* غُرُوبٌ بِلَوْنِ الْحِنَّاءِ*
اِتِّخَاذَ الْقَرَارِ تَبعَا لِلْهَوَى أَوْ عَلَى أَسَاسٍ عَاطِفِيٍّ غَالِبًا مَا يَكُونُ قَرَارًا خَاطِئًا.
قَدْ يُلَوِّحُ الزَّمَانُ بِأَنَّهُ عَصِيٌّ، وَيُدْخِلُنَا فِي مَتَاهَةٍ وَحُمْقِ قَرَارَاتِنَا..
قَرَارَاتٍ عَشْوَائِيَّةِ فَوْضَوِيَّةٍ، تَبعَا لِعَاطِفَةٍ كَاذِبَةٍ، بِعِيدَة عَنِ الْيَقِينِ، مِثْلَ إِلْقَاءِ النَّفْسِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، فِيهَا الْكَثِيرَ مِنَ الْآلَاَمِ وَعَدَمِ الْإِدْرَاكِ، وَقَدْ تَتَّسِمُ بِالتَّفَاهَةِ، مِثْلُهَا كَمِثْلُ اِلْتِقَاطِ صُورٍ سَخِيفَةِ لِحَيَاةٍ مَضَتْ، أَوْ مَاضٍ فِيهِ الْكَثِيرُ الْكَثِيرُ مِنَ النَّدَمِ.
يَوْمٌ جَمِيل نَتَطَلَّعُ نَحْنُ إِلَيْهِ، بَهجَةُ وَقْت الْغُرُوبِ بِاللَّوْنِ الْأحْمَرِ..
* أَحمرٌ كَلَوْنِ الْحِنَّاءِ*، لَا شِيَةَ فِيهِ...
لَوْنَا نَخْتَارُهُ وَلَا يَخْتَارُنَا، فِيهِ الْكَثِيرَ مِنَ الْعَبقِ، وَالْكَثِير مِنَ الصَّفَاءِ وَالنُقَاءِ وَرَاحَةِ النَّفْسِ وَالضَّمِيرِ.
إن الْمَكْسَبَ الرَّخِيصُ عِنْدَ اِتِّخَاذِ قَرَارٍ بِلَا دِرَاسَةٍ، وَتَبعَا لِهَوَى النَّفْسِ، عَنْدَمَا تَسَيْطُرٍ عَلَيْهِ الْعَاطِفَةَ هُوَ* كُنْتُ أَظُنُّ وَأَتَوَقَّعُ*، متناسيا أَنَّ كُلَّ تَوَقُّعٍ غَيَّرَ مَدْرُوسٍ سَيَحْتَمِلُ الْخَطَأَ أَوِ اللَّغْطَ فِي كَثِيرِ مِنَ النَّوَّاحِيِّ.
كُلُّ أُمَرِّئ يَتَصَوَّرُ نَفْسهُ قَدْ مَلَكَ الْحِكْمَةَ، وَأَنَّهُ يَسْتَطِيعُ تَصْدِيرُهَا إِلَى الآخرين، وَأَنَّ عَلَيْهُمْ أَنْ يَتَقَبَّلُوا تِلْكَ الْحِكْمَةَ أَوْ ذَاكَ الرَّأْي وَذَاكَ الْقَوْلُ، فهُوَ أحْمَق!!
حُبُّ السُّلْطَةِ وَالسَّيْطَرَةِ هُوَ نَقِيضُ الرَّحْمَةِ وَالتَّسَامُحِ، خَطَّانِ مُتَوَازِيَانِ لَا يَلْتَقِيَانِ، فَإِنْ طَغَى حُبُّ السُّلْطَةِ وَالسَّيْطَرَةِ مَاتَ حُبُّ الرَّحْمَةِ وَالتَّسَامُحِ، وَعِنْدَهَا سَيُمْحَقُ صَوْتُ الضَّمِيرِ فِي عَقْلِ الْمَرْءِ، وَلَا غرَابَةٌ فِي تَكْرَارِ الذَّنْبِ، فَهُوَ الطاغي، وَعِنْدَهَا لَا يَبْقَى غَيْرَ الذَّنْبِ وَالْكَثِيرِ مِنَ الْمُبَرِّرَاتِ الْوَاهِيَةِ.
الْكَثِيرُ يَعِيشُ فِي الْوَهْمِ، قَدْ يَكُونُ قَسْرًا وَقَدْ يَكُونُ طَوْعَا، وَكِلَاهُمَا كَمَرْهَمٍ سحرِيٍّ، يَجْعَلُ الْمَرْءُ يَنْعَمُ بِهُدُوءِ أَمْسِهِ، وَسَيْطَرَةَ حَاضِرِهِ، بَلْ إِنَّ كِلَاهُمَا يقَودُ إِلَى الشُّعُورِ بِجُنُونِ الْعَظْمَةِ، وَالْفَوَقِيَّةُ عَلَى الآخرين.
بَعْضُ الْبَشَرِ يَتَقَمَّصُونَ شَخْصِيَاتٍ لَا تَمُتُّ إِلَى وَاقِعِهِمْ بِصِلَةٍ، ثُمَّ لَا يَلْبَثُونَ يَتَقَوْقَعُونَ فِيهَا نَاسَيْنِ شَخْصِيَاتِهِمِ الْحَقِيقِيَّةَ، وَأَصْبَحُوا سُجَنَاءً فِيهَا، وَلَا يَلْبَثُونَ يَخْتَفُونَ خَلْفَ أَسْوَارِهَا حَتَّى لَا يَبْزُغُ لهم فَجْرٌ بَعْدَهَا.
* أَلَيْسَ الْبَشَرُ هُمْ الَّذِينَ يَصْنَعُونَ الظَّوَاهِرَ ولَا يَكُونُونَ فِي الْفَرَاغِ؟ أَلَيْسُوا نِتَاجَا لما يَصْنَعُونَهُ فَيَكُونُونَ بِشَكْلٍ أَوْ بِآخِرِ ذوات الظَّوَاهِرَ وَمَوْضُوعَاتِهَا فِي آنَ*
الْهَوِيَّةُ مُبْهَمَةٌ، لَا أحَدٌ يُظْهِرُ مَا بِدَاخِلِهِ لِأَنَّ الْكَلَّ يَخَاف! نَعَمْ يَخَافُ مِنْ فِكْرَةِ الرَّفْضِ أَوِ الْاِسْتِخْفَاف!! لَكِن فِي الْيَوْمِ الَّذِي سَيَقِفُ الْمَرْءُ فِيهِ بِكُلِّ وُضُوحٍ لِيَتَحَدَّثْ عَنْ فِكْرَةِ عَبَثِيَّةٍ أَوْ لِيَصُفْ مَشْهَدًا سَخِيفَا أَوْ يَصْمُتْ بِسَبَبِ التَّلَعْثُمِ، أَوْ يَصْرُخُ مَنِ التَّعَبِ أَوِ التَّهَوُّرِ فِي الْحَديثِ عِنْدَهَا سَتَكُونُ الْحَقِيقَةُ:
* نَحْنُ نَتَعَايَشُ مَعَ تَنَاقُضَاتِنَا واضدادنا وَمَخَاوِفَنَا*.
انَّ التَّفْكِيرَ الْعَمِيقَ قَبْلَ اِتِّخَاذِ الْقَرَارِ بَعيدَا عَنِ الْعَاطِفَةِ وَاِتِّبَاعِ هَوَى النَّفْسِ هُوَ الْخَطْوَةُ الاولى نَحْوَ حِكْمَةِ التَّمْحيصِ فِي تَبِعَاتِ هَذَا الْقَرَارِ..
بَعْدَهَا يَكُونُ الشُّعُورُ هُوَ مُرْشِدُنَا إِذَا اِتَّفَقَ الْعَقْلُ وَالْقَلْبُ، بَعيدَا عَنِ الْمُغَالَاةِ فِي الْخَوْفِ وَالشُّعُورِ بِالْهِسْتِيريَا مِنَ الْوَقَائِعِ وَالنَّتَائِجِ.
انَّ الْعَلَاَّقَةَ الْوَطِيدَةَ بَيْنَ الْعَقْلِ وَالْقَلْبِ فِي حَالِ اِتَّفَقَا عَلَى اِتِّخَاذِ قَرَارِ وَاحِدِ وَكَانَا عَلَى نَفْسُ الْوَتِيرَةِ حَرِّيّةً أَنْ تَخْلقَ الدِّفْءَ حَيْثُمَا تُوجَدُ الْبرودَةُ..
وَتَخْلقُ الْجَمَالَ حَيْثُمَا يُوجَدُ الْقُبْحُ.. وَتُؤَدِّي بِشَكْلِهَا الْاِنْبِسَاطِيِّ الى مَهَارَاتٍ اِجْتِمَاعِيَّةٍ فِي الْحَثِّ والاقناع وَبِنَاءِ جَسُورَا بَيْنَ الْبَشَرِ، مِمَّا يُؤَدِّي بِالتَّأْكِيدِ الى السَّعَادَةَ الْحَقِيقِيَّةَ، كَسَعَادَتِنَا بِتَشَكُّلِ أَلْوَانِ الْغُرُوبِ بِلَوْنِ الْحِنَّاءِ الْأحْمَرِ الْمُبْهِجِ لِلْعَيْنِ وَالشَّارِحِ لِلصَّدْرِ.
وَمَا عَدَا ذَلِكَ مَحْضِ هُرَاءٍ! فالْوَلِيدُ لَا يُشْبِهُ أحَدًا، إِنَّهُ مُجَرَّدُ رَضيعِ، كُومَةَ لَحْمٍ تُصدرُ أصواتاً غَيْرَ مَفْهُومَةٍ، هَكَذَا قَدْ كَانَ او هَكَذَا قَدْ يَكُونُ، وَهَكَذَا سَوْفَ نَكُونُ إِن بَقِينَا نَتَمَسَّكُ بقرارت مَصِيرِيَّةٍ بِهَمَجِيَّةٍ وَدِيكْتَاتُورِيَّةٍ دُونَ تَخْطِيطٍ!!
ماهر باكير دلاش
-
Dallashوَإِنِّي أَتَجَاهَلُ وَلَسْتُ بِجَاهِلٍ غَضِيضُ الْبَصَرِ وَلَسْتُ أَعْمَى وَإِنِّيْ حَلِيمٌ وَلَسْتُ بِحَالِمٍ حَصِيفُ الْكَلِمِ وَلَسْتُ أَسْمَى مَاهِر بَاكِير