مسيلمة الكذاب يعيش بين أظهرنا: منكروا السنة النبوية - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

مسيلمة الكذاب يعيش بين أظهرنا: منكروا السنة النبوية

  نشر في 10 يناير 2015 .

غالبية المسلمين يسمعون أو يقرؤون عن مسيلمة الكذاب، و يظنون انها شخصية وُجِدت في عهد الرسول و انتهى أمرها بمقتله في معركة اليمامة! .... و الحقيقة أن كل الشخصيات التي وردت في القرآن أو السيرة النبوية، تُعَبِّر عن ظاهرة من ظواهر الشرك أو الكفر أو النفاق أو الدجل الخ.. التي تجدها في كل عصر، ... 

فلما ذكر الله مثلا فرعون: {اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ ، فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ ، وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ ، فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَىٰ ، فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ ، ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَىٰ ، فَحَشَرَ فَنَادَىٰ ، فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ ، فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَىٰ ، إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ}(سورة النازعات).... {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ، وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ، وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ}(سورة القصص)، .. فإن رجالاً و دولاً بخصال فرعون و صفاته من التجبر و التسلط و الاستكبار تجدهم في كل العصور، بما في ذلك عصرنا الحالي! فيذكر لنا الله قصة فرعون ليعتبر بها أولا كل من وسوست له نفسه ليتجبر على الناس و يحارب الله و رسوله، و ليعتبر بها ثانيا كل المستضعفين حتى لا يغتروا بقوة الطغاة و جبروتهم، فيخافونهم و يطيعونهم، و يعينونهم على الكفر و الظلم و الطغيان، فيقول لهم الله إن انتم أطعتم الله و أعرضتم عن الطغاة فإن الله سينصركم عليهم و يُمَكِّن لكم في الارض، يُمَكِّن لكم سلطاناً يُبنى على اساس التمكين لدين الله و ليس لهوى البشر! 

و كذلك مسيلمة الكذاب، و اسمه الاصلي مسلمة بن حبيب الحنفي، و سُمِّي مسيلمة تحقيرا له، و كذاب لادعائه النبوة و الكذب على الله و رسوله، أقول كذلك شأن مسيلمة الكذاب، فهو شخصية تتكرر في كل عصر، و تأخذ بعض أو كل خصال مسيلمة و صفاته، فتدعي النبوة صراحة كما ادعاها مسيلمة زمن الرسول، أو لسان حالها و ليس قولها يدعي النبوة لنفيها -اي الشخصية "المسيلمة"- مثلا خاصياتٍ عن الرسول و تضفيها في المقابل لنفسها؛ أو لإشراك نفسها مع الرسول فيما هو موكل للرسول، حصراً، بتفويض من الله و وحي منه! 

و هذه الحالة الاخيرة تنطبق على من يرفض مثلا سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم، و يستغني عنها في فهم آيات القرآن و أحكامه و تشريعاته، فيقول "عقلي و بس"، "أنا أدرى بفهم الآيات و أحكامها من محمد بن عبد الله"، ... و كأن الوحي ينزل عليه من السماء ليعلمه تأويل الآيات، و خصوصا الظنية الدلالة أو التي تحمل أحكاما بطريقة مجملة غير مفصلة أو مطلقة غير مقيدة الخ... 

فالقرآن، كما قال علي بن ابي طالب رضي الله عنه، حمّال أوجه، و كما قال الله سبحانه {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ}(سورة آل عمران)... ، و مادام القرآن كلام الله، فبداهة وجب الرجوع الى الله، لفهم المعنى أو المعاني التي ضمنها في آياته! 

إذن المسلم بحاجة لإخبارٍ و علم من الله يفسر به آيات القرآن، اي أن الانسان بحاجة الى وحي يفسر الوحي! و الله سبحانه لا ينزل الوحي إلا على رسله، فكان محمد صلى الله عليه و سلم، الذي أوحى الله له القرآن، هو نفسه الذي أوحى الله له معاني آياته و كلفه بتبيان - جزء منها على أقل تقدير-، و هو الجزء العملي، الجزء المتعلق بالأفعال، و بالتالي بالتكليف! و لذلك قال رسول الله في الحديث المرفوع اليه: حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أنبا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَوْفٍ ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَلا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ ، أَلا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ ، أَلا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ ، يَقُولُ : عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلالٍ فَأَحِلُّوهُ ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ ، أَلا لا يَحِلُّ لَكُمْ لَحْمُ الْحِمَارِ الأَهْلِيِّ وَلا كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السَّبُعِ"(رواه الترمذي و ابي داود و ابن ماجة و الدارمي و أحمد و غيرهم). فالرسول يقرر حقيقة جلية هنا، و هي انه أُوتِي وحيا الى جانب وحي القرآن، و هذا الوحي الثاني هي السنة التي تفسر آيات الله و تبين أحكامه التكليفية، فتفصل المجمل، و تقيد المطلق، و تحمل الخاص على العام، و ترجح فهمًا على فهمٍ، و تبين عمليا و تفصيليا كيفية إقامة الاحكام الشرعية. ... 

و الرسول سن في نفس الحديث الذي ذكرناه، و الذي يبين فيه أن السنة وحي، سن حكما شرعيا لم يرد في القرآن، و هو عدم جواز أكل لحم الحمار الاهلي و لحوم الحيوانات ذات الأنياب من السباع، ليبين بطريقة عملية، و دون اي مجال للجدل و النقاش، ان تشريعه من تشريع الله و وجب طاعته! 

و وظيفة البيان هاته الموكلة للرسول بوحي ثاني، وحي السنة، يقرها الله في قرآنه بقوله سبحانه: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ ۙ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}(سورة النحل، 64)، {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}(سورة النحل، 44)، {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ۚ وَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا}(سورة النساء، 105)! .... 

فلما كان العمل بالقرآن و تطبيق أحكامه الشرعية لا يتأتى إلا بسنة الرسول، كانت طاعة رسول الله في سنته و أمره و نهيه بمنزلة طاعة الله، و لذلك يقول الله: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا}(سورة النساء، الآية 80)، و يقول سبحانه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}(سورة الحشر، الاية 7)، و يقول كذلك: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ، صِرَاطِ اللَّهِ}(سورة الشورى، الاية 52)،... فالإنسان مثلا لا يفوض من يسير أعماله دون إعطائه السلطة التامة للقدرة على التنفيذ!... 

و الصحابة رضوان الله عليهم، كانوا مدركين تمام الإدراك لواقع السنة النبوية كمبينة لأحكام القرآن و مفصلة له و واجبة الاتباع، ... و هم رأوا كيف كان الرسول يطبق الاحكام الشرعية و كيف يُنْزل الآيات على الحوادث، و اي آية انزلها على اي حادثة، و كيف فَصَّلَ أحكامها المجملة الخ... و كانوا يأخذون بسنة الرسول على انها وحي، وحي بالمضمون و ليس باللفظ، ... 

و لذلك كان الخلفاء الراشدون حين تُعرض عليهم أمور في الحكم أو القضاء أو الحرب الخ... و لم يجدوا في القرآن حكما صريحا أو لم يعلموه، أو لم يعرفوا كيفية تطبيق الآية على الحادثة، كانوا يسألون الناس من منهم يعرف عن الرسول فعلا أو قولا في حادثةٍ مثل التي هم بصددها أو مشابهة لها! ... 

فمثلا الخليفة عمر بن الخطاب، رغم أنه كانت بين يديه الآية: { قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}(التوبة، الآية 29)، إلا انه لما احتك بالمجوس في أحد الحروب لم يعرف كيف يعمل فيهم لأن آية الجزية لم ترد في حق المجوس و انما اختصت بأهل الكتاب، فقال رضي الله عنه: "ما أدري ما أصنع بهم"، مستفتيا المسلمين، فرد عليه عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: "أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيهم: سنوا بهم سنة أهل الكتاب"! و نفس النهج نهجه عمر بن الخطاب في الحادثة المتعلقة بداء الطاعون، و نهجه الصحابة في حوادث لا تحصى! 

فقد التزم المسلون، و عبر اكثر من 1400 سنة، في فهمهم للآيات، و خصوصا المتعلقة بالتشريع، التزموا بالمأثور عن الرسول و عن الصحابة الذين عاينوا المناطات التي أَنزَل الرسول عليها الآيات، فترى كل التفاسير للآيات لا تخرج عن فهمٍ و شرحٍ وضعت إطاره السنة، فتجد الآية لا تخرج عند المفسرين عن فهم أو فهمين في غالب الأحوال، و إنما كان اهم الاختلاف بين غالبية المفسرين يكمن في طريقة إيصال ذلك الفهم أو تلك المفاهيم المحدودة العدد للآية، و كيفية صياغتها و نوع الأمثلة التي يسيقها كل مفسر لإبراز مناط الآية! ... فلذلك تجد كل المفسرين، رغم اختلاف مناهجهم و أسلوبهم، إلا أن تفاسيرهم لا تخرج عن الفهم الذي تطيقه الآية! .... و مع ذلك فالحيز المحدود لتفسير الآية مازال، و سيبقى الى يوم الدين، يتيح مجالا كبيرا و واسعا لكل مفسر لِيُبدِعَ، فيوظف كُلٌّ طاقاته الأدبية و الإنشائية، أو النحوية و الصرفية الخ ... لِيَحُوم حول التفسير الذي تطيقه الآية، دون الخروج عنه! ... 

أما الآيات المتشابهات، و منها الآيات المتعلقة بالكون و الخلق و المتعلقة بالغيب الخ...، فغالبها لا يعلم تأويلها إلا الله {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ، وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ}(سورة آل عمران)، و أمسك رسول الله على تبيان خفاياها، أو اقتصر بالتلميح لبعض رموزها حسب ما أوتي فيها من علم، أو حسب قدرة الناس على استيعابها، أو لأمر آخر يعلمه الله! ... 

ومن هنا، كما ذكر الطاهر ابن عاشور في التحرير و التنوير، [ .. أمسك السلف عن تأويل المتشابهات، غير الراجعة إلى التشريع ، فقال أبو بكر - رضي الله عنه - : أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إن قلت في كتاب الله بما لا أعلم! وجاء في زمن عمر - رضي الله عنه - رجل إلى المدينة من البصرة ، يقال له صبيغ بن شريك أو ابن عسل التميمي فجعل يسأل الناس عن متشابه القرآن ، وعن أشياء. فأحضره عمر، وضربه ضربا موجعا، وكرر ذلك أياما، فقال: حسبك يا أمير المؤمنين فقد ذهب ما كنت أجد في رأسي، ثم أرجعه إلى البصرة وكتب إلى أبي موسى الأشعري أن يمنع الناس من مخالطته.]اهـ، ... 

فما الذي يضير المسلم مثلا إن لم يستطع فهم معنى {كهيعص} أو {ألم} أو {ألر} الخ... التي افتُتِحت بها بعض السور في القرآن؟ ... و ما الذي يضير المسلم إن لم يستطع فهم آيات الخلق و الكون و الجنة و النار و القيامة الخ ...؟ .... فتلك الآيات لا تترتب عليها أصلا اي أحكامٍ شرعية تكليفية في هذه الحياة الدنيا! ... 

و ما بالك لو أن الله ربما وضع الآيات المتشابهات لُيُنشِّط فقط عملية التفكير و التدبر عند الانسان و هو يقرؤها و يحاول فهمها دون أن يستطيع الإحاطة بها، فتكون رياضة دائمة، غير مملة، للدماغ و العقل -إذ ما لا تدركه النفس لا تضجره، بل و تزيدها إدراكا لعظمة صاحب تلك الأسرار التي استعصى عليه حل ألغازها، و بالتالي يزيد النفس إيمانا بالله و بعظمته-، ... فَيُأهِّله ذلك التمرين الذهني للقدرة على تحليل و فهم ما هو أسهل منه بكثير، ما هو في حيز الإدراك في الحياة الدنيا، و من ثم الإبداع فيه، ... و يزيده ذلك العلو الإيماني الناتج عن التدبر في آيات الله الكونية، يزيده خشوعا لله و استجابة لأوامره ... !؟ 

و كثير من الطاعنين في المأثور من السنة النبوية و في ناقليها دخلوا من باب المتشابهات في القرآن ليعللوا رفضهم للسنة كمرجع لفهم القرآن! فهناك من سخر من بعض تأويلات السلف لبعض الآيات المتشابهات، فقالوا يستحيل أن يكون هذا التأويل أو ذاك صائبا أو الحديث النبوي الذي استند عليه في التأويل صحيحا، لانه يخالف ما توصلت له البشرية اليوم من معرفة عن الكون و الانسان! ... 

و منهم من ادعى أن هناك انتقاء لما وصلنا من السنة، و كأنَّ تحريفا حصل بالسنة أو حذفا لما لم يرق للبعض - و هؤلاء البعض هم غالبا السلاطين الأوائل ابتداء من معاوية و "علمائهم" و بعض الصحابة و التابعين المؤيدين لهم -، فصنع هؤلاء، حسب رأي الطاعنين في السنة، سُنَّةً تفسر فقط ما أرادوا من القرآن و تفسره بالمفهوم الذي يخدمهم، و بالتالي لا ثقة في صحة ما نُسِب عن طريقهم الى الرسول، فلم يبقى إلا القرآن الذي توكل الله بحفظه لنستخرج منه كل الاحكام، و لا يمكن الاعتماد إلا على اللغة العربية و القرآن نفسه لتفسير آيات القرآن، هكذا يدعون !! 

فالقول بتفسير القرآن اعتمادا على اللغة العربية فقط، كون القرآن انزل بلسان عربي، و القول بتفسير القرآن -الآيات المتعلقة بالتشريع- حسب ظروف كل عصر، صاحب مثل هذا القول سيفسر في الاخير القرآن حسب هواه، لانه ما احتمل نَصٌّ اكثر من معنى إلا و سيختار الانسان غالبا المعنى الذي يوافق هواه، بل و سيتأول بكل انواع الخداع اللفظي و الفلسفي المعنى الذي يريده و يريحه، ما لم يضع ضوابط صارمة، غير قابلة للتلاعب، ليُحدَّد على أساسها الراجح من المرجوح من المعاني، ... 

و هذه الضوابط لتحديد معاني الآيات، هي نفسها لا يجوز ترك اختيارها و وضعها للهوى! ... بل يُرْجع الى صاحب النص نفسه، الى الله، ليحدد لنا الضوابط التي على أساسها نفهم مراده من الآيات القرآنية: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}(سورة النساء، الآية 59)، {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}(سورة الشورى، الآية 10)! و الانسان لا يتنازع إلا على ما اختلف رأيهم فيه، و تعارضت أفهامهم له، فكانت هاته الآيات و غيرها هي الضابط الذي وضعه الله لمعرفة مراده من نصوصه: الرجوع الى رسول الله لينقل لهم عن الله مقاصده في الآيات و يبين لهم أحكامه التكليفية الموجبة العمل! ... 

و بالتالي فمن رفض السنة، فانه يعطي بداهة لنفسه التفويض في تبيان وحي القرآن، اي يعطى لنفسه مرتبة النبوة ! ... فهو إذاً يضاهي مسيلمة الكذاب الذي كان يقول: "محمد الاول (اي النبي الاول) و أنا الثاني، ... هو -اي محمد- يؤسس و أنا أبني"! ...

فالذين يرفضون السنة النبوية، و كأنهم يقولون انت يا محمد أسست للاسلام بتبليغ القرآن، لكن اترك لنا نحن تأويل آياته و تفسيرها، اترك لنا نحن بناء الاسلام، نحن نشاركك في نبوة التبيان لما في القرآن! 

{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}(سورة النساء، الآية 115). 




   نشر في 10 يناير 2015 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا