قد يعتبرها الكثير على أنها أزمة اندلعت بين شعب وحكومة ، وقد يراها اخرون على أنها نزلة برد عابرة ، وفي كل الأحوال هي مقاطعة أظهرت بعضا من الفساد الذي ما زال يعيش في دهاليز الدولة، ولايستقيم الحديث على نجاحها إلى عند الرضوخ لمطالب شعب شغله الشاغل " طرف ديال الخبز " ، وهذا التعبير منطقي إلى أبعد حد وعميق جدا في دلالاته ، ويحتاج تحليلا دقيقا لكشف أبعاده ، ولكن سطحيا هو تعبير سلس لمعاناة فئة طالها الزيادة في كل شيء إلا في مناصب الشغل والأجور .
فبغض النظر على نتائجها الغير واضحة، مقاطعة منتوجات يراها الشارع المغربي موغلة في الغلاء وأنها تستنزف جيوب المواطن أكثر مما هي مستنزفة، كشفت وجها اخر لصناع القرار داخل هذا الوطن ، وكشفت ضعف بل شلل تام في العملية التواصلية داخل التشكيل الحكومي، وللأسف كل تشكيل حكومي سببه شعب ، وهذا الشعب خان نفسه ومسؤوليته وصوت بالعاطفة والقرابة على أشخاص نعتوه بالمداويخ ، وسلبوه حقه في العيش الكريم ، وللإشارة فقط هناك فرق كبير بين العيش والعيش الكريم ولا حاجة لتوضيح الفرق ، ونحن لم نصل بعد للمستوى الثاني وربما لن نبلغه في ظل الأوظاع الشائكة التي تتربص فيها كل القطاعات ، فالمهرجانات التي تسمع أصواتها لكل الجيران على الخريطة ، يدعمها أشخاص وشركات كانت وستظل سبب من أسباب افقار وتهميش فئة عريضة من الشعب ، وصدقوني لو أن هذه الشركات وهؤلاء الأشخاص طالبو زيادة الدعم أو تخفيض الضرائب لما كانت الحكومة صماء بكماء كما هي عليها اليوم .
وعلى النقيض هناك ، في الضفة الأخرى من البحر، مقاطعة منتوج مقاطعة كاملة لمدة 48 ساعة يعني اجتماعات ماراطونية واستقالات بالجملة احتجاجا واحتراما لمطالب عادلة وفي نفس الوقت اعترافا بالتقصير في أداء الواجب بعيدا على كل أشكال المراوغات والمشاحنات مع الشعب ، وممارسة الديمقراطية ليس كإدعائها .
لذلك ألم يكن من الأفضل أن نسقط تلك المطالبة بربط المسؤولية بالمحاسبة على أنفسنا ؟ ماذا لو ثم مقاطعة تلك الأعمال السياسية على غرار الإنتخابات كيف كان سيكون الحال اليوم ؟
هذا الفعل يحتاج رجال وشباب لا يتراقصون على أنغام أغاني البولماني ولا يعيرون اهتماما لفديو كليب سعيدة شرف على الصحراء القاحلة ، بل رجال وشباب يلامسون معاناة فئات سحقتهم السياسة الإجتماعية وجعلتهم في معزل ومقتل .