حكم يأبى إستمراره !! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

حكم يأبى إستمراره !!

  نشر في 22 أبريل 2016  وآخر تعديل بتاريخ 07 يوليوز 2023 .



كان يا مكان في سالف العصر والأوان طفلة صغيرة٬ بجمالها وردة متفتحة٬ بنشاطها فراشة محلقة٬ وبحبها للهو والمرح فتاة مشاكسة٬ إسمها نادين٠

ذات يوم جميل مشمس ذهبت معأسرتها أبويها وأختيها التوأم زينة وزهرة٬ في رحلة للغابة المجاورة٬ في الطريق كانت ألسنتهم تنطق بأحلى الكلمات مغنية منشدة وأعينهم كما اللؤلؤ أصبحت٬ وهي تناظر أشجار وأزهار تلك الغابة الجميلة٠

وبعد مشي طويل وصلوا لمكان جميل حطوا فيه٬ فآخذ الأب الحنون والأم الرقيقة يجهزانه للجلوس٬ وهما يراقبان الصغيرتان اللتان كانتا تلعبان٬ وسعادة غامرة جميلة تملأ ضحكاتهما٬ وبطلب من الأم ذهبت نادين لجلب بضع الأغصان لإشعال النيران٬ وفجأة رأت فراشة صغيرة جميلة الأوان تحلق بتألق٬ فأخذت تركض وراءها محاولة إمساكها٬ لكن دون جدوى٬ وبكل حزن و تعاسة و ألم قررت الإستسلام٠

ثم رأت ساقية بها ماء عذب يجري٬ فذهبت لتشرب منها عل التعب و الإرهاق يزولان عنها٬فرأت ثلاث كرات بألوان مختلفة٬ الأولى بيضاء بياض الثلج٬ الثانية حمراء حمرة الدماء٬ والثالثة صفراء صفرة الذهب٬ وبإبتسامة مشرقة حملتهن مع الأغصان عائدة لأسرتها٬ ورغم من أنها أحبتهن حبا جما٬ إلا أنها كانت تحب الأختين أكثر فأكثر٬ فأعطت زينة الحمراء وزهرة الصفراء٬ فغمرتهن مشاعر الأخوة الجميلة٠

ليلا كانت نادين الأخت الحنون تمسك الكرة البيضاء بيديها مغنية٬أغنية جميلة من طفولتها الأجمل٬ لطالما غنتها أمها على مسامعها وهي باكية حزينة وهذه كانت كلماتها:

في غابة حلوة

طارت فراشة حلوة

تغني تقول

أميرة أنا كنت

بحبي الأخر

بقلب ملأه الدفء

فكن مثلي يا صغير

تعش بالفرح مغمورا

و بالأمل مشرقا

و للكل تكن فخرا

كن مثلي أنا أنا أنا

يا صغير يا صغير

فانفجرت الكرة وأصيبت الأسرة بإغماء متعب٬ إلا نادين التي ظهرت لها فراشة تحمل بيديها مسحوقا فضيا غريبا وقالت لها:

(أنا فراشة من بلاد العجائب بلاد الفراش٬ كنت وأختاي حبيسات هذه الكرات٬ فبغنائك تحررت أنا٬ أما هما فسيظلان حبيستين للأبد٬ وأنا سأكون خادمتك رهن إشاراتك و طوع أوامرك٬ فأنت منذ اللحظة جلالة ملكتنا٬ صاحبة عرشنا٬ والحرة في أمرنا)٠

إنحنت للطفلة إجلالا مما أصابها بغرور قاتل، فلم تكترث بأمر الأبوين والأختين، ثم أغمضت عينيها فرشت الفراشة عليها ذلك المسحوق، بعد ثواني معدودات وجدت نفسها في مكان جميل قرب تلك الساقية، وأسراب من الفراش تحلق حولها بفرح وسرور٠

كانت ملكة فاتنة، جمالها لا يوصف، بشعر حرير تتلاعب الرياح به، وفستان جميل أنيق، وزهور متفتحة بين يديها الناعمتين تعلن حكمها، فملكة مملكة الفراش لا تضع التيجان، وإنما تحمل الزهور بيديها فور تنصيبها.

وبعد ثلاثة أيام من الحكم والرفاه والغنى، بدأت مسرات العرش تختفي وتتلاشى أضواءها، فالملكة أصبحت تحلم كل ليلة حلما مزعجا جدا جدا، تتكرر أحداثه أمام عينيها كل يوم، و كأنها تصر في إلحاحها لإيصال رسالة ما لنادين، و هكذا كانت أحداث ذلك الحلم الأليم:

"جبلان متباعدان بعد الأرض عن شمسها، تقف على قمة أحدهما وعائلتها على القمة الأخرى، وفجأة تلتف لتراهم ويروها، وبكل الجهود تحاول ويحاولون الوصول لبعضهم، فإذا بالمسافة تكبر وتتسع وتطول، فتنزل على خدودهم شلالات من الدموع حزنا بما يحل عليهم"

ولم تتحمل ذلك فحكته للفراشة الخادمة، والتي قالت لها:

(يا جلالة الملكة يبدو لي أن الحلم معقد وصعب شرحه، هل لي أن أحضر لجلالتك حكيمة قبيلتنا لتفسره؟)

وردت عليها بسرور:

(نعم نعم أحضريها فهو يؤرقني، وإن لم أفهمه زاد وطال همي)

وبعد ثواني جاءت الحكيمة، وما إن حكته لها الملكة، حتى إحمر وجهها وصارت ترتعش وتفسره بقلق قائلة:

(يا جلالة الملكة، الجبل في المنام هو الحاضر، والمسافة التي تطول هي النسيان، أي أن أهلك نسوك، وإعتبروك حطاما من الماضي، لذا يجب أن تنسيهم كذلك، وتهبي حبك وفؤادك للعرش والحكم مدى الحياة)

ومن كلامها إزدادت الفتاة غرورا وحقدا فقالت:

(سأنام وأحلم ذلك الحلم، فهو يسرني الأن، كنت أشتاق لهم كثيرا، وأفكر فيهم طوال الوقت، لكن هم بادروا بالنكران، والأن دوري لأبادر. وسأقوم في الصباح لأحكمكم. هيا هيا جهزوا لي السرير الملكي)

وما إن خلدت لسباتها، حتى جمعت الحكيمة كل الفراشات فقالت:

(إسمعوا إسمعوا، إن تفسيري للملكة كان إختلاقا و كذبا، أما الحقيقة فهي أن الجبلان أفئدتهم، والمسافة سحر بلادنا وضعف أهل ملكتنا، وبما أن قلبها الصافي يريد العودة إليهم، فغناءها الأغنية السحرية من وراء الشجر يعيدها لديارها، أي موتنا ونهايتنا نحن، لذا يجب أن تنساها نسيانا دائما)

للأسف كانت توقعات الفتاة خاطئة، فلم تهنا بدقيقة واحدة في النوم، لكنها سمعت أصوات همسهم، وإختبأت وراء شجرة عالية تسمع ما يقال، فأخذت تغنيها وتغني وتغني بلا كلل ولا ملل، ومع كل كلمة كانت الفراشات تتجمد الواحدة تلو الأخرى، حتى تجمدن و متن جميعا.

أحست نادين بغثيان مؤلم، وما إن فتحت عينيها، حتى وجدت نفسها على سريرها والكل يتأملونها، وكأنهم أحسوا ببعدها عنهم طوال حكمها لتلك المملكة وفراشها. وهكذا حكت لهم المغامرة بأدق تفاصيلها وأحداثها أثناء نومها.

وفي اليوم التالي إستيقظت باكرا، مفعمة بالنشاط والحيوية ومتجهة للمدرسة، حيث قامت بشجاعة ومثابرة كبيرتين، تحكي الحلم كقصة خرافة وخيال، بعدما كتبتها بحب وحولتها لنص جميل ومتماسك طوال الليل، فكانت أروع المشاركات وأجمل الحكايات.

ومثلما يقال "رب صدفة خير من ألف ميعاد".

          مريم بوزياني


  • 10

  • Meriem Bouziani
    أهلا بكم في صفحتي المتواضعة هذه أتمنى أن تحبوا ما أكتب وتبدوا لي اراءكم ونصائحكم لكتابة أفضل وأكثر تطورا وشكرا ^^.
   نشر في 22 أبريل 2016  وآخر تعديل بتاريخ 07 يوليوز 2023 .

التعليقات

Dallash منذ 5 سنة
روعة
2
Meriem Bouziani
شكرا جزيييييلا لك
Dallash
العفو..تحياتي
اشرقت راضي منذ 7 سنة
جميلة يا مريم
دُمتي مبدعة
2
Meriem Bouziani
حبيبتي شوشو ربنا يخليكي
اهلا بيكي فمقال كلاود استمتعي
بسمة منذ 7 سنة
اعادتني قصتك لطفولتي ،
استمتعت بالقراءة ... انصح الأمهات بقراءة قصصك لطفلاتهن ^-^
مبدعة يامريم .
2
Meriem Bouziani
شكرااااا بسمة و الله ان كلامك اسعدني انا ايضا كنت اقرا هذه القصص الطفولية لقريباتي الصغيرات كن يفرحن بها كثيرا
بسمة
العفو اختي .....وقريباتك محظوظات بك، كون لديهن قاصة مبدعة ^-^
Meriem Bouziani
شكرااا ^^ <3
أنس حمداني منذ 8 سنة
قصة رائعة شكرا لك
2
Meriem Bouziani
عفوا
شكرا لك ايضا على القراءة و التشجيع

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا