خلال كل سنة يطلق معهد الفضاء المدني دورات تكوينية لانتاج و تبادل و تقاسم المعرفة لفائدة نشطاء منظمات المجتمع المدني في دول شمال افريقيا و الشرق الاوسط في مجالات متنوعة و مختلفة خاصة ما يتعلق بالنشاركة المجتمعية و المدنية و تعزيز الديمقراطية و الحكامة المحلية من اجل تعزيز قدرة ورؤية واستدامة منظمات المجتمع المدني. و قد اطلق خلال هذه السنة برنامجا جديدا و فريدا من نوعه سواء في المضمون او الشكل او طريقة التنفيذ، اطلق عليه اسم " برنامج تحدي عشر اسابيع للمشاركة المدنية " و هو عبارة عن برنامج تحدي بين مجموعات مكونة من نشطاء المجتمع المدني في الدول المشاركة في الجولة الاولى من هذا البرنامج قصد اختيار قضية مجتمعية يتم خلالها تطبيق نهج النتائج السريعة من طرف اصحاب المصلحة من اجل معالجة تلك القضية معتمدين على مواردهم و قدراتهم و خلال عشرة اسابيع.

تميز هذا البرنامج الذي اتيحت لي فرصة المشاركة فيه كقائد لمجموعتين من المملكة المغربية لم تتمكن احداها من مجاراة سرعة الاشتغال في حين تمكنت الثانية من ربح الرهان و اختيار قضية من اكبر القضايا التي تهم الديمقراطية التشاركية و علاقتها بهيئة المساواة و تكافؤ الفرص و مقاربة النوع من اجل تفعيل ادوارها الدستورية و القانونية في علاقة اعضائها  بالجماعات الترابية.

لان اي تغيير يحتاج لقوة و طاقة اكبر و التفكير خارج الصندوق من اجل الخروج من منطقة الامان والراحة و تقبل تبني مقاربات جديدة تهم مواكبة المواطن و اصحاب المصلحة لحل قضاياتهم و مشاكلهم بانفسهم، عوض تقديم الخدمات بالطريقة التقليدية التي اعتادت منظمات المجتمع المدني الاشتغال بها في علاقتها بالسكان و كل اصحاب المصلحة، فقد كان هذا البرنامج بمثابة تحد في حد ذاته لاختيار القضية و تحديد الانشطة و اصحاب المصلحة و كذلك الاشتغال عن بعد خاصة و ان الامر تعلق بتنزيل المشروع في اربع جهات من الجهات الاثنا عشر للمملكة المغربية في مرحلة اولى يتم بعدها توسيع النطاق لتشمل باقي الجهات. كانت تجربة هذا المساق نوعية لا من حيث المضمون و الطريقة التي تم اتباعها في الاشتغال و اعماد مقاربة المواكبة و التتبع و التواصل مع اصحاب المصلحة من جهة و مع المشاركين في المجموعة قصد الوصول الى نتيجة ايجابية و انتاج دليل يهم كيفية تفعيل ادوار هيئة المساواة و تكافؤ الفرص و مقاربة النوع يساهم في تقديم مجموعة من المشاكل التي تواجه اعضاء الهيئات خلال اشتغالهم و كذلك مجموعة من الحلول التي يمكنها مساعدة اصحاب المصلحة من اجل تفعيل ادوار الهيئة خاصة المنتخبين و منظمات المجتمع المدني و كذلك موظفي الجماعات الترابية. كما ان هذه التجربة و المشاركة النوعية في هذا المساق اتاحت لي فرصة التواصل المباشر مع اصحاب المصلحة من رؤساء ماعات ترابية و فاعلين في منظمات المجتمع المدني و تصوير محتويات رقمية حول الهيئة و ادوارها و مقترحات واقعية مبنية على تجاربهم و خبراتهم لتعزيز الديمقراطية التشاركية كما جاء بها دستور 2011 و القوانين التنظيمية للجماعات الترابية.

ان تطبيق نهج النتائج السريعة على اي قضية يحتاج لفهم كبير لاساسيات الاشتغال بهذا النهج و تعبئة الموارد البشرية و اعداج خطط لكل مرحلة تتيح التقييم و التتبع و التقويم كلما دعت الضرورة الى ذلك في اطار فريق عمل يضمن مشاركة كل اعضائه و يتيح لكل فئة و كل مستوى ابداء الرأي و معرفة المنتوج النهائي الذي يريدون انتاجه. هذا النهج الجديد و الفريد من نوعه قد يكون بمثابة طوق نجاة لمنظمات المجتمع المدني لتحقيق تنمية بشرية اساسها الاشتغال بالموارد الذاتية للمجتمعات المحلية، خاصة و ان هذه المنظمات تعاني اصلا من قلة الموارد المالية و الحصول على التمويلات الضرورية لتقديم الخدمات في ضل هيمنة القطاع الخاص ة سيادة البيروقراطية في العديد من الدول.

يمكن القول بان المشاركة في برامج معهد الفضاء المدني هي المساهمة في انتاج و تبادل المعرفة التي تهم منظمات المجتمع المدني من اجل تجديد و تكوير آليات اشتغالها و مسايرتها للمقاربات الجديدة التي يمكن الاستفادة منها لحل القضايا المجتمعية اعتمادا على تأهيل العنصر البشري و تعبئة كل اصحاب المصلحة في حل اي مشكلة و قضية.

محمد زني رائد معهد الفضاء المدني