أهل البلاء, واحمدوا الله على العافية )).أ.هــ
ففتش عن خشوعك.. وراقب قلبك.. وأحسن في خلواتك يحسن الله حالك...(زينها مع الله تزين .. خربها مع الله تخرب.. حرك قلبك بكلام ربك ..)
نسأل الله العفو والعافيه ..
-
إيهاب أبو سمرةكاتب رأي بساسة بوست رابط المقالات بالموقع : http://www.sasapost.com/author/ehab-abo-samra/ فازت قصتي "أحلامي الغالية " في مسابقة دار ضاد للقصة القصيرة لعام 2016م مصمم جرافيك ورسام وأهوي المونتاج وإلقاء الشعر ولي أعمال عدة بقناتي باليوتيوب . ...