في فقه السياسة
حب الوطن وانتخاب البرلمانيين من الإيمان
نشر في 30 أبريل 2017 وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .
في كل مناسبة انتخابية و على شاكلة الملاكمين يحاول أدعياء السياسة ومراهقوها من المرشحين للانتخابات النيابية حصر العامة من البسطاء في زاوية من حلبة حبالها انجازات النائب و مشروعه من اجل التغيير و تحقيق الكثير من الأحلام الوردية التي فاقت ما يسوقه العشاق و مراهقوا الزمن الأخير.
هي حلبة يتلقى فيها الناخب البسيط إضافة لما يعيشه من مصاعب و متاعب يومية لكمات موجعة و ضربات مؤلمة في حب الوطن و في قدرة الأخر على الانجاز و التغيير بمشروع ظاهره هو الرحمة الوحيدة للوطن و باطنه فيه كل عذابات المواطن و هذا ما يجسد في السياسة ما أسميه بالغوغائية الزنديقة.
هم مرشحون بمستويات علمية و ثقافية و نضالية هزيلة و لكنهم أقوياء في الكذب على المواطن و تسول صوته الانتخابي ، في قاعات المقاهي و سفوح المناطق النائية التي تطؤها أقدامهم من أجل الوطن و مستقبله. فيقدمون كنواب سابقين حصيلة عهدتهم السابقة و يقدمون إن كانوا في أول تجربة انتخابية حصيلة عهدتهم اللاحقة حتى قبل الولوج تحت قبة البرلمان و هي الحصيلة نفسها للسابقين و اللاحقين و للنواب جلهم ، هي حصيلة الكذب الجبان، فيما الوطن و المواطن يعانيان الأمرين .
نعم حصيلة لا تتعدى التقاط الصور واسترضاء التنفيذيين و التطاول أمام البسطاء بلقائهم بوزراء أو مدراء و ربما طرح سؤال كتابي أو شفهي يصور كأحد معجزات الزمن الأخير على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي أو في وسائل إعلامية متى استطاعوا إلى ذلك سبيلا.
و أنا أرى كل المرشحين يتسولون في المقاهي و في الأماكن العامة، هل كل هذا من أجل مصلحة الوطن و المواطن و التغيير ، أم أنه من أجل الأجرة و المنصب و المكسب... كم رائعون و طيبون و وطنيون أنتم أيها المرشحون للبرلمان... تسترجع ذاكراتكم و ذاكرات هواتفكم أرقام الغلابى و القرابى، تصلون الرحم و تصلوا صلة من ترونهم تافهين ضائعين من اجل الحصول على أصواتهم و ارتداء لباس البرلماني لبناء مستقبلكم و مستقبل أبنائكم من ضرع الأجرة التي كل شهر منها يعادل عمل سنتين لعامل بأجر قاعدي و 3 سنوات عمل لمتخرج من الجامعة يعمل بعقود ما قبل التشغيل و سنة عمل كاملة لشرطي أو أستاذ التعليم الثانوي.
كم هو معطاء ضرع أجرة شهرية تنتج الكثير من المشتقات : زبدة التقاعد بنفس الأجر و لبن القرض البنكي و سمن العلاقات الدافئة المنتجة .
أنا لن انتخب أيا منكم من اجل تغيير مكانته الاجتماعية ، لأن صوتي ملك لي و لكم الحق ان تقولي اني غير مؤمن بالوطن الذي تؤمنون به ، و أني أكفر بالمستقبل الذي تتحدثون عنه ، لان الوطن لا يعني لكم الا خيراته و المستقبل لكم لا يتعدى مصالحكم.
لن أبرر قراري بحجج قانونية و أقول أن النائب لا دور له لان كل العامة صاروا يعلمون أن النواب اغلبهم من عديمي المستوى و لذلك فلا هم يعرفون ما هو القانون الذي يفترض أنهم مشرعوه و لا الاقتصاد الذي منوط بهم أن ينظموه و لا الرياضة التي أتصور أنهم دأبوا على مشاهدة مباريات كرة قدمها.
و لن اتطرق للجانب القانوني لان الكل يعرف ان اللعبة مغلقة و ان القوانين تحضرها الوزارات و ان لجان المجلس الشعبي الوطني يسيرها ممثلوا الوزارات كما يشاؤون ، لن اتكلم عن تغول السلطة التنفيذية في مواجهة الهيئة التشريعية لانها صارت اشهر من برلمان على عدم.
و لن اتناول أيضا الموضوع من جوانب أخرى لان فيه الكثير من الجروح الغائرة و الاسقام المزمنة و لكني اريد فقط التطرق الى فكرة التغيير التي يرقص اللاهثون وراء أنعام البرلمان على الحانها، لان الجميع يعرف ان البرلمان ليس سلطة تشريعية و انما هو مجرد واجهة تشريعية موجهة للاستهلاك الخارجي.
كما لن أتكلم عن السلطة التشريعية و مهامها و الدور المنوط بها لانكم لا تقرؤون و ان قرأتم خطأ لا تفهمون و ان فهمتم صدفة فانكم اقل من أن تملكوا شجاعة في مستوى اصوات الغلابى التي تعتبرونها امانة لكنكم لا تصونونها الا القلة القليلة منكم.
أنتم الذين تترشحون باسم التغيير ، ماذا ستغيرون ؟ ستحدثون تغييرا ؟ دون أدنى شك نعم.
نعم سيحدث التغيير، و يصير للنائب مكانة اجتماعية و اجرة و قروض و عقارات تشترى هنا و هناك و تقاعد بنفس الاجرة و خليلات و ارقام مسؤوليين عاديين كانجاز كبير و صور و ...و ...و لكن هل ستتغير يوميات المواطن و صورة الوطن.
ألم يأن لهؤلاء ان تعلم عقولهم ان النائب لا سلطة تنفيذية له و انه لا يمكنه انجاز اي شيئ و انه لا يمكنه اتخاذ اي قرار ايا كان نوعه و انه لا تغيير ممن لا قرار له. ألم يأن لهؤلاء ان يعلموا ان العامة التي لا تراها عيونهم الا عندما يستطيعون الى الترشح سبيلا قد بشموا من الكذبة البلقاء ,
أولم يأن لهم أن يدركوا ان العامة يرون انجازاتهم السابقة خمس مرات في العهدة الواحدة من طرح للاسئلة كتلاميذ المدارس الابتدائية و التقاط الصور و الابتسام للعدسات و ارتداء ربطات العنق الجميلة.
ألم يعلم هؤلاء ان الكل صار يعرف ان التغيير الذي يحدث هو تغيير شخصي في حياة النائب و اول هذه التغييرات هو التغير عن المواطن.
ألم يفهم هؤلاء اننا لا نصوت لمن ينال أجرة شهرية ب 400000 دج و تعويضات عن مصاريف الهاتف و السكن و...و قروض بنكية و منحة نهاية الخدمة ب 2600000 دج و تقاعدا بنفس هذه الاجرة.
ألم يأن لكم ان تتوقفوا عن الحديث عن الايادي الخارجية لانكم انتم من يتخفى خلف هذه الفزاعة.
ألا يستحي هؤلاء و اولئك من الطمع أم أن ماء رجولتهم قد جف.