هل جربت يومًا الشعور وضده! أو أُصيبَ قلبُك بمرض التلاشي .. تلاشي المشاعر حتي زوالها حد العدم .. أن يتحول "الشعور" بكل بساطة متناهية إلي "اللاشعور" .. اللاشعور السرمدي والأبدي!
ألا تألف المألوف لك فيصير كأي غريبٍ عابر .. أن تتوقف عن حب ذاك الذي عرفت الحب حين عرفته .. وأن تتخلي عن ذاك الحلم البعيد الذي لطالما عشت به ولأجله، أن يتحول داخلك العميق الواسع من ولع "الشغف" إلي بهتان "العادي" .. وأن تستسلم بعد صراعٍ طويلٍ غير عادل .. أن تُفلت يديك التي أُدميت من كل ما تمسكت به يومًا بشدة .. أن تصعد لتلك القمة العالية غير مبالٍ وأنت الذي كانت تتخبط ركبتيه إن لمح أي ارتفاع علي بعد أميال!
أن تتوقف عن مساعدة الآخرين لأنك عاجزٌ حتي عن مساعدة نفسك!
أن تصمت وداخلك لا يحوي إلا الكلام، تصمت في وقتٍ لن ينصفك إلا الكلام .. أيُ عدلٍ هذا!
أن تنقطع عن التفكير وأنت الذي اعتاد عقله علي الانفجار كل لحظةٍ من فرط الأفكار اللعينة التي لا تكف عن الولوج بداخله.
أن تترك الجميع وأن تسمح بأن تُترَك دون أي مقاومةٍ منك .. ألست الذي يرتعب من الوحدة وعاش جُلَّ حياته يُحارب الهجر!
أن يتحول ذاك الذي يسير حاملًا كلَ لطف العالم بداخله موزعًا ورود التفاؤل هنا وهناك إلي ذاك الشخص الذي يفر منه الجميع فور رؤيته لفرط كآبته وسوداويته!
أن يصير البقاء والذهاب سيان، أن تدّعي السلام وكل شيءٍ يدعو للحرب .. أن لا تصير أنت في مكانٍ لا يجب فيه إلا أن تكون أنت!
أنت مجرد شخص لا تعرفه .. أنت مجرد مزيج من قرارات خاطئة!
أصبحت لا تخاف .. كائنٌ لا يشعر .. كل المشاعر في دنياه باهته، شخصٌ حارب كل مخاوف العالم، خوفه من الألم وخوفه من الهجر .. خوفه من الرفض وخوفه من الفقد، خوفه من الخذلان وخوفه من الآلآم الغير مبررة وكذلك خوفه من الأذي .. حتي أنه أخيرًا تغلب علي خوفِه من البشر نفسهم .. لكن ظل هناك خوف ينبض .. خوف دفين .. خوف مختلف .. خوف أحيا كل تلك المخاوف من جديد .. كان خوفه الوحيد تلك المرة هو خوفه من الخوف نفسه!
يا مسكين، الآن انتصرت علي كل مخاوف العالم لكن ما نفع ذلك إن ظلَّ ذاك الخوف الدفين ينبض في جسدك بدلًا من القلب!
لا شعور .. لا شغف .. لا روح .. لا "أنا" ولا "نحن"، باتت الحياة مجرد صورة باهتة تحمل كل حزن الدنيا، ألوانها مزيجٌ بين الأسود والأبيض وبالكاد تلمح بعض الرمادي في الخلفية.
يامسكين، يا صاحب الدمع الغزير، الآن أبكيت الحجارة وما عدت تبكي!
-
آية عبدهأوضح مما تظن، أعمق مما تري!
التعليقات
والمخيف أكثر عندما نكون غير واعين بهذا التحول.
بورك القلم
نسخت الجملة دي لانها مؤثرة جدا جدا
جميل اوي