لا يزال بإمكانك إكمال ذلك المقال - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

لا يزال بإمكانك إكمال ذلك المقال

* من مذكرات كاتبة مشهورة

  نشر في 28 أبريل 2016 .

عندما أرادت عائشة أن تكون أول امرأة من بين نساء الحي تعبر ذلك النهر الصغير سباحة، لم تكن الضفة الأخرى بعيدة للحد الذي تتحطم عنده سفن الرغبات والأحلام، ولكن قارب عائشة تحطم ولم تتمكن من تحقيق حلمها النبيل. كنا نحن متجمهرات عند الشاطئ نهتف لها ونصفق ، ذهبت عائشة بعيدا حين كانت تسبح منتشية مثل سمكة قرش ، ولكنها فجأة توقفت عن السباحة وبدأت تغوص في الماء ، وبسرعة كبيرة قفز إليها عدد من الأولاد وانتشلوها من الماء، وأعيدت عائشة إلى البر حيث كانت مغامرتها قد بدأت.

غطت الحسرة وجه عائشة حين كانت الخيبة ترقص فوق رؤوسنا . منذ تلك الايام الجميلة لم التقى عائشة الطموحة إلا قريبا... عائشة كانت تعرف بالبنت ( الضكرية ) كانت قوية ومتمردة ، يهابها الأولاد قبل البنات. في أوقات اللعب وعندما يصطف الأولاد للتسابق كانت عائشة تقف معهم وتنطلق كالسهم متفوقة عليهم ، فكانت بنيات الحي يغرن من جرأتها ويحسدها الأولاد على قوتها ، لكن الجميع اتفقوا علي حبها.

كنا،عائشة وأنا ، مرة نتسكع خلال زقاق في طرف الحي في وقت متأخر من الليل ، فمر بنا ثلاثة فتيان أشقياء ، حاول احدهم التحرش بنا ولكن عائشة ركلته برجلها حتى سقط ففر رفاقه مبتعدين .

سنوات عديدة مضت على تخرجي من الجامعة وأنا حبيسة منزلي ، لا افعل اى شيئ غير تربية ابني وتنفيذ طلبات زوجي التي لا تنتهي أبدا.

حتى اني لم أكمل ذلك المقال الذي كتبته منذ أعوام خلت وفكرت وقتها في إرساله إلى صحيفة الإشراق لنشره ، شيئا فشيئا تلاشت أحلامي الصحفية بعد زواجي . عندما نلت إجازة الإعلام بمرتبة الشرف من جامعة الخرطوم ، الصرح الذي كان حلما مستحيلا في أيامنا ظننت أن جميع مؤسسات الإعلام في البلاد ستفتح اذرعها واسعة لاحتضاني .

سألتني عائشة عن حالي، فأجبتها باني في أحسن حال والحمد لله ، رغم اني كنت اعلم مقصدها من السؤال .

عائشة الذكية التي لم تحقق حلمها في عبور النهر قالت لي : هل تذكرين ذلك اليوم عندما انهارت قواي ولم استطيع بلوغ الضفة الأخرى رغم انها كانت قريبة جدا . قلت لها : ومن ينسى ذلك الحدث المحفور في ذاكرة الحي .

قالت لي ، وعبارتها تتكثف بالحزن! ما يؤلمني أنني وقتها استسلمت بكل بساطة ولم اكرر المحاولة مرة أخرى ، ومضيت هكذا طيلة حياتي لا افعل شيء، ولا أحسن صنع اى شيء افعله .

عندما أخبرت عائشة بتفاصيل حياتي ، قالت لي :

لن استطيع أنا عبور النهر بعد كل هذه السنين ولكنك لا تزالين تستطيعين إكمال ذلك المقال .....  


  • 7

  • ابراهيم ادم
    انا من السودان مقيم في الامارات - كاتب - مجال القصة والرواية
   نشر في 28 أبريل 2016 .

التعليقات

أؤمن بالنصوص التي تصل إلينا كرسائل من القدر في وقتها المناسب تماما .. وهذا النص أحدها ..فكرة بليغة جميلة وأسلوب سلس وممتع ..أشكرك بعمق
2
ابراهيم ادم
شكرا اختي فاطمة على مرورك الجميل وعباراتك المضيئة ..وعذرا للانقطاع عن المنصة بدواعي السفر والترحال
شكرا لكم استاذنا ...هذا ما لا احبذه في المرأة...
2
ابراهيم ادم
شكرا على مرورك الانيق استاذة أمال
قصة كتبتها منذ فترة طويلة تشجيعا لصديقة عزيزة..مهداة لكن اخواتي اعضاء المنصة
2

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا