في الطريق إلى ما يُدعى بالسلام الداخلي - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

في الطريق إلى ما يُدعى بالسلام الداخلي

هل حقاً من الممكن الوصول إليه ؟!

  نشر في 30 يوليوز 2017  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

عن تلك الراحة التي اجتاحتني بعد طول عناء ، وعن الكثير من الأرق والتفكير، وملاحقة ذاتي لذاتها بالذنوب والأخطاء وعدم قدرتي على تحمل المزيد والمزيد مما يصدر عني ، بعد لحظات قاتمة كدت أتمنى الموت ، وعلى الرغم من أنني مازلت على خلاف مع الحياة ولكن الأمور باتت أقل حدة ، وهذا نتيجة مُرضية بعد كل ما مررت به من صعاب وحروب داخلية و أزمات نفسية ونقاشات قاسية ، كنت دائماً ما أتخذ فيها دور المجني عليها والمذنبة ، فكثيرةُ هي اللحظات التي أصدرت على نفسي الأحكام ظلماً وغدراً وبلا أدلة قاطعة، بعد كل هذا ! أصبحت على وفاق وهدنة مع نفسي ، وهذه أعتبرها من المعجزات التي ربما لم تتكرر كثيراً في آخر سنوات عمري ، أن أشعر وكأنني أسير على الطريق الصحيح الذي حُفر جيداً في مخيلتي ، أتحدى الظروف ، والكسل واليأس ، والحزن المفاجئ لأبدو أمام ذاتي أقوى مما أتوقع و أجمل مما أظن .

ها أنا أحطم بعض الحواجز التي كانت تسد الطريق بيني وبين سعادتي ، السعادة التي كنت أبحث عنها ولم أترك باباً إلا طرقته باحثة عن أي دليل لإيجادها ، متعقبة كل آثارها حتى تأكدت أنها تسكن بداخلي ، وذلك حينما شعرت بخطواتها المختلسة التي كانت تعلن عن وجودها بين الحين والآخر ، أدركت أن الحل كان بين يديّ طوال الوقت ، وأن الأمر كله يكمن في الباطن في أقصى أعماقي ، حيث ترقد معتقداتي عن الأنا و صورتي التي أرسمها لنفسي .

لست وحدي التي تحمل بداخلها صورة سلبية عن ذاتها ، فالكثير منكم يفعل ذلك وينكره إذا ما أتهمه شخص ما بهذا الأمر وواجهه بهذه الحقيقة المرة ، ولكن أول الحلول هي أن ندرك أننا لسنا ما نعمل أو ما نحب ، ولا تعبر عنا بالضرورة علاقاتنا بالآخرين ، ولسنا مجبرين على أن نأخذ كل ما نوصف به على محمل الجد وكأنه حقيقة مرتبطة بنا ، ما يعبر عنا حقاً هو " علاقتنا بذواتنا " ، تلك العلاقة التي لا يمكن أن يحدد معالمها أحد غيرك أو يتحكم بها دون أن تسمح له بذلك ، علاقة يمثلها خيط رفيع يربط بين الرضا والمدح لذاتك أو الإسراف في التحقير والتقليل من شأنها، وبسبب ذلك يسعى الكثير من البشر على إيجاد التوازن بين الكفتين ، أن تقف على الحياد بينهما ، لتشعر بأنك قادر على حمل ذاتك المُتعبة في أحلك الليالي القاسية دون الحاجة إلى كتف لتستند عليه ، أو أن تسير في طريق متعرجة بدون رفيق فقط لأنك تعلم أن هناك قليل من الأمل ينتظرك إذا وصلت إلى النهاية ، فتصبح ذاتك خير معين لك إذا ما تخلى الجميع عنك و حتماً ستعيش هذا على الأقل مرة في العمر ، في هذا الوقت ستشعر بقيمة أن تكون متوازناً ، تملك ما يعينك على المسير ، ويُبقيك صامداً مستقيماً مهما اهتز كل ما هو راسخ في الأسفل .

نسعى لأن نرى أنفسنا في أبهى صورة حينما نرى انعكاسنا في عيون الآخرين ، ونعيش في سباق دائم للوصول إلى تلك الصورة المُحببة لنا ، فنغضب إذا تعقدت الأمور وأصبح من الصعب الحصول على مديح الناس وإعجابهم ، ثم نبتهج من جديد إذا ما فعلنا شيئاً يستحق الثناء ، لتصبح حياتنا ومشاعرنا نتيجة حتمية لما يبعثه لنا العالم من إشارات ورسائل ، وما بين ذلك فإننا معلقين في الهواء ، لا نتحكم في شئ، كالبالون التي سرعان ما تضيع وجهتها إذا لم يستطع صاحبها أن يحكم الإمساك بها.

السعادة المُرجوة حقاً هي أن نتحرر من قوالبنا الصلبة التي صنعناها بإيدينا أو ربما نقلناها نقلاً أعمى عن نماذج أخرى ظناً منا أن النجاح صورة واحدة يجب أن تُطبق حرفياً وأن تتداول بين الناس، غافلين عن حقيقة أن ما يربطنا كبشر هو أنه لا يوجد ما يربطنا حقاً ، فلكل منا تجربته الخاصة في الحياة وظروفه التي تحكم عليه بأن يكون ما هو عليه الآن ، فكان من الممكن أن يتخذ طريقاً أخرى في زمن آخر وفي ظروف مختلفة ، الثابث الوحيد هو التغيير .. قد نعيش ونموت دون أن نصل إلى ما نرسمه دوماً في خيالاتنا ، إلا أن الحياة رسالة لابد من أن يفهمها جميع من يعود إلى سِيرنا بعد أن نموت ، وإلا فلا قيمة لنا إذا لم يذكرنا أحد لفعل عظيم ترك أثراً في العالم ، فبدلاً من التركيز على ما يراه الآخرون في انعكاسنا ، لابد أن نعير أنفسنا المزيد من الاهتمام لما نراه نحن في أنفسنا .. فمن المؤكد أن ثمة شئ يستحق البحث سنراه في أنفسنا لنجد فيه بداية السلام والرحلة الحقيقية التي شقينا في البحث عنها ..  السلام الداخلي الكامن في أن نعيش حياة هادئة بلا ضغوط داخلية ، وبدون أن نحمل أنفسنا ما لا طاقة لنا به من الرغبات المتزايدة لمحاول الحصول على إعجاب الآخرين ، فما أن نتحرر من هذا السجن ، سنجد راحة وهدوء ، لا يملكهما إلا من يعيش يومه كما يريد ويشعر ، دون أن يشغل تفكيره كيف يراه الآخرين أو هل سينتقدون تصرفاته ، ما أن تتحرر من خوفك من النقد و تفكيرك في أن تتبع قالباً محدداً يرضي الناس ، ستجد نفسك على أول طريق السلام الداخلي .. 


  • 5

  • نادين عبد الحميد
    ربما لا أتمكن من الكتابة بالشكل الذي أرجوه لكنني على ثقة أن الكتابة تمكنت مني .. فإنني لا أمارسها فعلاً وإنما أتنفسها هواءً هو المعين لي كي أستمر على قيد الحياة ..
   نشر في 30 يوليوز 2017  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا