نبش في ذاكرة أمومة.. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

نبش في ذاكرة أمومة..

نبش في ذاكرة أمومة..

  نشر في 24 مارس 2018 .

نبش في ذاكرة أمومة..

هيام فؤاد ضمرة..

ليس علينا مسح غيوم السماء لرؤية ما بعدها فالعالم أكبر وأوسع من إدراك الوصول إلى كل عوالمه، والعلم وصل لأبعاد عميقة، ولله تعالى قدرات هائلة لا يقوى عليها البشر مهما تقدم علمهم وارتفع قدر وجودهم، فسيظلون مجرد مخلوقات ضئيلة في هذا الكون وهذا الخلق الشاسع من عوالم، بعض قليل منه تم سبر غوره، وبعض أكثر من الكثير ما زال طي الخفاء والجهل به لا يستطيع العقل البشري حتى هذه اللحظة معرفة كنهه أو كناه، والروح الانسانية واحدة من ذلك الكثير التي عجز الانسان عن سبر كنها وحالتها، وكل ما في الوجود هو تأكيد لوجود القدرة الربانية العظيمة، وتخليق الانسان هي معجزة ثبوت الإلوهية لرب هو فوق كل الأشياء وما وراءها وأمامها.

لا شك أنَّ إرادة العيش والتناسل الدافع الحقيقي للحياة، لقدرة الانسان على ما منحه اه م من قدرات بشرية على صنع نمطها وسعادته داخلها، وسنن الكون تدعم فيه خاصية حب العيش بالامتداد، خاصة أنه أدرك أنه جزء أساس من هذا الكون وهو قادر على صنع الحياة داخله بالإرادة الربانية أولا وأخيراً

لكن كيف يشعر الانسان بقوة حاجته الاستمرار بالعيش والابقاء على النوع والامتداد بالنسل لدرجة احتماله أقسى الآلام وأشدها خطورة من أجل الانجاب، هناك دوما مشاعر كامنة بالأنثى توهج أحاسيسها نحو غريزة الأمومة، وما الانجذاب بين الذكر والأنثى إلا خدعة لإرادة العيش الخفية التي من شأنها أن تضمن حدوث الحمل وحفظ النوع من خلال التزاوج بينهما بالطرق الشرعية، مما يعني أنّ سنة التخليق تجعل بالانسان قوة كامنة نحو الرغبة الجامحة لاستغلال الطبيعة الغريزية التي تفيد التناسل وهذا يتطابق مع أقوال بعض الفلاسفة كنيتشة على سبيل المثال حيث يقول: "كل شيء في المرأة لغز لكن لهذا اللغز مفتاحاً هو الحمل والولادة، فالرجل بالنسبة للمرأة وسيلة والغاية هي الانجاب وتحقيق الأمومة"

كما تتطابق غريزة الميل مع الشريعة التي تعتبر الزواج عقد لازم، وتكملة دين، وميثاق غليظ، وواجب اجتماعي، وسكن نفسي، وسبيل مودة، ورحمة، حيث يقول الله تعالى في محكم آيته "ومن آياتِهِ أنْ خلقَ لكم مِنْ أنفسِكُم أزوَاجاً لتسكُنوا إليها وجَعَلَ بينكم مَوَدةً ورَحمَةً إنَّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يَتفكَرُون" الروم 2

حين بدأت تظهر عليّ مظاهر الحمل في مرتي الأولى؛ تولد داخلي فرحاً غامراً أنعش روحي وأشعرني بالقيمة الانسانية الكامنة داخلي وتمسكي بتجربة مشاعر الأمومة التي أحملها داخل عقلي الباطن، ومعنى الحياة الجديدة التي تتكون مرحلة في إثر مرحلة حتى يكتمل تخليقها على ما أراده الله لها ولنا بعد الأشهر التسعة المحددة للحمل، وتتعرض الأنثى في هذه المرحلة لتغييرات هرمونية تهيؤها نفسيا وجسدياً لدور الأمومة.. وحين بدأ بطني يأخذ شكل تكوره وشعرت بحركة الجنين داخلي حتى غمرني احساس عظيم ليس كمثله إحساس بأهمية الإنسان الأنثى وقوة عزمها وصبرها وقوة احتمالها وفي كونها الانسان الأعظم التي اختارها الله عن كفاءة لتتحمل دور احتضان تخليق الانسان الذي سيضيف رقماً جديداً إلى تعداد البشرية فوق سطح الأرض، فتهيأت تخليقياً لمدِهِ بمستلزمات التغذية والحياة بما يحقق تطورات النمو التدريجي داخل قوقعته الطبيعية في بُرنسه الغشائي الذي يحتوي على السائل الأمنيوسي الخاص لحماية وجوده.. فسبحان الله مصور الكون وعظمة نظام التخليق البشري الذي يبدأ من لحظة تكون الزيجوت إلى توالي انقسامات الخلية حتى مرحلة وضوح التخليق.

وجدتني مضطرة الاهتمام بنظامي الغذائي والمتابعة الطبية والانتباه لسلامة الحركة وطريقة النوم وحتى استخدام الأزياء المناسبة للتغيرات الطارئة على شكلي، فقد بت مسؤولة عن حياة جديدة تتكون وتأخذ حيزها داخلي، وباتت الصلة التي تربطني بالمخلوق الجديد المتكون داخلي تلزمني اتخاذ ما يلزم لتوفير راحته وراحتي في آن معاً..

وحين فاجأني المخاض في فجر نهار حار الأجواء من أشهر الصيف اللاهبة في دولة الكويت، حين أتتني أولى المغصات منبهة إياي من عمق السُّبات مع أولى بشائر ولادة النور، اعتراني شعور جديد أني أمام تجربة جديدة لولادة حياة ستكون بمثابة اللعبة الجميلة التي ستعبئ علي الوقت والتي سأجعلها شغلي الشاغل ودميتي المفضلة، وأمام قوة التقلصات التي تقاربت زمن وخزاتها وعلت وتيرة تأثيرها الموجع، اتخذت وزوجي قرار الانتقال إلى المشفى، وعبرنا معاً بهو المشفى باتجاه قسم الولادة وأنا أتدرج بخطوات مترددة وبرهبة وحذر وكأني مقبلة على دخول مغارة عميقة تخفي داخلها أشياء مبهمة ومناظر مرعبة ستكون بالنسبة لي بمثابة المفاجأة، أخطو بتحسُّب باتجاه الداخل وعيناي تستكشفان المكان قسماً في إثر قسم، فالتقتني في الممر الطويل ممرضة مبتسمة ترتدي زي الملائكة الأبيض لتسألني باستغراب: ماذا تريدين في هذا الوقت المبكر؟.. ولماذا أنت هنا؟

فأخبرتها أني أشعر بآلام المخاض وأظنني مقبلة على ولادة!

ازدادت ملامح وجهها استغرابا وهي تتساءل بلهجتها المصرية: هل أنتِ حامل؟ أمال مش باين عليك الحمل ازاي؟ ثم أنت صُغيّرة أوي يا حبيبتي هو أنت عمرك كام؟

بدهشة أخبرتها أني في نهايات الشهر التاسع من الحمل وأنَّ الآلام تزورني كل دقيقتين، وأن عمري ثمانية عشرة عاما سأكملها بعد أشهر قليلة

الفضول وحده من جعلها تمسكني من يدي بحنان بالغ وتقودني نحو غرفة الكشف وتشرف بنفسها على الكشف على حالتي، ثم تقول بذات الاستغراب: فعلاً عندك حالة ولادة.. يا الله مش باين عليك الحمل حتى دي بطنك صُغيّرة أوي؟

كانت السعادة بادية على ملامح زوجي الذي كان يمني نفسه بالامتداد الجديد، وأنعشته في الوقت نفسه كلمات الممرضة وهي تحكم بصغر عمر زوجته وهو يدرك أن الفارق العمري بينهما مديدا نوعاً يتجاوز العشر سنوات، وهو ما اعتبره مكسب كبير يُسجل له!

كطير غافل عبرت بصحبة الممرضة بوابة غرفة الولادة المتأرجحة، وأجرت لي على الفور حقنة شرجية على شدة صعوبتها وتحرجي من الموقف لكن مُكرهاً أخاك لا بطل هذه اجراءات ضرورية لا بد منها، وسرعان ما أدركت الحمام وفرغت أمعائي تماما كقنبلة موقوته أتت على ما بالأمعاء من مخزون بقايا الأطعمة الجاهزة أصلاً للطرح، لتبدأ الآلام بتسارع هجماتها مع تزايد قوة التقلصات في تثوير الوجع الذي يكاد يمزق أحشائي وخواصري، قابضة بيد قوية على أسفل ظهري وكأنَّ موج الألم نهر متدفق ينبع منه، ولم أعد لشدة الألم أعرف مصدره وجميع جزئي ما تحت الصدر يعاني ثورة جماعية جنونية ليس من شيء يدرك هولها، وأنا المتكوّر عقلي والمتثوِّر جسدي أنوء تحت هجمات شرسة للوجع.

وانتابني في لحظات سريعة خوف هائل، ففي وحدتي البعيدة عن موطني وتمكن شعور الغربة مني وأنا أواجه لحظة عصيبة لم أكن أتصور هول آلامها وصعوبة احتمالها، وجدتني أقبض بكلتا يدي على خواصري وأتوجه إلى الله ضارعة مستنجدة برحمته، وأطلق عبارات أستنجادي بالله وأردد يا رب أغثني وهون علي يا الله، وكلما اشتدت عليّ التقلصات وحاصرني شعور اقترابي من الموت لا محالة كلما أنطقني الله مستنجدة به بعبارة يا الله يا الله يا الله، فتأتي القابلة على عجل تسألني عن حالي وتعيد عملية الكشف للتأكد من تقدم حالة المخاض، وتقوم بتمسيد البطن برقة لدفع الجنين باتجاه الخارج وهي تسمي بالله، مما هدأ روعي وأسكن نفسي.. لكن هيهات للهدوء أن يزاول عمله والآلام يشتد وطيسها ويعلي من وتيرة زلزلاتها .

ما زاد خوفي وجود امرأة بالغرفة المجاورة في حالة وضع تمارس الصياح بطريقة مرعبة وبأصوات تعبئ كافة أقسام المستشفى وهي تستنجد بأمها تارة وبأختها تارة أخرى ليساعدنها وتلومهم لعدم مجيئهم على عجل من البلاد، ومصطلح البلاد يستخدمه شعب فلسطين قاصدين بها بلادهم الفلسطينية الواقعة تحت نير الاحتلال الصهيوني الغاشم، وكنت أسمع نفس القابلة تقول لها وهي تصفقها على فخذها: احتملي يا ماما أختك التي بجانبك تعاني نفس ما تعانيه ومع ذلك لا تتوقف عن الاستنجاد بالله قولي مثلها يا الله وسيهون الله عليك، فترد المسكينة يا الله ثم تعاود اطلاق صرخاتها المزلزلة حتى حسبتها عن الموت قاب قوسين أو أدنى.

فدبَّ الرعب بأوصالي ورحت انتفض كقطة مبللة بالماء البارد، لكن الأمر مع نفس القابلة كان مختلفاً تماما معي وهي تحفزني قائلة لا تخافي يا ماما أنا معك وسأعتني بك قدر استطاعتي يا صغيرتي.. هل لك أهل هنا فأجبتها بالنفي وقد انفلت شلال دموعي لينساح بصمت وشفاهي تنتفض وكأن ثلج العالم انسكب بي وأردى تماسكي.

وعيناي التي اعتادت استكشاف المكان ظلت ترقب الممرضة وهي تبتعتد عني بصمت نحو منضدة معدنية، وتعود وبيدها قطعة شاش ناصعة البياض، وبكل حنان راحت تجفف ما انساح من دمعي على جانبي وجهي، هذه اليد الحانية الرحيمة والمعاملة الرقيقة شحنتني دفقاً هائلاً من السكينة، سحر القلوب الرحيمة لا يضاهيه سحر على النفس البشرية إنها بلسم الأرواح وغذاؤها الشافي من الاغتراب، إلا أنَّ تقارب التقلصات وشدتها تغلبت على الموقف وهي تمعن بتمزيقها لأحشائي فيما لساني لا ينفك يستنجد بالله، وفجأة شعرت كما لو أني موشكة على التبرّز فأفشيت بذلك إلى القابلة بصوت مذعور طالبة منها أنْ تسمح لي بالذهاب إلى المرحاض وقضاء حاجتي، فجاء صوتها الحنون مؤكداً أنّ الجنين يخرج مني وأنَّ عليّ ألا ألتفت لذلك الشعور لأنه طبيعي وأنَّ أمعائي باتت فارغة تماماً وما من شيء سيخرج، وأنّ عليّ الدفع مع الطلق للأسفل وكأني فعلاً أوشك على التبرز وآخذ الشهيق واخرج الزفير، وما هي إلا ثواني أو دقائق لست متيقنة تماماً منها إلا وأحسست وكأنّ يداً تعبر داخلي وتقبض روحي مني، وران صوتها إلى مسامعي وهي تقول: برافو عليك.. خرج الجنين خرج الجنين.. ثم تواصل اعتصار بطني بطريقة مؤلمة فيما شلال دافئ يتدفق خارجاً مني، وأحسست كما لو أنّ طفلا آخر سيستقبل هذه اللحظة حياة جديدة، وإذا هي الخلاص تخرج مع دفقات دموية كبيرة، وكأنّ القابلة تدير مُنسكباً من السائل بكمية كبيرة، وأحسست لحظتها أني موشكة على فقد وعيي فيما تعقيبها وصل مسامعي وكأنه آت من قاع بئر عميق يخالطه الصدى: يا الله إنَّها بنت جميلة ما شاء الله لا إله إلا الله تبارك الرحمن، فأغمضت عيناي على وهن وغابت بعدها الأصوات عني وعن مداركي.

وعاد إليّ صحوي والممرضة تربِّت على وجنتي وتضمهما بأصبعي الشاهد والإبهام وتديره يمنة ويسرى وهي تقول: يا ماما اصحي أنت قد أتممت الولادة بالسلامة.. اصحي يا حبيبتي.. فأقول لها بصوت ضعيف موهون وأجفاني تكابد ثقلها: أرجوك أتركيني أريد أن أنام أريد أن أنام!.. فتقول: لا لا.. أريدك متيقظة تماما للاطمئنان على أحوالك، لا تخشي شيئا أمورك سارت طبيعية بشكل جيد وستشعرين بعد قليل بالراحة، وتمنيت كما لو أنَّ بي قدرة لأجرؤ على ابعادها عني وأنا أغالب خروجي من وعيي بصعوب بالغة

لكن سرعان ما دبت بي الحياة حين شعرت برائحة عاطرة لإنسان صغير مغلف بالبياض قريباً من أنفاسي فشققت أجفاني عن حدقتين غائمتين كأنما جفني شدا بخيطين أثيرين، وسقطت نظراتي الغائمة على وجه ملائكي صغير جميل الملامح، ورأس صغير محكم الاستدارة يغطيه الزغب الأسود، تستكين ملامحها على غفوة هي الأخرى وكأنها كانت على موعد مسبق مع هذه الحياة التي لا تعلم ما تخبؤه لها، لكن ما أثار حفيظتي أنّ بشرتها تميل للسمرة، فانتفضت مذعورة وصور ما قرأته بالروايات من اختلاط الأطفال الخدَّج وحدوث التبدلات يتمثل أمامي كعمود ملتو ملَّ سواد لونه وقلت باعتراض: هذه ليست ابنتي!

فقهقهت الممرضة وهي تؤكد أنها هي نفسها ولا مجال لأنْ تختلط بالأطفال المولودين اليوم، لأنها المولودة الفتاة الوحيدة بين المواليد الذكور، والاسوارة الجلدية على يدها تحمل اسم والدتها!..

فتأملت وجه الممرضة لأستوعب صدق كلامها وهي التي بدت لي كالأم الرؤوم حين هاجمتني مشاعر اغترابي فاستكان داخلي واستراح بالي، فسألتني باستغراب لماذا قلت هذا؟.. فأجبتها لأنها سمراء البشرة وتعودت بأطفال شقيقاتي بياض البشرة!

فعادت تقهقه ملئ شدقيها وتقول واضح أنك كنت تتوقعينها ببياضك الجميل، لكنه زوجك يا عزيزتي وقد رأيته أسمر البشرة والبنت على لون بشرة أبيها!.. وخرجت وهي لا تتوقف عن الضحك والقهقهه وسمعتها تخبر زميلتها بالنكتة الغريبة قائلة: تصوري أم لا تتوقع أنها قد تنجب طفلاً بلون بشرة زوجها.. حقا هي أم ما زالت طفلة ما زالت بورقة براءتها الأصلية.. الله عليها ما أجملها والله إني جداً أحببتها!.


  • 2

  • hiyam damra
    عضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية
   نشر في 24 مارس 2018 .

التعليقات

Salsabil Djaou منذ 6 سنة
قصة رائعة حقا ،كتاباتك تذكرنا بعمالقة الادب،دمت مبدعة سيدتي الكريمة .
1
hiyam damra
ألف شكر لكرم عبارتك وقد أكرمتيني فعلا برأيك الرائع .. أعذريني غاليتي أن كنت تأخرت بالرد فقد كان الأمر يتعلق بأسباب فنية بجهازي.. تحية تقدير واحترام
Salsabil Djaou
و الله احرجتني بالتبرير فلنا كل الشرف بالقراءة لك سيدتي الكريمة ،ونتعلم من اسلوبك الرائع في الكتابة ، و انت اهل التقدير والكرم ، بالغ احترامي استاذتنا القديرة .

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا