سجين أفكاري - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

سجين أفكاري

أحيانا إختيارنا لدواء العزلة يكون هو الداء الحقيقي لنا !

  نشر في 05 ديسمبر 2018 .

لماذا إنطفأنا إلى هذا الحد ؟!

ما الذى يربطنا بالحياة بهذا الشكل الذى يجعلنا نعشق التفاصيل الحزينة

أصبحنا نعشق اللون الأسود و الألوان المشتقة منه ، نجد أنها تمثل ما بداخلنا و نرتاح بالنظر إليها

أصبحنا نستمتع بقراءة الأشياء التى تصف وجعنا و آلامنا ليست تلك التى تحتوى على قضية مجتمعية او كتاب علمى او شيء من هذا القبيل .

أصبحنا في عزلة بإختيارنا من العالم حتى من الأهل


و كأننا قمنا ببناء بيتا جديدا في حجرتنا ليسع تفاصيلنا الحزينة المختزلة بداخلنا ، أصبحنا نكره المشاركة بشتى أنواعها ، نكره التقرب من الناس و مشاركتهم في لحظاتنا ( إذا كنا نمتلك لحظات يمكن أن نشاركها مع أحد من الاساس ! )


أصبحنا كارهين للعالم الواقعى فيبنى عقلنا الباطن عالم في اللاواعى خالى من قيود نظرة المجتمع و الظروف المحيطة لنعيش في فقاعته و ننعزل عن الجميع بعالمنا الخاص المستقل بإكتفاء ذاتى و معنوى .


و لكن ...

ماذا بعد ؟!!

سنظل كما نحن ؟!

سنظل عالقين بتلك الفقاعة التى قررنا العيش بها إلى آخر الأمد ؟

نحن لم نكن سعداء بالعيش في تلك الفقاعة كما توقعنا تذكر ذلك جيدا

تلك الفقاعة التى قمنا ببنائها هى التى كانت بمثابة عازل بيننا و بين الناس و لكن ما إكتشفناه فيما بعد هو أننا سجناء بها و بمعنى أدق

نحن سجناء سعادتنا

لا تتعجب من هذا و كن قادر على مواجهة ذلك


نحن حقا سجناء سعادتنا !

أغلقنا كل الحواس و أحكمنا غلقها بقفل من حديد لنبتعد عن الناس عن التعامل عن العلاقات الإجتماعية كانت او العاطفية ، عن الطموح عن الأهل عن الأرواح التى تتلاقي مع غيرها .

و بالتالى ماذا ؟

إبتعدنا عن الحياة !


لم أعد متعجبة كما كنت من قبل حينما سمعت قول أنه 《 يوجد أموات على قيد الحياة 》 فقط الآن أدركت هذه العبارة ، نحن نعيش كالأموات في الحياة و الأصعب من هذا أن ذلك بإختيارنا ، نحن من نريد قتل الحياة بداخلنا على حساب نماء الموت بنا .


يذكرنى الشاعر إيليا أبو ماضي حينما قال : فَلَا تَقُلْ شَاخَ الزَّمَانُ فَإِنَّهُ لَا يُهَرِّمُ

فالزمن حقا لا يشيب الزمن كما هو بتفاصيله بكل لحظاته و لكن العيب الحقيقي بنا في نظرتنا إليه ، نظرتنا هى التى تشيب ف ربيع عمرها لترى الزمن هو من يشيب باكرا !


و لكن لماذا لم نبدأ من جديد ؟

لماذا لا نقم بهدم تلك السجن الذى قمنا ببناءه و هدم عالمنا الخاص بنا الذى جعلنا في حالة عزلة عن الغير و نكسر حواجز غرفتنا التى قمنا بسجن أرواحنا و مشاعرنا بداخلها بعيدا عن الناس ؟


هل تعلمون ما هى الكارثة الحقيقة في هذا كله ؟

هى أننا قمنا بتبديل العيش بالعقل الباطن عوضا عن العقل الواعى !


و ماذا يعنى العقل الواعى و العقل الباطن هل نحن خلقنا بعقلين ؟!

بالطبع لا لم نخلق بعقلين لقد خلقنا الله بعقل واحد فقط ولكن به سماتين هما العقل الواعى و العقل الباطن 

( اللا واعى ) .


العقل الباطن هو بمثابة جهاز الحاسوب الذى يقوم بتخزين الأفكار و المعتقدات و السلوكيات و تنظيم الذكريات وجمعها داخل هذا الحاسوب ( العقل الباطن ) ، 


أما العقل الواعى فهو المسؤول عن تحويل تلك الأفكار و المعتقدات و الزكريات الموجودة في العقل الباطن إلى حقائق على أرض الواقع ، إذن يمكن القول بأن العقل الواعى هو الأفعال المدروسة من خلال المنطق فهو مسؤول عن كل شيء تقوم بفعله و أنت واعى .


لذلك ما يجعلنا عرضة للإكتئاب و بحالة العزلة التى نحيط بها أنفسنا هى أننا قمنا بإستخدام سمة عقلية واحدة فقط للعيش والإكتفاء بها و هى سمة العقل الباطن ( اللا واعى ) الذى يعيش مع نوستالجيا الزكريات الماضية مع بناء حياة خيالية في أحلام اليقظة بأشخاص خياليون في العقل ، ووصل الحد إلى إكتفاء الشعور باللذة في تلك العالم الوهمى فأصبحت تعيش جثة بلا أفعال و لا روح و لا هاوية في الحياة الواقعية ، 


فقط منعزل في عالمك الخاص بك الذى قررت أنك مكتفي به للعيش بسلام ، ثم تصطدم بحدوث خلل لأنك بالطبع تفعل ما هو ضد الطبيعة الإلهية و هذا الخلل هو بوادر إكتئاب و فقدان اللذة في العيش !


هناك نظرية في علم النفس تقول أن الإنسان إذا قام بالتفكير في شيء و تيقن به كثيرا سوف يحدث له حقا ، هذه النظرية تحمل نواتجها الجانبين السلبي و الإيجابي فإذا كان لديك فكرة سلبية تدور في عقلك كثيرا و تآمن بها و تحاول نماؤها بداخلك ستحدث لك حتما لأن عقلك قام بتصديقها ، و من هنا نتوقف عند تلك النظرية لسؤال يعد هو الفيصل في تلك المرحلة و هو :


كيف نحول الأفكار الموجودة في العقل الباطن ( اللا واعى ) إلى أفكار بناءة و مثمرة ليترجمها العقل الواعى إلى أفعال إيجابية و مبتكرة ؟ ، و بصيغة أخرى كيف نقوم بتحويل أفكارنا السلبية في العقل الباطن إلى أفكار خلاقة لنأتى بها في صورة أفعال إيجابية و ناجحة في العقل الواعى ؟


لذلك المطلوب منا هو كيفية تحويل أفكارنا السلبية الهدامة إلى أفكار جديدة بناءة لأن أفكارنا هى ما تجلب أقدرانا .


ستيفن جونسون يقول أن الفكرة الجديدة هى عبارة عن شبكة من الخلايا العصبية الجديدة التى تتصل بشكل متزامن مع بعضها البعض داخل الدماغ .


و عادة تأتى الأفكار الجديدة من بعض اللمحات و الملاحظات التى نلاحظها طيلة الوقت إذن فا خلق أفكار جديدة لم يكن يتطلب سنوات لفعله بالطبع فهو يمكن حدوثه في بضع دقائق لذلك . 


إذا لاحظنا هذا المبدأ إتخذه العديد من علماء العالم القدامى و المعاصرين في إختراعات عديدة على سبيل المثال :

• ملاحظة نيوتن لسقوط التفاحة هى ما جعلته يتجه لإكتشاف قانون الجاذبية .

• لمحة أرشميدس لإرتفاع منسوب الماء بحوض الإستحمام جعلته يكتشف قانون الطفو .

• جو جيرارد حينما كان عامل يقوم بتنظيف أحذية المارة في الشوارع لاحظ أن البقشيش لم يكن كافيا فتوجه إلى مكانا آخر بجانب حانة ليأتى ببعض الزبائن الثاملون الذين يعطونه بقشيشا أكبر بكثير ! 

لذلك ما أردت قوله هو أن موضوع إنشاء فكرة جديدة يبدأ بالملاحظة .


إذن ما يجب عليك فعله في خطوة تحويل أفكارك السلبية في عقلك الباطن إلى إيجابية هى أنك تلاحظ كل و أى شيء ، تلاحظ التفاصيل من حولك تخرج من فقاعة عالمك الخاص المنعزل و تخرج لعالم الواقع لتكن ملما بأكبر قدر من الملاحظات و اللمحات التى حتما ستبنى في عقلك الباطن أفكارا جديدة تجنى منها العديد من الإبتكارات التى سوف يترجمها عقلك الواعى إلى أفعال مثمرة تجلب لك النجاح ، ليحيطك تلك النجاح بطاقة قوة و ثقة تدفعك إلى العطاء مثلما يقول غاندى : إن القوة لا تأتى من المقدرة الجسدية ولكنها تأتى من الإرادة التى لا تُقهر .


و في رحلة بحثك عن الملاحظة سوف تكتشف شيئا مهما جدا هو أن أساس خلق الملاحظة هو الأشخاص ، لذلك إبتكار فكرة لم يأتى إلا بالتعامل بالمجتمع مع أشخاص عديدة و تكوين علاقات إجتماعية و تخزين تجارب حياتية من قبل أشخاص محيطين بك في عقلك الباطن و معلومات دراسية كانت أو من أشخاص حولك و أمثلة أخرى عديدة .


لذلك ما أردت قوله أن الملاحظة الأهم التى سوف تتوصل إليها في رحلتك هذه هى أن الأشخاص هم أساس النجاح تعلم لماذا ؟

لأن الله خلقنا لنكون معين لبعضنا البعض في الحياة ليس ليعيش كل منا في عزلة عالمه الخاص . 


  • 1

  • jihad elkady
    ضع قليلا من العاطفة على عقلك حتى يلين و قليلا من العقل على قلبك كى يستقيم
   نشر في 05 ديسمبر 2018 .

التعليقات

Osama Hamad منذ 5 سنة
رائع
0
jihad elkady
اشكرك

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا