إن بيوتنا أحوج للأخلاق منها للأرزاق.... - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

إن بيوتنا أحوج للأخلاق منها للأرزاق....

  نشر في 19 أبريل 2016 .

بداية لا بد لنا أن نعرف الأخلاق لغة و اصطلاحا، الخلق لغة: بسكون اللام أو ضمها: السجية، و الخليقة هي الطبيعة و الخلقة هي الفطرة. سواء كانت خيرا أو شرا. . و أما اصطلاحا: فهو الصورة الباطنة للإنسان و التي يمكن أن تظهر للآخرين بأشكال مختلفة على جوارحه الظاهرة للناس. و عرَّفه ابن المبارك فقال: هو طلاقة الوجه و بذل المعروف و كف الأذى. و قيل: هو صلاح القلب مع صلاح الجوارح. لا يختلف اثنان فيما وصل اليه مجتمعنا من تدني كبير أخلاقيا، في بيوتنا و شوارعنا و مؤسساتنا، من بذاءة لسان، و من بذاءة أفكار، و من بذاءة تعاملات و على كل الأصعدة، إذ اليوم المواطن لا يصبح أو يمسي إلا على شكل رهيب و غريب من الجرائم التي لم نكن في الماضي القريب نسمع بها و ما كانت بمثل هذا الشيوع و الانتشار، و قد كانت من الندرة بحيث لم نكن نوليها اهتمامنا مثلما أصبحت عليه اليوم، حيث جعلت المجتمع كله يتوخى الحذر و الحيطة على نفسه و على عائلته و أولاده... ما ترك رسول الله صلى الله عليه و سلم خيرًا إلا دل أمته عليه، و لا علم شرًا إلا حذر أمته منه، و من جملة الشر الذي حذر النبي صلى الله عليه و سلم منه: سوء الخلق. يقول ابن القيم –رحمه الله – عن منشأ سوء الخلق: "و منشأ جميع الأخلاق السافلة و بناؤها على أربعة أركان: الجهل و الظلم و الشهوة و الغضب. فالجهل يريه الحسن في صورة القبيح، و القبيح في صورة الحسن. و الكمال نقصا و النقص كمالا. و الظلم يحمله على وضع الشيء في غير موضعه فيغضب في موضع الرضا، و يرضى في موضع الغضب، و يجهل في موضع الأناة، و يبخل في موضع البذل و يبذل في موضع البخل، و يحجم في موضع الإقدام، و يقدم في موضع الإحجام، و يلين في موضع الشدة، و يشتد في موضع اللين، و يتواضع في موضع العزة، و يتكبر في موضع التواضع. و الشهوة: تحمله على الحرص و الشح و البخل، و عدم العفة و النهمة و الجشع و الذل و الدناءات كلها. و الغضب يحمله على الكبر و الحقد، و الحسد و العدوان و السفه. و يتركب من بين كل خلقين من هذه الأخلاق: أخلاق مذمومة. و ملاك هذه الأربعة أصلان: إفراط النفس في الضعف، و إفراطها في القوة. فيتولد من إفراطها في الضعف: المهانة و البخل و الخسة و اللؤم و الذل و الحرص و الشح و سفساف الأمور. و يتولد من إفراطها في القوة: الظلم و الغضب و الحدة و الفحش و الطيش. و يتولد من تزاوج أحد الخلقين بالآخر: أولاد غية كثيرون (أي أخلاق سيئة كثيرة). فإن النفس قد تجمع قوة و ضعفا. فيكون صاحبها أجبر الناس إذا قدر، و أذلهم إذا قُهر، ظالم عنوف جبار، فإذا قهر صار أضعف من امرأة. جبانا عن القوي، جريئا على الضعيف. فالأخلاق الذميمة يولد بعضها بعضا، كما أن الأخلاق الحميدة يولد بعضها بعضًا. و إن ما نعاينه اليوم من سوء الأخلاق سببه أن النفوس أصبحت مريضة، فمرض المجتمع لمرضها، و أصبح لزاما على كل هيئة رسمية أن تتصدى لذلك، و تقوم بدورها الأساسي في المجتمع الذي ينتظر منها الكثير كالمدرسة، و جمعيات عامة، و مساجد، و دور سينما، و مسرح ...أين دورهم في حماية هذا النشء الصاعد، الذي تربى على أخبث ما في التكنولوجيا الحديثة، و التي لم يأخذ منها سوى العنف، و الكلمات البذيئة، و كل ما هو ذميم من الأخلاق... لا بد أن يعي أئمتنا أن الجيل القادم لا يحتاج إلى فقه في الصيام و القيام، أكثر مما يحتاج اليه من حسن الخلق...و أن يعي القائمين على دور السينما و المسرح و التلفاز "الإعلام المسموع و المقروء و المريء ككل" و أن هذا الجيل لا يحتاج أن يروح عن نفسه، بقدر ما هو محتاج إلى تقويم أخلاقه و تنزيه للسانه... و أخيرا لا بد أن تتفطن الأم و الأب إلى أن هذا الابن، أو تلك البنت احتياجهم إلى تطهير اللسان، من تلك الألفاظ النابية، و تقويم الأخلاق ككل من كل مرذول شائن، ليعود عليهم ذلك و على مجتمعهم بما يقيـــهم السيئات، و يرتفع بهم في الأخلاق أعلى الدرجات... فنضمن لبيوتنا الاستقرار، و تتطهر شوارعنا من الأوباش و الأشرار، و مؤسساتنا من الانحرافات المقيتة، بذلك نضمن لمجتمعنا الرقي و الازدهار، فنحن اليوم   نحتاج لطيب الأخلاق أكثر من حاجاتنا لفائض الأرزاق.



  • 3

  • أمال السائحي
    لقد صدق من قال "ان القلم أمانة" لنحيي به الفضائل، ونميت به الرذائل، ونغرس مبادئ الحق، والخير، والجمال...
   نشر في 19 أبريل 2016 .

التعليقات

,,, فعلا سيدتي لم تتركي مجالا للتعليق , لكن سبب ما نراه اليوم ليس انتشار التكنولوجيا او سوء استعمالها , انه تقصير واضح جدا من داخل البيوت التي لها الدور الكبير بالتربية و التعليم و المحافظة على الاخلاق , فكل ما نفعله بالخارج هو انعكاس لما تربت عليه نفوسنا , المدارس نعم تعلمنا الكثير , و كذلك المجتمع الذي نعيش فيه يوْثر على سلوكنا و تصرفاتنا , لكن الافضل ان نوْثر في المجتمع بما نحمل من اخلاق و لا نتاْثر به الا بالاشياء الطيبة التي تربينا و نربي ابنائنا عليها , فما ذنب الابناء الا حصاد اهمال الاباء و الامهات , و قد توازي قصيدة ( العلم و الاخلاق ) لشاعر النيل ( حافظ ابراهيم ) مقالكي الكريم هذا و في احد ابياتها يقول ( الاْم مدرسة اذا اعددتها ,,, اعددت شعبا طيب الاعراق ) ,,, لا نقول زمن الاخلاق انتهى و لكن اهله قد رحلوا ,,, تحياتي سيدتي الكريمة
0
أمال السائحي
تحياتي لك استاذنا الفاضل اسماعيل ...شكرا جزيلا لكم ...
ونعم المقال أختي الفاضلة أمال ,, بارك الله فيك وفي قلمك .. استئذنك في نقل جزء من المقال لمنتدياتي على هذا الرابط: http://www.a3zz.net/showthread.php?p=128801#post128801
1
أمال السائحي
شكرا لكم على التعليق ...ولقد رأينا المقال منشورا في المنتدى..
في الصميم، أستاذتنا الفاضلة اختي امال
1

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا