أزمة اللجوء السورية - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

أزمة اللجوء السورية

  نشر في 16 غشت 2018 .



أزمة اللجوء السورية التي لم تسمع بها من قبل — ومدى
أهميتها اليوم
بقلم: جوليا افيوني و جون وهبي
ترجمة: إبراهيم عبدالله العلو

مع اضطرار ملايين السوريين لهجر بلادهم يتمتع سليلو المهاجرين الاوائل

بحياة ملؤها الاستيعاب الثقافي والاقتصادي .

أضاف الجدل السياسي والقانوني المستمر حول مرسوم الرئيس دونالد ترامب المعدل والذي يحظر دخول الزوار من 6 دول ذات أغلبية مسلمة إضاءة جديدة لما أصبح أحد أعظم الأحاجي الأخلاقية في زماننا :

ما العمل حيال لاجئي الحرب الأهلية السورية ؟

أجبرت الحرب الأهلية السورية المستعرة منذ عام 2011 أكثر من 5 ملايين سوري على الخروج من بلادهم .

ومع هروب الملايين والمخاطرة بحياتهم في محاولة للعثور على أرض مستقرة صارعت الدول المجاورة وأوروبا والأمريكتين للتعامل مع هذا التدفق غير المسبوق للبشر .

وكثيراً منها أغلقت حدودها بشكل فعلي بينما تبلور القيود الأمريكية الجديدة بطرق محددة نموذجاً أكثر اتساعاً — إذ يتم إسدال ستارة “ هجرة “ حديدية عبر الغرب .

وتسمي منظمة الأمم المتحدة أزمة اللجوء السوري “ الأعظم …منذ أكثر من ربع قرن.”

وفي الوقت ذاته تترسخ أفكار القومية والسياسات المنغلقة على ذاتها في العديد من المجتمعات الغربية من صعود ماري لو بين في فرنسا إلى البريكست وانتخاب تيريزا ماي في المملكة المتحدة .

ورغم أن الولايات المتحدة قبلت اعداداً أكبر نسبياً من اللاجئين المسلمين في العام الأخير لإدارة أوباما فإن ذلك التوجه سيتوقف لامحالة .

قد تبدو أزمة اللجوء السورية خاصية تاريخية كارثية لم يسبق لها مثيل دون أي بارقة أمل على اقتراب الحل .

ولكن ما هو غير معلوم اليوم حقيقة — مدفونة في الحوليات التاريخية — حادثة موازية تطرح طريقاً بديلاً .

في نهاية القرن التاسع عشر غادرت موجة من الفلاحين الناطقين بالعربية سوريا الكبرى بحثا عن الفرص في مكان آخر .

وبرغم مواجهتهم للعقبات في بلدان الوصول اندمج العديد من المهاجرين في المجتمعات المضيفة و قدموا مساهمات جليلة لاقتصادها وثقافتهم الجديدة .

وبعد عقود من الزمن لا يزال سليلو المهاجرين السوريين اللبنانيين — الذين يعملون اليوم في الطب والقانون والسياسة والأعمال عبر المجتمعات في الأمريكيتين — يروون هذا الفصل الضائع من التاريخ والذي يعود إلى الحياة في شكل حكايا العائلة التي تتم مشاركتها فوق مآدب الفلافل والحمص والكفتة ولذائذ عربية أخرى ….

الهجرة الأولى

تدفق في الفترة الواقعة بين عامي 1890 و 1920 ما يقدر ب 360000 مهاجر من المنطقة التي تشمل اليوم سوريا ولبنان وفلسطين واسرائيل والاردن .

(بعد عام 1890 عمم المبشرون والمثقفون وجود منطقة كبرى تسمى “ سورية الكبرى “ ) .

وفي دفق الهجرة المبكرة غادر أكثر من ثلث سكان المنطقة مدفوعين بعدة عوامل :

كانت الامبراطورية العثمانية المثقلة بالديون في طور الانهيار والركود الاقتصادي والجفاف وبالتالي المجاعة التي ضربت المنطقة بقسوة بينما كان العالم على شفا الحرب العالمية الأولى . في ذلك الوقت غادر الناس لأنهم كانوا فقراء يبحثون عن ظروف معيشية أفضل يقول كاظم بيكار من جامعة يلديز التقانية في اسطنبول والذي تمحورت أبحاثه حول التاريخ العثماني ..

وبعكس اليوم ذهب هؤلاء المهاجرين بشكل أساسي إلى الأمريكتين : وشهدت الولايات المتحدة والبرازيل والأرجنتين ودول اخرى وصول عشرات الالوف من السوريين إلى شواطئها وانتشروا عبر مدن رئيسية وبلدات صغيرة في العالم الجديد .

“ نحن هنا منذ زمن طويل وفي الحقيقة نحن جزء من النسيج الذي يشكل هذه البلاد اليوم . “ يقول أكرم خاطر أستاذ التاريخ في جامعة نورث كارولينا .

اتسمت تجارب الشعوب القادمة من البلدان الناطقة بالعربية بالقبول والاحتواء الثقافي بالإضافة إلى التحدي والشك . “ ولاجئو سوريا اليوم هم بالطبع فصل جديد في قوس السرد الطويل .”

مساهمة المهاجرين العرب في الاقتصاديات المزدهرة

حضر الكثير من أفراد الهجرة السورية المبكرة بفكرة جمع المال والعودة إلى الوطن ولكن المطاف انتهى بأكثر من ثلثي اعدادهم بالبقاء في الولايات المتحدة .

وما أن يؤسس افراد العائلة “ الرواد “ أعمالهم حتى يباشرون بإحضار باقي أفراد العائلة .

وأصبحت بداية لنموذج تقليدي من “الهجرة المتسلسلة .”

وبحلول عام 1920 قدر عدد الأشخاص القادمين من أصول سورية-لبنانية –فلسطينية ب 129000 شخص حسب تقديرات البحاثة في مركز مواسي خيرالله لدراسات الشتات اللبناني في جامعة نورث كارولينا .

استقر العرب الأمريكيين في الولايات الشمالية الشرقية مثل نيويورك و ماساشوستس وبنسلفانيا اضافة إلى اوهايو و ميتشيغان وحتى تكساس .

“ كانت الهجرة في ذلك الوقت تتوجه نحو البلاد ذات الاقتصاديات المزدهرة — الولايات المتحدة وكندا والبرازيل وأمثالها — التي كانت بحاجة العمالة .”

تقول جيتا حوراني مديرة مركز أبحاث النزوح اللبناني في جامعة نوتردام في كسروان .لبنان

“ كانت هجرة اللبنانيين والسوريين جزءاً من ظاهرة عالمية تحدث آنذاك حيث وفر ما يسمى “ العالم الجديد “ فرصاً غير موجودة في أوروبا في حينه “

وحسب الخبراء انضم العرب إلى دفق كبير من الأوروبيين الذين كانوا يفرون بدورهم من أحوال اقتصادية متعسرة .

“ كان العرب “ الفوارس الأحرار “ في هذه الهجرة لأن هذه الطرق كانت مؤسسة مسبقاً وكانت السفن تغادر إلى هذه الموانئ الشديدة الأهمية مثل بوينس ايريس وسانتوس ( قرب ساو باولو) ونيويورك وكانوا يستقلون ذات السفن جنباً إلى جنب مع الاوربيين “ تقول سيسيليا بايزا وهي أستاذة في جامعة في البرازيل وتدرس الشتات العربي في أمريكا الجنوبية .

في الأمريكيتين ذهب العديد منهم للعمل في المصانع وبدأ البعض العمل كباعة جوالة وافتتح آخرون اعمالاً صغيرة وهو تقليد تجاري لا يزال يميز بعض العائلات السورية اللبنانية عبر الأمريكتين حتى اليوم.

“ بدا أنهم انجذبوا نحو أماكن محددة ذات السكان الكثر والذين يحتاجون لشراء المواد .” يقول تايلور باند الأستاذ المساعد في الجامعة الأمريكية بالشارقة في دولة الإمارات العربية المتحدة . “ ولذا جمع السوريون واللبنانيون اكثر أموالهم من خلال هذه الانشطة التجارية .”


اتجهت الأجيال اللاحقة نحو المهن وترقت في السلم الاجتماعي.

ربما يكون دليل الحركية الاجتماعية عبر الأمريكيتين قولياً الى حد كبير ولكن المهاجرين السوريين والأشخاص من أصول لبنانية في الولايات المتحدة أفضل تعليماً وأقل بطالةً بالمقارنة مع المولودين في بلدان أجنبية أخرى أو السكان المولودين محلياً.

“امتلك السوريون واللبنانيون حركية اقتصادية واجتماعية أكبر في البرازيل عنها في الولايات المتحدة “ . يقول اوزوالدو تروزي الأستاذ في الجامعة الفيدرالية في ساو كارلوس بالبرازيل.

وفي الولايات المتحدة انضم المهاجرون من سوريا العثمانية إلى موجات هائلة من المهاجرين الأوروبيين مما خفف من تأثيرهم ورؤيتهم الكاملة .

“ في البرازيل تستطيع رؤية تشكيلهم ممارساتنا التجارية وطعامنا وثقافتنا “ يضيف تروزي “ هناك تأثير متبادل “ .

الحرب والتغير المناخي يهددان استقرار المنطقة

لعبت الحرب والتغير المناخي دوراً اساسياً في موجات الهجرة الحاضرة والماضية .

وتشير سيسيليا بايزا الى ان سياسات التحديث في الامبراطورية العثمانية حوالي عام 1908 شملت قواعد جديدة للتجنيد الالزامي مما شجع العديد من العائلات على التسريع بالهجرة الجماعية الجارية .

انخرطت الامبراطورية العثمانية في صراعات داخلية واقليمية عنيفة تطلبت المزيد من الجنود .

“ لهذه الأسباب بدأت العائلات وخاصة المسيحية بإرسال أبنائها حيث يتواجد اقاربهم لتجنب التجنيد العسكري الاجباري “ تقول بايزا “ وهؤلاء الاقارب كانوا أصلا في الأمريكيتين “.

ومما فاقم هذه الفوضى الظروف المناخية المتحولة مع اقتراب الحرب العالمية الأولى “ بدا أنه حصلت حادثة ال نينو مع دنو الحرب “ يقول باند من الجامعة الأمريكية في الشارقة .

لقد خلقت الظروف القاسية وطاعون الجراد المصحوب بحصار عسكري وسياسة التجاهل العثماني مجاعة على اتساع المنطقة وخاصة في جبل لبنان حيث أودت ما سمي “بالمجاعة الكبرى “ بحياة عشرات الآلاف .

ويشير باند “ تقول المصادر ان كمية المحاصيل الضائعة كانت تعادل 40% إلى 60% من الموسم السوري لعام 1915 “.

ومع أن الهجرة توقفت الى حد كبير خلال الحرب العالمية الأولى فقد شجعت الظروف الإقليمية المرعبة على موجات هجرة إضافية مع انتهاء الصراع .

ولكل ذلك صداه اليوم .

كما وثق البحاثة أسهم التغير المناخي على الأغلب بتوفير الظروف الملائمة والتي أدت بدورها إلى اندلاع الحرب الأهلية السورية المعاصرة .

إذ نزح القرويون السوريون بفعل جفاف تاريخي بدأ عام 2007 إلى المدن بأعداد هائلة مما ساهم في الاضطراب السياسي .

ما يقرب من 98% من اللاجئين السوريين الحاليين الذين قبلوا في الولايات المتحدة هم من المسلمين السنة والنسبة مماثلة تقريباً بين 2 مليون لاجئ سوري مسجلين لدى المفوضية العليا للاجئين التابعة لمنظمة الأمم المتحدة .

ولا يشمل التوزع 2.9 مليون لاجئ سوري في تركيا لأنها هي المسؤولة عن تسجيلهم وليست المفوضية

وعلى العكس كان معظم المهاجرين الأوائل من المسيحيين بالرغم من وجود عدد لا بأس به من المسلمين السنة والشيعة .

وهناك دليل متداول على أن المسلمين شكلوا ما بين 8 % إلى 17% من أعداد المهاجرين من سوريا الكبرى ولكن العلماء يعتقدون ان هذه الارقام غير صحيحة .

وحسب خاطر ربما كان ثلث المهاجرين إلى الأرجنتين والمقدر عددهم ما بين 105000 و 136000 انسان كانوا من المسلمين .

ومع أن الدول الحديثة في المنطقة لم تنشأ إلا لاحقاً فإن التعبير الأصلي “ السوري “ ظهر لتمييز المحليين عن السكان العثمانيين والذي حمل معه صورة نمطية تقليدية وعنصرية غالباً “ للتركي الفظيع “ يقول خاطر . ورغبوا بتفادي — مثلاً- تسميتهم خطئاً بالأتراك –تركوس — كما كانوا يدعون غالباً في أمريكا اللاتينية .

