حصار دولة قطر يتهدد العرب كلهم بالخطر... - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

حصار دولة قطر يتهدد العرب كلهم بالخطر...

  نشر في 12 يوليوز 2017 .

إن ما يحدث من صراع و شد و جذب بين السعودية و الإمارات و البحرين و مصر من جهة و بين دولة قطر من جهة ثانية بقدر ما هو مؤسف، هو مؤلم و محبط إلى جانب كونه مخيف، أما كونه مؤسفا، فلأنه صراع بين أبناء بيت واحد يعيشون على رقعة جغرافية واحدة، و ما يجمع بينهم أكثر بكثير مما قد يفرق، و لأنه جاء في ظرف بالغ الحساسية، يدعو إلى وحدة الصف لا إلى تمزيقه، خاصة و التحالف يخوض حربا شرسة في اليمن مع الانقلابيّن من الحوثيين و المخلوع علي عبد الله صالح، الذين تمدهم إيران بالمال و السلاح و الدعم السياسي، ليكون لها موطأ قدم في اليمن، مما يسمح لها بتهديد السعودية مباشرة، و هو مؤسف لأنه استدرج دولا شقيقة إلى هذا الصراع و هي لا ناقة لها و لا جمل فيه، مثل الأردن و موريتانيا، و فرض على الدول العربية المستهدفة أصلا، الدخول في صراع سينهك قواها و يشغلها عن مواجهة الأخطار الحقيقية التي تتربص بها، بهذا الصراع الزائف الذي يصمها بالعار، و لا يحقق لها أي مجد أو فخار.

و هو مؤلم لأنه صراع بين أشقاء بعضهم كبار، مع شقيق صغير، ما كان يجب أن يكون، لأن واجب الأخ الكبير أن يحمي أخاه الصغير لا أن يتعسف معه و يتطاول عليه و يرهبه، و حتى لو افترضنا أن هذا الأخ الصغير قد اشتط و تمرد، كان ينبغي أن نستعين عليه بعقلاء القوم، ليناقشوه و يبينوا له خطأه و يبصرونه بعواقب ركوب رأسه و اتباع هواه، لا أن نفرض عليه حصارا لا يفرضه العدو على عدوه.

و هو مؤلم لأنه كشف للغرب و للعرب على حد السواء، أننا لسنا على قلب رجل واحد كما كنا ندعي، و إلا كيف نذهب إليهم لنستجديهم عونهم على حصار من هو محسوب علينا، و منتم إلينا، و أبان للعرب هشاشة ما كنا نعتبره سداة و لحمة بيننا من لغة و دين و تاريخ مشترك.

و هو محبط لأنه عصف بآمال الشباب العربي الطامح إلى وحدة تجمع الشتات، و تسمح بالتصدي للأزمات، و تدارك ما بدر منا من أخطاء فيما تقدم وفات.

و هو محبط لأنه كشف عن قصور الفهم لدى ساستنا و حكامنا، و أنهم لا يفكرون فيما هو أبعد من كراسيهم و عروشهم، في حين كان يفترض فيهم أن يمتد تفكيرهم إلى ما هو أبعد من ذلك، و لو فعلوا لتبين لهم أن قطر بمثابة لبنة في سور الأمة العربية، إن نزعت من مكانها أضعف نزعها السور و أوهنه، و هم بحكم موقعهم من المسؤولية، كان يجدر بهم أن يقدموا مصلحة الأمة، على مصلحة الشّلة و اللّمة.

أما كونه مخيف فلأنه يثير في النفس مخاوف شتى على مستقبل هذه الأمة، التي توالت عليها الأحداث من كل جانب، حتى باتت عاجزة تماما عن التمييز بين ما ينفعها و يضرها، فالشعوب كانت تتوقع من ساسة المنطقة و قادتها، أن يكونوا أكثر حصافة و ينصرف تفكيرهم إلى البحث عن حلول للأزمات التي أطبقت على المنطقة، و المتمثلة في الفتن و الحروب التي شبت فيها، و التي باتت تهدد بتمزيقها و تقسيمها إلى كيانات طائفية و عرقية مجهرية لاحول لها و لا قوة، و لا قدرة لها على نفع صديق أو صد عدو بغيض صفيق، كيانات تبقى رهينة صراع تغذيه العوامل العرقية و الطائفية التي قامت عليها أبد الدهر.

إن النخبة من قادة العرب و ساستهم اليوم أمام مسؤولية تاريخية، لابد لهم أن ينهضوا بها، و هي أن يبادروا لوضع حد لهذا الصراع البغيض، الذي يهدف إلى تمزيق الصف العربي، و أن يتولوا بأنفسهم حسمه، و لا يسمحوا للأجنبي بالتدخل و دس أنفه في شؤوننا سواء أكان ترامب أم غيره، و قد رأينا ماذا حل بالعراق التي غزت الكويت، فاستعين ببوش لنجدة الكويت، فضاعت العراق بل كل المنطقة معها، فلنعد إلى الرشد إذن و نحل مشاكلنا بأنفسنا و لا حاجة لنا بالغير، فإن الغير يقدم مصالحه على مصالحنا، و لنرأب الصدع مع دولة قطر، قبل أن تشتد الأزمة و يستفحل الخطر...

خاصة و هم يعلمون أكثر من غيرهم، أن المستهدف من وراء هذا الصراع المفتعل، إنما هو القضية الفلسطينية، قضية الأمة العربية المركزية، فغاية هذا الصراع هو محاصرة المقاومة الفلسطينية و تجريدها من الدعم و السند حتى تخضع و تستكين، أم ترانا نسينا أن ترامب أعلن في القمة الأخيرة التي حضرها في السعودية، عن تصنيفه لحركة حماس حركة إرهابية، و إذن فإن تخلينا عن دولة قطر، في هذا الحصار الظالم المضروب عليها، هو تخل عن القضية الفلسطينية، و طعن في الظهر للمقاومة المسلحة، فلنختر إذن مع من نقف: مع العدو الغادر اللدود، أو الشقيق الذي يحمي الذمار و يحرس الحدود؟ فلنعي إذن أن حصار قطر يتهدد العرب كلهم بالخطر...

http://www.natharatmouchrika.net/index.php/articles/siyassa/item/3066-2017-06-18-12-45-12




   نشر في 12 يوليوز 2017 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا