الظباء والفيلة
بقلم ذ محمد خلوقي
نشر في 04 يونيو 2018 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
بداية الحكاية
جرت مياه الوادي متدفقة في نشاطها الانسيابي المعهود ، تعزف لحن الجمال بخريرها المتناغم ، غير آبهة بما يصادفها من عراقل الحصى وحواجز الرمل .. وعلى طول جنبات الوادي استرخى السهل العاشق نشوانا و متلذذا بتلك النغمات الجذابة قبل ان يبيح جسده مطلقا لفيض الوادي وتدفقه ، وما ان ارسلت الشمس اشعتها لتوثق عقد القران بين المحبين ، حتى اعشوشب السهل من حبيبه نجما طريا وأزهرت اشجاره ونور نبته ، و بدت ملامح العشق النقي على خدوده التي توردت بشقائق النعمان والبلسم والاقحوان. وفوق هذا الفضاء الخصب والخلاب تعايش قطيع من الغزلان وتجمعوا في وئام وسلام يرعون وسط تلك المروج الخضراء ويشربون من ماء واديها العذب الرقراق ،ويتفيأون باشجارها ، وفي يوم من ايام الربيع ، بينما بعض ارشاء الظباء يلعبون ويلهون بجوار امهاتهم اذا بهم ينتبهون لخشخشة غريبة تحت اوراق يابسة فاثارث فضولهم، تتبعوا مصدر الصوت فاذا بهم يكتشفون ان الامر يتعلق بحركة عشرة فئران صغيرة الحجم متسخة وهزيلة ، انهكها البحث عن قوت يسد جوعها، فرقت الارشاء البريئة من حال الفئران ، وتوجهوا فورا الى امهاتهم طالبين منهن تقديم العون لمساعدة هذه الفئران المشردة ، وبالفعل لم تتردد الظباء الكريمة والاصيلة في خفض و بسط ضروعها وإرضاع الفئران العشرة من حصة حليب ابنائها ..واستمر الوضع لزمن طويل ، بدات معه اثر النعمة على الفئران العشرة التى صارت اجسادها تكبر وتتضخم بطريقة متسارعة ، الى ان تحولت معها في ظرف قياسي وبطريقة غريبة الى دغافل ثم فيلة ضخمة ، لها خراطيم طويلة ، ومناسم وانياب ، واستقوت الفيلة واستضعفت قطيع الغزلان ، بل راحت تمتص ، عن بعد ، بخراطيمها البشعة ضروع الظباء بشكل جشع وشره ، دون ان تترك لصغار الظباء الا أوعية من جلود متهدلة وفارغة ومنهوكة ، تتقاطر دما من اثر سُعُر المص والعض والنهب . وتفاجأت الظباء حين اكتشفت ان صغارها لا تكبر وان هزالها في تزايد ، ولم تعد تقو على الحركة بل ان جزءا منها قتله اليأس ،وجزء اخر قدمت له بعض الاعشاب المخدرة والسامة من طرف الفيلة الذين خططوا بدهاء للتخلص من صغار الغزلان .
وبعد صبر وتحمل دون نتيجة ، اتفق القطيع ان يرفع تظلمه الى الاسد ، وكان القرار هو المسير الى حيث عرينه طامعين في. ايجاد حل لهذا الاستقواء المذل ..وحين وصلوا وجدوا المكان محاصر ا بابقار وحشية ، لها قرون كالنبال ، وفوقهم تحوم غربان سوداء .. واستفسروا الامر فقيل لهم انهم حراس الاسد .. وما عليهم الا. الانتظار حنى يحضر الفيل الاكبر باعتباره حارسه وحاجبه الشخصي ليستأذن لهم بالدخول ،وحين دخلوا عليه وجدوا بمجلسه ثعلبا وحمارا وفأرا و مجموعة من الفيلة الضخمة تحيط بالاسد ، وعلموا انهم يشكلون كبار مستشاريه وحراسه الاوفياء ،فتأكدوا بعد الذي شاهدوه أن لا جدوى من رفع تظلمهم ..
ورجعوا خائبين وعازمين ان يجدوا حلا لمأساة نهب حليب الظباء، وقتل الارشاء .
ولازال التفكير في الحل جاريا الى حدود هذا الزمان .
ولازال معه الحلب والمص والعض متواصلا بالمكان.