قَتْلُ الغِيلَةِ مَنْهَجُ آل سَعُود في القمع والتَّصْفِيَة
من محمد علي عقيد إلى الكاتب الصحفي خاشقجي
نشر في 25 أكتوبر 2018 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
قتل البشر ظلما وعدوانا لا تبرره الأعراف ولا الدّيانات لأنّه تعد على حرمة الحياة التّي وُهِبَهَا هؤلاء الناس .ناهيك عن الغدر بهم في مواضع الأمن والأمان .
لم تراع شريعة على مرّ الأزمان الحياة الإنسانية كما فعلت شريعتنا السّمحاء ، حيث أحاطتها بسياج من الحفظ المطلق الوجودي والعدمي بحيث لا يمكن إزهاقها إلاّ بحقها وفي حدود ضيقة جدا ، وبتوفر الأسباب وانتفاء الموانع ،
قال تعالى : ( وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا ) الإسراء 33 . وفي موضع آخر ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ) (النساء:93).
لكننا مع ذلك ابتلينا في هذا الزمان بقتل الغدر ( الغيلة ) الذّي ينافي الأعراف والقيم ويعرّيها من كل جميل ، ويجلّي سوءات النّفوس المريضة التّي لا تعرف محلا للشّجاعة والكرامة . انتفاء للعهود والعقود والمواثيق .
اختلف العلماء في ضابط قتل الغيلة : هل يخص القتل عمدا عدوانا على مال ونحوه، أو يعم كل قتل عمد عدوان على غرة، أو مع خداع بحيث يتعذر معه الخلاص؟.
قال العلامة علي بن سلطان القاري في قتل الغيلة: (هو أن يخدع ويقتل في موضع لا يراه فيه أحد، والغيلة: فعلة من الاغتيال، وفي المغرب : الغيلة: القتل خفية، وفي القاموس: الغيلة بالكسر: الذريعة والاغتيال، وقتله غيلة، أي: خدعه فذهب به إلى موضع فقتله ) ، وقال القاضي أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي الأندلسي : قال أصحابنا- أي: المالكية- يوردونه- أي: قتل الغيلة- على وجهين:
أحدهما : القتل على وجه المحيل والخديعة.
والثاني : على وجه القصد الذي لا يجوز عليه الخطأ
و قال الفاكهاني عن أهل اللّغة: قتل الغيلة: هو أن يخدعه فيذهب به إلى موضع خفي ، فإذا صار فيه قتله، وقال شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية : (أما إذا كان يقتل النفوس سرا؛ لأخذ المال، مثل الذي يجلس في خان يكريه لأبناء السبيل، فإذا انفرد بقوم منهم قتلهم وأخذ أموالهم، أو يدعو إلى منزله من يستأجره لخياطة أو طب، أو نحو ذلك فيقتله ويأخذ ماله- فهذا يسمى: القتل غيلة
وبناء على هذا وجب قتل من يغتال النّاس غدرا ، ولا سيما النّشطاء السّياسيين ، وأهل الفكر والرّأي .
قتل الغيلة سياسة آل سعود :
فالتّاريخ الإنساني لا يحابي أحدا في حكمه على هؤلاء فهو ينقل الحقائق المفجعة كما هي ..
مع مرور الزّمن تنكشف عورات آل سعود لتكشف لنا خبث معادنهم ، وسوء سرائرهم ، و استغلالهم شيوخ الدّين وخدمة
بلاد الحرمين أقنعة تستر عوراتهم ، تاريخ حافل بالخيانات والدّسائس وبيع الذّمم ، كل هذا من أجل السّلطان والملك .
لا يهمّ في ذلك تعرية القيم الأخلاقية والمروءة العربية في التّعامل مع العزّل الآمنين المطمئنين ولو عن طريق القتل والتّصفية الجسدية ، والأدهى التّمثيل بالأجساد وتمزيقها ، لا يمكننا أن نأتي على كل خباياهم بقدر ما نشير إلى أغربها مع غباء في ترويجها .