“ وبطريقة ساخرة حمل معه نفس التعبير الإزدرائي والخطر والآخر “ — ان شئت — كمسلم كما يحدث اليوم . وهذا بالضبط ما كان عليه التركي في ذلك الوقت — مسلم .”

كانت هذه الصورة النمطية غربية بحسب العلماء وكان لدى بعض المسيحيين علاقات جيدة نسبياً بالسلطات العثمانية في تلك الفترة .

حدود مغلقة

بحسب وزارة الخارجية تم قبول 20000 لاجئ سوري من الصراع الراهن في الولايات المتحدة ودخل أكثرهم خلال العام الأخير لإدارة أوباما .

وبالعكس أصبحت كندا جنة مرحبة -

إذ استقبلت أكثر من 40000 لاجئ سوري حتى الآن واعادت توطين حوالي 25000 — بينما لم تشهد معظم الدول في الأمريكيتين سوى دلف هزيل من اللاجئين السوريين .

وفي غضون ذلك لا يزال أكثر من 90% من اللاجئين السوريين يعيشون في نمط اقامة نصف دائمة في تركيا ولبنان والأردن مع امل ضعيف باللجوء هناك .

وللاتحاد الأوروبي ككل سجل شديد التشابك: باستثناء المانيا ( التي قبلت مع انتهاء عام 2015 أكثر من 115600 لاجئ سوري ) والسويد (اكثر من 52700 ) فان الدول ال 26 المتبقية في الاتحاد الاوربي تعهدت بعدد قليل من اماكن اعادة التوطين — حوالي 0.7% من مجموع اللاجئين المتواجدين في الدول الاساسية المضيفة مثل تركيا والأردن حسب منظمة العفو الدولية .

وتعهدت بعض دول أمريكا اللاتينية بسياسات “ الباب المفتوح “ كما ذكرت ليلي بالوفيت من مركز خيرالله في جامعة نورث كارولينا .

ومع ذلك فان أعداد اللاجئين الكلية التي تم استقبالها ليست كبيرة بالمقارنة مع فداحة المشكلة .

وحسب بيانات المفوضية العليا للاجئين استقيلت البرازيل 2300 لاجئ سوري والارجنتين 300 لاجئ .

إعادة إحياء السرد

إن كان ثمة اخباراً سارة في الأفق فقد تكون في إمكانيات الجيل الحالي من اللاجئين السوريين الواصلين إلى الغرب . يقول خاطر “ يتمتع الأفراد الواصلين إلى أوربا والولايات المتحدة بقدر عال من التعليم :فهم يحملون ميزة أساسية بطرق محددة بمعنى قدرتهم على العمل والاندماج . أما المساوئ فهي عدم وصولهم الى جيوب عرقية .”

ومن الجدير بالذكر انه لم يحصل أي هجمات ارهابية مميتة بعد 11 ايلول من قبل اشخاص من أي دولة من الدول المشمولة بالمرسوم التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترامب .

وفي أية حال يبقى هذا التاريخ المجهول إلى حد كبير مؤثرا وذا صلة عبر العديد من المجتمعات .

وتجذر في تجارب ملايين الأشخاص من جذور عربية او من سوريا الكبرى عبر “ العالم الجديد” واستقرت عائلاتهم هنا على مدى أجيال.

نتيجة اندماجهم في الأمريكتين قبل قرن مضى أصبح المهاجرون العرب رجال أعمال ومحترفين وحتى سياسيين .

إذاً لماذا لا يحدث الشيء ذاته للاجئين السوريين اليوم ؟

تقول بايزا الباحثة في البرازيل “ أعتقد أنه سيكون امراً طيباً ليس استناداً على تاريخ الهجرة السورية بحد ذاتها ولكن بشكل عام لكوننا دولة هجرة واحياءً للسرد لنكون أكثر ترحيباً بالمهاجرين واللاجئين .”

المصدر:

Pacific Standard

March 9 ,2017

The Syrian Migrant Crisis You `ve Never

Heard of — and Why It Maters Today

By: Giulia Afiune and John Wihbe



   نشر في 16 غشت 2018 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا