علبة الحظ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

علبة الحظ

  نشر في 19 فبراير 2019  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

يترائي الي عيون المجتمعين آتوا من كل حدب و صوب.. اصطفوا صفوفآ عرضية بين جالسين علي المقاعد الخشبية و مستندين ظهورهم الي الاشجار.. 

وسط الحاضرين تتجه جموع الانظار اليه ترتسم ضحكة صفراء علي وجنتيه مصطنعة تبهج الحاضرين.. بات عليه ان يصطنع حركات بهالوانية حتي يدخل البسمة الي الحاضرين.. 

وجهه الملطخ بمساحيق التجميل التي اصطنعت شكل المهرج المضحك باتت تضحك الاطفال الذين شبهونه بالايس كريم.. حركات يديه بالتلويح و الاشارة الي الصبية آلت قلوب الاطفال بالضحكات و الصفير.. 

لم يكن يدر جموع الحاضرين ان هذا الوجه الملطخ بالمساحيق المبتسم دائمآ يحوي ورائه وجه اخر... 

بات أاخر الليل و آل عليه ان يغادر في الظلمات..  رحل جموع الحاضرين بين ضاحكين وواعدين بالعودة مرة اخري اما هو فباتت عليه ان يأت الي حياة مختلفة تمامآ.. 

يسير بين ظلمات الطرقات بات عليه ان يسلك طريقآ زراعيآ خاويآ من الناس..  لم يكن يدر اين يذهب و حتمآ بات بلا مآوي.. 

يبصر انعكاس وجهه ببحيرة الماء يحدث نفسه ساخرآ - ايها الوجه المبتسم العابث ليت الناس يدرون ما تواريه..  - 

باتت تراقبه بعيونها البنية الامعة في الظلام..  و كأنها قد شعرت بنوعآ من الشفقة نحو ذلك المهرج المسكين.. او ربما لانها قابلت بائسآ مثلها تمامآ فاجتمع الرققاء  البؤساء.. 

 حفنة من المياه الفضية تلقيها المرأة بابتسامه باهتة علي وجنتيها لتلقي وجهه المبتسم البائس في آن واحد.. 

ينظر اليها باستغراب ليري ماذا تريد تلك المرأة الغريبة المجهولة في آن واحد..  لفت انتباهه عيونها البائسة التي بدت تعبر عن الامآ عدة.. هالها بسؤاله المباغت: 

من انتي ايتها الغريبة و ماذا تريدين من مهرج بائس مثلي؟... 

لست وحدك..  انا بائسة مثلك..  ما رأيك ان نآوي الي الطرقات سويآ و ليحك كل منا ما لديه.. 

بالفعل انا في حاجة الي رفيق القي اليه همي البائس..  انا - اياد - و انت؟.. 

جمانة..  اهلا بك يا - اياد - 

يسيران معآ في الطرقات و قد التقت الهموم في آن واحد..  ينظر - اياد - الي حفنات الرمال حزينآ و هو يواري وجهه البائس ثم يسرح بخياله بعيدآ ليولج في سرد حكايته و - جمانة - تتابعه باهتمام: 

الحياة لا تآوي دائمآ كما نريد.. منذ ان وعت عيني علي ظلمات الحياة..  و انا شريدآ في الطرقات.. امتهنت عمل المهرجين الوث وجهي بمساحيق التجميل و اتصنع بعض الحركات البهلوانية في الطرقات مقابل بضعة عملت نقدية لا تكفي لسد رمقي.. و اوزع الضحكات بين القلوب و الاطفال بينما انا حزينآ بائسآ آبيآ الضحك ان يأتي الي.. انام ليلي بين الطرقات و الأرصفة فليس لمثلي من البؤساء ان يحظي بمنزل بسيط... 

البؤس ليس رفيقك وحدك يا - اياد - اما انا فلي ايضآ قصتي المؤلمة..  فانا وعيت عيني علي الدنيا خادمة في المنازل.. اتكسب يومي من العمل بين المنازل..  ترمقني السيدات بنظرات الاستعلاء..  و يرمي الي بقتات الطعام البالي الذي اتناوله اخر الليل وحيدة في الطرقات..  بعدما اكون انتهيت من العمل اليومي في تنظيف المنازل..  اذكر جيدآ تلك الزريبة التي آل بها الابقار و الماعز كنت انام الي جوار ارض طينية سوداء و عيناي تراقب الابقار و الماعز و اصحوا صباحآ علي عصا  صاحبة الزريبة التي تهوي بها عليا كلما رأيتني نائمة في الزريبة..  

تهاوت قلوب البشر من الرحمة و الانسانية يا - جمانة - يبدوا ان ليس للبوءساء امثالنا الحق في الحياة.. 

انظر تلك العجوز تبدوا بائسة مثلنا هيا نرافقها.. 

تقترب منهم العجوز البائسة و هي تحمل علبة عاجية صغيرة و ابتسامة مرة ترتسم وجنتيها: 

اتجلسون معي علي الرصيف يا اولادي هل من رفقاء.. 

طبعآ يا والدتي تعالي يا - جمانة -

علي اعتاب الرصيف يآوي جميعهم تجمعت ارواحهم علي البؤس.. تنظر اليهم العجوز و قد فهمت كل شئ دون اجابة تفتح علبتها العاجية ثم تنظر اليهم قائلة: 

اقتنيت هذه العلبة العاجية عن امي رحمها الله روت لي في صغري ان هذه العلبة تجلب لنا الحظ و السعادة..  فقط تتمني امنية و تتنتظر تحقيقها.. 

تبدو مجرد تميمة لا اصدق تلك الخزعبلات يا والدتي.. 

فعلآ يا - اياد - لا اظن كلام العجوز الا ترهات.. 

فهمتني خطأ يا ولدي لم اقصد ابدآ انها تميمة حاشا لله النافع و الضار هو الله وحده..  انا اقصد ان هذه العلبة تحمل طاقة ايجابية عالية و هي التي تحفزك علي تحقيق امنياتك.. 

هل من شرح اكثر يا امي.. 

حسنآ افتح العلبة يا - اياد - ماذا تري.. 

مجرد مرآة.. 

و من تبصره في المرآه؟.. 

انعكاس صورة نفسي.. 

هكذا قصدت يا - اياد - ستري نفسك في المرآة انظر اليها جيدآ و فكر من انت؟  و ماذا تهوي ان تكون؟... 

تشدد - جمانة - علي كفي المرأة العجوز لذلت عبارتها عالقة بقلبها تختلس النظر الي المرآة خفية و هي تمني قلبها الصغير من تكوني ايتها الصبية الصغيرة.. 

عيونه العسلية تراقب المرآة بتمعن.. و هو يتابع وجهه الابيض جيدآ تعلق روحه في خاطرة الاحلام.. تنظر اليهم العجوز ضاحكة..ثم تربت علي كتفي - جمانة -: 

امضيت عمري و انا ابحث من انا و ماذا اريد و لم اصل الي جواب..  لا تتعجبوا يا صغاري.. يومآ ما قد تبتسم تلك الاحلام عندما تدرون من انتم... 

ما يدريني يا امي هل حقآ تلك المرأة التي ابصرها في المرآة هي انا..  اكاد اشعر ان لكلا الناس وجوهآ عدة. حتي باتوا لا يدرون انفسهم.. 

لسنا مضطرين دائمآ يا - جمانة - الا نواري وجوهآ لا نريد الناس ان تدر عنها امرآ.. 

لماذا يا - اياد - لم اعد احتمل و ما لنا بالناس. لسنا ملزمين بارضاوءهم.. 

كما ترين انا اضحك و اعبث في وجه الناس و انا لست كذلك.. 

فلنمحي اذن تلك الوجوه الكاذبة لعل الصدق يبقي اسيرآ نفوسنا.. 

كلا البشر هكذا يا بنيتي ليس كل من تريه سعيدآ هو هكذآ.. 

لست زائفة يا امي.. ساظل ابحث عن نفسي حتي اجدها يومآ ما.. 

انتظريني - جمانة - ساكون معك اينما كنتي..  فالقلوب الطاهرة تتلاقي.. 

الان وصلت فكرتي يا بنيتي خذي الحكمة من العجائز.. 

يقتربا منها و ابتسامة ترافقهم جميعآ تنظرواليها - جمانة - و هي تربت علي كتفيها: 

من الان سنراكي امنا الحنونة التي ترافقنا في رحلة البحث عن انفسنا.. 

علي اعتاب النهر  و الحشائش يطيب مسلكهم بخطاهم السائرة عيونهم تراقب المياه الجارية و انعكاس قمر بدر صغير آل في النهر يترائي الي قلوبهم بنقائه الشفاف.. ذلك النقاء و الشفافية التي يوارونها في انفسهم. لعلها تترائي للعيان .







  • Menna Mohamed
    كن في الحياة كعابر سبيل و اترك ورائك كل اثر جميل فما نحن في الدنيا سوي ضيوف و ما علي الضيف الا الرحيل الامام علي بن ابي طالب
   نشر في 19 فبراير 2019  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا