الرجل و المرأة في الحبكة القصصية - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الرجل و المرأة في الحبكة القصصية

  نشر في 04 ديسمبر 2019 .

يوم إخترت لنفسي مهنة القاصة الروائية باللغة الفرنسية، كان لي هدفين:

الأول التعريف بالإسلام كدين و حضارة لغير المسلمين الناطقين باللغة الفرنسية، و هدفي الثاني كان تقديم أدب قصصي يلتزم بقيمنا الإسلامية لجيل مسلم مفرنس اللسان و الفكر. فقد كان يهمني أن أوصل لهؤلاء رسالة مفادها أنكم أبناء دين عظيم، و أن التوحيد يستلزم حد أدنى من مجاهدة النفس الأمارة بالسوء، و أن اللغة الفرنسية لا تتكلموها إلا بفعل غزو فرنسي همجي لساحل الجزائر المسلمة، التي كانت تحت الحماية العثمانية آنذاك.

طبعا، اعتمدت الحبكة القصصية لأنني اكتشفت بعد قراءة مكثفة لمجموعة كبيرة من القصص و الروايات، أنه ليس هناك أفضل من حكاية لشد إنتباه الآخر و الفوز باهتمامه، و لدينا في القصص القرآني خير دليل على ذلك.

الله عز و جل في حكمته العليا قص علينا قصة سيدنا يوسف عليه السلام بأسلوب قصصي فريد غير قابل للنسخ، و قد تعرّض العلي القدير في قصة يوسف عليه السلام إلى إحدى أهم الخصال البشرية السوية، ألا و هو خُلق العفة، و قد جسّده باقتدار سيدنا يوسف عليه السلام في سيرته، و هذا ما عملت علي تبيانه في كل القصص و الروايات التي كتبتها على مدار أكثر من عشرين سنة.

القصة أو الرواية التي تحفظ قدسية العلاقة بين الرجل و المرأة، كفيلة بأن تنمي لدى أجيال متعاقبة ذلك الحرص الطبيعي على إرضاء الله و تقواه في تعاملها اليومي مع الجنس الآخر. و على خلاف بعض ما تروّج له بعض النفوس الوضيعة بقولها: "لا بد من ملازمة الواقع في الأدب و نقله كما هو بكل آفاته وأمراضه". لست ممن يرتاح لمثل هذا الطرح، لأننا كقاصين و روائيين مطالبين بمعالجة الواقع المنحرف عن شرع الله، عارضين على القراء الكرام نماذج من الاستقامة الأخلاقية التي تحفز كل أحد على مراجعة ذاته و السعي الجاد لإصلاحها، طبعا إن كان يستدعي الأمر ذلك.

لم يؤرقني أمر على مدى سنين متوالية مثل ظاهرة الانحلال الأخلاقي التي أصابت أمتنا في مقتل، نحن نعيش إنحدار رهيب لمكانة العلاقة الشرعية "الزواج" في مجتمعاتنا المسلمة. هذا، و قد تحولت المرأة -إلاّ من رحم ربكم- إلى وسيلة إغواء بامتياز، فقد تنازلت امرأتنا عن عرش العفة لترخص من نفسها، فأصبحت بضاعة كاسدة لا يقبل عليها أحد إلا الفاسقين الفجار.

هل ستعرف هذه الأمة و أحوالها على هذه الشاكلة نهضة حضارية؟ أبدا، و قد حاولت عبر قصصي و عبر نساء بطلات أن أعيد إلى الأذهان ما تكون عليه سيرة المرأة العفيفة، المتشبثة بتعاليم دينها من تقوى و عفة و توكل على الله في فعل الخير، و العمل لنصرة الإسلام.

هكذا كانت "أيام العائد"الفلسطينية، "إيناس كيرفيتش" البوسنية، "ندى قاضي"اليمنية، "ثريا ذكيران خان"الهندية الكاشمرية و "سماشنا"الأفغانية، بطلات قصص و روايات واقعية، فقد كانت كل واحدة وازعها تقوى الله، و ككل البشر عرفن الخوف و التردد و جبروت الشر، و إنتصارهن لأجمل ما فيهن الإيمان التوحيدي، و هذا ما شكل أهم مفصل في القضايا المعروضة على القارئ الكريم.

كان همي ينضج عام بعد عام و في كل تجربة أخوضها على الورق، أشعر بتعاظم مسؤوليتي في ضبط علاقة سامية و مؤسسة، فعلاقة البطل بالبطلة ليس فيها ملامسة و لا صداقة و لا أي شيء يخدش الحياء أو عفتهما. هل نجحت في ذلك؟ القارئ وحده من يحكم، و الأصداء التي تصلني من القراء الكرام حفزت فيّ الرغبة الأكيدة علي المضي قدما في عملي. لربما في بعض أعمالي الروائية قدمت النموذج المثالي الذي يرنو إليه كل إنسان مسلم غير أن مثل هذا النموذج إيجابي بالقدر الذي نريد، و عامل تشجيع و إيحاء لجمهور واسع. فأيا كانت المواضيع المقترحة، تطعيمها ببطولة رجالية و نسوية سوية تكريس لحالة السواء. لاحظ لي البعض أنه أحيانا كثيرة يفوق دور المرأة دور الرجل، و هذا التوجه مني مؤداه قوة شخصية المرأة، و الظروف القاهرة حولها التي تحتم عليها التحرك الفعال و السريع، هذا، و في المقابل تجد الرجل يخطط و يرتب الخطوات التالية، فتصاعد الأحداث بفعل سلوك الاثنين، فمثلا في رواية "وتستمر الحياة في سراييفو..." ظل البطل الكرواتي فرنسيس رايفيك مصرا علي طلبه الزواج من إيناس كيرفيتش، معلنا إستعداده النطق بالشهادتين، وقد أظهرتُ قدرة الإقناع لديه صدقَه.

أميل إلى توطين القوة في ذات المرأة المسلمة، فهذه صفة من صفاتي التي كبرت عليها، و من الصعب أن أتخلى عنها في رسم ملامح بطلاتي.

لست ممن تستخف بالعلاقة الشرعية، و لست منحازة للمرأة، و إن كنت أميل بطبعي إلى بنات جنسي، فالذي طالهن من الظلم و سوء الفهم يستوجب دفاع في مستوى مكانة المرأة في الإسلام.

و يبقى طبعا الحكم الأول و الأخير للقراء الكرام، راجية من الله عز و جل أن يتقبل مني بتواضع شديد، و عرفان عميق، ما يخطه وعيي و موهبتي.


  • 6

  • نظرات مشرقة
    روائية و قاصة باللغة الفرنسية مناضلة حقوق إنسان باحثة و مفكرة حرة
   نشر في 04 ديسمبر 2019 .

التعليقات

Menna Mohamed منذ 4 سنة
احسنتي اختي و يسرني الاطلاع علي ابداعك موفقة
0
نظرات مشرقة
ممنونة لك و إن شاء الله أرسل لك بإنتظام إنتاجي، مع أزكي تحياتي لك...
Menna Mohamed
تسلمي حبيبتي تحياتي
§§§§ منذ 4 سنة
بالتوفيق في مسيرتك الابداعية.
سيكون من دواعي سروري الاطلاع على قصصك التي كتبتها باللغة الفرنسية.
تحياتي لك
2
نظرات مشرقة
جزاكم الله كل خير عني و ها هو رابط إحدي قصصي باللغة الفرنسية
https://www.atramenta.net/lire/samachna/37026
Dallash منذ 4 سنة
احييك من كل قلبي اختي على ما تنشرين ..فعلا على المرأة المسلمة أن تكون قوية بدينها فالله من علينا بالإسلام...وأريد أن اضيف أن الله خلق الرجل والمرأة في اختلاف لاجل التكامل
1
نظرات مشرقة
جزاكم الله كل خير عني و بالفعل العلاقة بين الرجل و المرأة هي علاقة تكامل و ليس مساواة الفجور كما يمليها علينا غرب متكبر ...
Dallash
اعتقد اني سأكتب مقالا بهذا الخصوص قريبا
جزاك الله خيرا

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا