سياسيو المغرب في زمن الحداثة والعولمة،وعبقرية آليات الاتصال والتواصل المتطور جدا،لا يبرعون إلا في استنباط الكلام البراق الرنان المنطوي على مضامين محفوظة،ومحتويات تجترها الألسن في كل مناسبة وحين.فبداهة الفكر الخلاق تعوزهم،وعقدة التشدق المعرفي والادعاء المتعالي تستبد بهم،ولأن الطريق إلى الكراسي ومواقع النفوذ والقرار،لا تستوجب منهم سوى التعبير المنمق السرابي المخادع،فهم يكتفون بالقليل من الجهد والكثير من الكذب والافتراء.فهلا سألوا عن السياسة الحقيقية و الفاعلة أهلها في المغرب العربي ومشرقه إبان عصر النهضة من القرن الماضي كيف كانوا متواضعين في تفوقهم العلمي،ونظرتهم الثاقبة إلى الواقع المعيش وحاجاته،وكيف كانت مواقفهم السياسية المخصبة للمبادرات الإيجابية تذيب المعيقات،وتبدد الأزمات،وتستنهض همم الشعوب العربية ونخوتها.إبحثوا في سجل تاريخهم الحافل بإنجازات قَيمة صنعت عزة العرب وحريتهم،وسيادتهم،عما يوقظ ضمير الإنسان المغربي،ويخرجه من خنوعه وأنانيته،ويجعل ممارسته السياسية خارج دائرة السلبية والببغائية.
فهل يقبل رجال السياسة المغرب المعاصرون التنازل عن غرورهم من أجل التفرغ للبحث السياسي،ودراسة ما أنتجه الفكر الإنساني من نظريات سياسية،وتوظيفها بشكل يفضي إلى حل الإشكاليات العالقة؟وألا يفكر السياسيون والإعلاميون على حد سواء،في الانسلاخ عن لغة الخشب،ومحاولة إقناع الشارع المغربي بأمور لا تمت إلى الواقع بأية صلة،وكأنها مستوحاة من المسلسلات الدرامية؟