حين ظهرت نتيجة الثانوية العامة واختارت كلية الإعلام رغم رفض جميع أهلي بسبب بعد مسافة جامعتي عن منزلي، إلا أني صممت على تحقيق حلمي في الالتحاق بهذه الكلية وكل ما يدور في خاطري أن الإعلام هو صوت المستضعفين، والإعلام هو وسيلة وصول أصوات المساكين للسلطة والرأي العام، أخذت طموحاتي وأفكاره تتبدل شيئا فشيئا مع اندلاع الثروة والكذب الذي لحق جميع وسائل الإعلام، ثم برحيل مبارك تحول البلطجية إلى ثوار، والعملاء إلى وطنيين ادركت الحقيقة الموجعة، أن الإعلام هو صوت السلطة لا غير.
وحاليا وأنا ابلغ من عمري الرابعة والعشرون، ايقنت اني اكبر مغفلة، ندمت على دراسة اخلاقيات الإعلام، ومهنية الصحفي، ودقة المحرر، كله حديث لا يوجد في أي وسيلة إعلامية مصرية بل وعالمية فهو كلام واهم، الإعلام أداة القمع والكذب والتضليل، الإعلام وظيفته الأساسية تضخيم قضايا، والقضاء على آخرى، والتي تتماشى مع هوى النظام، النظام وفقط.
عملت فترة مراسلة في أحدى الوكالات الأخبارية، ولم استطع أن اكمل في وظيفتي بعد الخذلان الذي يشعر به الناس عندما يلجأون إلي وهم يظنون أن معي العصا السحرية، أو على معرفة شخصية بالوزير الذي سيساعدها في حل مشاكلهم، فكنت أنا القشة التي يحاول الناس التعلق بها، وياه اسمي وهم لا يعرفون أني اغرق معهم في نفس البحر، ولا أملك ما ينجدني.
أكره الإعلام والصحافة والتليفزيون وبرامج التوك شو وصفحات الأخبار على مواقع التواصل الاجتماعي، اكره صور غرق رأس غارب وقصف حلب وحرب غزة وقتلى سيناء، أكره فيديو تعذيب المصري في الكويت، وطحن المواطن المغربي، وياليتني لم أشاهد تلك الصور، حتى عندما يسألني الله عن ماذا قدمت لهم أقول لم أكن أعلم.
أريد العزلة عن كل هذا التضليل والكذب والخداع، لا أريد أن استمع إلى رئيس دولة تنهار اقتصاديا يؤكد لنا أن الأمور تسير في مسارها الصحيح، ولا أشاهد رئيس الدولة الفلسطينية يعانق زوجة رئيس وزراء اسرائيل الراحل في حرارة وعيناه تفيض بالدموع، ولا رئيس أكبر دولة مصدرة للارهاب يحثنا على السلام.
أريد أن تنقطع الكهرباء عن العالم اجمع نعيش بلا أخبار كئيبة تعسة وأجهزة لم تحل إلى منازلنا سوى الخراب.
-
Rahma Daighamلا تتسرع في الحكم علي يا صديقي.. فما زالت أعافر وأتعلم
التعليقات
والذي لا يتماشى مع إراداتنا وطموحاتنا،
ليكن هذا الموقع يا رهام سبيلك ونقطة إنطلاقتك نحو الهدف ،
ففي قلمك إبداع لايوصف ،
وفي عقليتك شغف وطموح وتحدي،
واصلي في الكتابة ، وتحدي العراقيل ، وكوني ذات قلم حر ، وليكن ضميرك وانسانيتك قبل كل شيء،
إلى الامام يا رهومه .. بالتوفيق دوما