اللاّعب التّونسي محمد علي عقيد :
يعد محمد علي عقيد أحد نجوم الصفاقسي والمنتخب التّونسي في حقبة السّبعينيات من القرن الماضي وكان من بين المشاركين في المونديال الأول لنسور قرطاج بالأرجنتين عام 1978 واحترف بعدها مباشرة بنادي الرّياض السّعودي. وحسب الرّواية السّعودية توفي محمد علي عقيد في إحدى حصص التّمرين مع فريقه السّعودي عندما إصابته صاعقة في يوم ممطر لكن عائلة اللاّعب التّي استلمت جثمانه في تابوت مغلق ودفن مباشرة في مقبرة بمدينة صفاقس دون حتى الاطلاع عليه لم تكن مقتنعة بتلك الرّواية التّي أسالت الكثير من الجدل آنذاك في تونس وتعتقد انه قد قتل. وبعد ما يقارب 39 فتح قبر اللاّعب الرّاحل محمد علي عقيد وأعيد تشريح الجثة وجاء تقرير الطب الشّرعي صادما لأنه أفاد بأنه الرّاحل توفي رميا بالرّصاص فقد تلقى رصاصات قاتلة على مستوى الرأس والخصر إلى جانب وجود كسور مختلف
المغنية ذكرى التّونسية :
نشر موقع "اليوم السابع، خبراً يعيد التّكهنات حول اغتيال ذكرى بعد قيامها بتسجيل أغنية "من يجرأ يقول"، موضحاً بأن هناك روايات تشير إلى أن هذه الأغنية كانت السّبب الرّئيسي لمقتل الراحلة ذكرى بعد أن أغضبت العديد من الجهات وقد تمّ اطلاق 81 رصاصة عليها . والأغنية تقول :
من يجرا يقول هذا مش معقول .... بنزور ونبكي ع الكعبة وقبر الرسول .... قالولي الدّمعة بتهدد أمن الأسطول
ابكي في صدرك هنينا لا تقلق راحة راعينا ... راعينا حاكم مش حاكم حامي أسطول
من يجرا يقول اخوتنا عن بيت الله منعتنا... قالونا الدّمعة بتهدد أمن الأسطول
ننصحكم حجّوا للبابا والفاتيكان .... أسهل من مكة والكعبة وأكثر أمان .
مكة حاميها حراميها خلي في صدري باقيها
الكاتب الصحفي جمال خاشقجي :
شكلت قصة خاشقجي الحلقة الأسوء في تاريخ الغدر السّعودي حيث مزجت بين الغباء المطلق وبشاعة الجريمة ، حيث عرّت قيم المروءة العربية وأخلاق الشّهامة والكرامة لمّــّا يستدرج الآمن إلى مصرعه في حرمة بلاده ، والأدهى أن يقطع بمنشار ويجتمع عليه في ذلك عصبة القوم ، دون مراعاة لكبر سنه ولا ضعف جسده ، لم يفعلها حتى أبو جهل مع النّبي صلى اللّه عليه وسلم حيث يروي التّاريخ أنّ أبا جهل عندما أراد قتل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال له أحد المشركين : ندخل عليه بيته ونقتله وهو نائم في فراشه . فقال أبو جهل : ثكلتك أمك هل تريد أن يتحدث العرب ويقولون أن أبا الحكم يُرَوِّع بنات محمد .
أين أنتم يا بني سلمان من شهامة و كرامة أبي جهل فقد منعته أخلاقه التيّ استمدها من قومه العرب أن يقتحم البيت، وهي ذات الأخلاق التّي منعته مع عصبته الباغية عن قتل الفتى علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، في ذلك الموقف الأليم بالنسبة لهم حين رأوه نائماً في فراش رسولنا الكريم.
وفوق ذلك يذلّ أولياء دمه من أولاده وزوجه ويساقون قهرا إلى قصر جلاده وتقدم لهم تعزية المذلة والخزي ، أيّ قوم هؤلاء
فالقتل منهج الأنظمة المستبدّة التّي تأخذ الضّحية على حين غرّة تستدرجها إلى حتفها كما تفعل الذئاب بالخراف ، وهي آمنة مطمئنة في سربها لتجد نفسها مقتولة بل منشرة بمنشار موزعة الأشلاء في كل الجهات ، كل جزء منها يشهد أمام اللّه ظلم بني سلمان
الحمد لله على أنّ هناك من يعرف للحق طريقا ويسلك مسالكه ويدعوا إليه ، من علماء الكلمة الحق الذّين يصدحون به
ونسأل الله أن يجعل بلاد الحرمين نجمة في سماء الحرية وشمس في فضاء الدعوة إليه
-
محمد يسين لهلاليأستاذالشّرعيات بالمعهد الوطني لتكوين الإطارات الدّينية