لقد حاول الدكتور عائض القرني في ذلك الكتاب المعنون : " لا تحزن " أن يمنحنا ويهبنا جرعة تحفيزية من الطاقة الإيجابية التي يحتاجها كل منا .

إن الفرد يحتاج من آن لآخر إلى شحث همته النفسية والفكرية بمزيد من الطاقة الإيجابية المتفائلة حتى يدرأ بها أي كلل أو إحباط أو استيئاس وليس يأساً .

فاليأس هو قطع الرجاء والأمل تماماً واستحالة إتمامه ، أما الاستيئاس فهو الخوف من عدم حدوث ذلك الرجاء ، وشتّان ما بين المعنيين .

إن الحزن الذي عمل الدكتور عائض القرني على عدم تسربه إلى أنفسنا ، ما هو إلا سرطان زاحف ينخر إلى داخلنا يحاول التملك والإستحواذ علينا حتى يتعبّدنا لأفكاره المسمومة باليأس والإحباط وفقدان الأمل وضياع الفرحة وغياب التمتع بنعيم الحياة .

ولكن ..... علينا أن نقول أن كل ذلك لن يتأتىَ إلا بأيدينا نحن . فنحن مَن° نُمكّن ذلك الحزن منا ، ونحن من ننهره بالبعد عنه وعدم التمسك به ؛ فالحزن كالضيف كلما كان مُرحباً به أقام لديك ولم يبرحك أبداً لكي يبحث عن ذلك الترحاب لدى غيرك.

هذا هو ما حاول الدكتور عائض القرني على غرسه وترسيخه في كتابه من خلال تعزيز تلك الأفكار بالإعتماد والإستناد إلى آيات القرآن الكريم التي تدعو إلى التفاؤل والأمل وعدم القنوط من رحمة الله تعالى .

فما أحوجنا اليوم إلى مثل تلك الكتب خاصة في ظل تلك الظروف على كافة الأصعدة سواء السياسية أو الأقتصادية أو الفكرية وغيرها من مناحي أخرى . فإن الحزن عليها والتفكر فيها لا يزيدها إلا إجترار ، أما التوصل إلى حل لها فذلك هو الخروج من الأزمة .

وعلينا أن نقتدي ونسترشد بالسيدة مريم العذراء عندما فاجأها المخاض ، فما كان من الله إلا أن أوحى لها أن تأكل وتشرب وتَقَر عينها حتى تستطيع مواجهة ذلك الأمر أمام قومها ، أما الإذعان والإكتراث للحزن والهم فما يزيد الأمور إلا تأجُجَاً ولا يعد خلاصاً وحلاً لعثرات الحياة .

أما عن أهم الأفكار التي جاءت بهذا الكتاب فهي على سبيل المثال :

- لا تعبر الجسر قبل أن تأتيه .

- أكثر ما يُخاف منه المرء لا يكون .

- الناس لا ترفس كلباً ميتاً ، والتافهون لا حُساد لهم .

- حياتك من صنع أفكارك .

- إذا أراد الله خيراً بعباده في وقت الأزمات ألقى عليهم النُعاس أمنة منه كما وقع النعاس على طلحة يوم أُُحد

- قال عمر بن الخطاب:  بالصبر ادركنا حُسن العيش ، فلو أن الصبر كان من الرجال .... كان كريماً .

- قال بن تيمية : " سعادتي وشقائي في صدري " .

- قال بن الجوزي : في العُزلة استثمار العقل ، وقطف جَنَى الفكر .

- الشدائد تقوي القلب وتمحو الذنب ، كما أنها ذوبان للغفلة.

- قال علي بن أبي طالب: ألا إن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد،  فإن قُطَع الرأس بار الجسد ، ثم رفع صوته وقال : أنه لا إيمان لمن لا صبر له .

- قال علي بن أبي طالب: الصبر مطيّه لا تكبو .

- قال جوزيف ف . مونتاغيو صاحب كتاب " مشكلة العصبية " : " إنك لا تُصاب بالقرحة بسبب ما تتناوله من الطعام ، وإنما بسبب ما يأكُلك " .

- قال توماس أديسون : " لا يوجد وسيلة يلجأ إليها الإنسان هرباً من التفكير.

- قال جورج برناردشو : " تكمن سر التعاسة في أن تتاح لك رفاهية التفكير، فيما إذا كنت سعيداً أو لا، فلا تهتم بالتفكير في ذلك ، وابق منهمكاً في العمل ، عندئذ يبدأ دمك في الدوران ، وعقلك بالتفكير ، وسرعان ما تُذهب الحياة الجديدة القلق من عقلك ، اعمل وابق منهمكاً في العمل فإن هذا أرخص دواء موجود على وجه الأرض وأفضله .

- قال أندريه مورو : " إن كل ما يتفق مع رغباتنا الشخصية يبدو حقيقياً ، وكل ما هو غير ذلك يثير غضبنا " .

-  إننا نحب المدح ونطرب له ولو كان باطلاً ، ونكّره النقد والذمّ ولو كان حقاً .

- قال جورج كروك وهو محارب هندي : " إن كل قلق وتعاسة المرء تكمن في مخيلته ، وليس في الواقع " .

- ما فات لن يعود 《 لكيلا تأسوا على ما فاتكم 》.

- قال بول براندوني : "لا تبكي علي اللبن المُراق " .

- قال الفيلسوف أبكتيتوس : " يجب إزالة الأفكار الخاطئة من عقولنا أكثر من الأورام والأمراض من أجسادنا " .

- قال مونتين : " لا يتأثر الإنسان بما يحدث مثلما يتأثر برأيه حول ما يحدث " .

- قال جايمس ألين : " الشئ المقدس الذي يشكل أهدافنا هو أنفسنا " .

- وقال أيضاًجايمس ألين : " كل ما يُحققه الإنسان هو نتيجة مباشرة لأفكاره الخاصة، وسيبقى ضعيفاً وتعيساً إذا ما رفض النهوض والانتصار " .

- قال شكسبير : " لا توقد الفرن كثيراً لعدوك لكيلا تحرق به نفسك " .

- قال رجل لعمرو بن العاص : لأتفرَغَنَّ لحربك ، فما كان منه إلا أن قال : الآن وقعت في الشغل الشاغل ".

- قال كونفوشيوس : " إن الرجل الغاضب يمتلئ دائماً سُماً " .

- إن الشيطان يصرع العبد عند ثلاث : الغضب ،الشهوة، الغفلة .

- قال أرسطو : " إن الرجل يفرح بالأعمال التي يؤديها للآخرين،  ويخجل إن أدى الأخرون أعمال له ، لأن تقديم العطف هو من التفوق ، أما تلقي العطف هو من الفشل " .

- قال جوناثان سويفت : " إن أفضل الأطباء هو : دكتور ريجيم ، ودكتور هادئ ، ودكتور مَرَح ، فإن تقليل الطعام مع الهدوء هو سرور وعلاج ناجح لا يُسأل عنه " .

-أنت في الخليقة شئ أخر لا يشبهك فيه أحد ولا تشبه فيه أحد ، لأن الخالق جلّ في عُلاه مايز بين المخلوقين في قوله : 《 إن سعيكم لشتّى 》 .

- قال وليم جايمس : عاهاتُنا تساعدنا إلى حد غير متوقع ، فلو لم يعش تولستوي وتوستوفسكي حياة أليمة لما استطاعوا أن يكتبا رواياتهما الخالدة ، فاليتم والعمى والغربة والفقر قد تكون أسباباً للإنجاز والنبوغ والتقدم والعطاء " .

وكذلك ألّف السرسخي كتابه : " المبسوط " المكوّن من خمسة عشر مجلداً لأنه محبوس في الجُبّ .

- قال فرانسيس بيكون : " قليل من الفلسفة يجعل الإنسان يميل إلى الإلحاد،  أما التعمق في الفلسفة يجعل الإنسان يتقرب إلي الدين " .

وتدعيماً لتلك المقولة السابقة يقول الله سبحانه وتعالى: 《 وما يعقلها إلا العالمون》 .

- " أشد الناس بلاء : الأنبياء ، ثم الأمثل فالأمثل ، فيبتلى الرجل على قدر دينه " .

- قال عروة بن الزبير : اللهم لك الحمد ، إن كنت أخذت فقد أعطيت . 

- إذا هونّت ما قد عزّ هان .

- إن العاقل الحصيف يتخذ الناس له لا عليه ، فلا يبني موقفاً ، أو يتخذ قراراً يعتمد فيه علي الناس ، فالناس لهم حدود في التضامن مع الغير.

- علينا مجاهدة الطبع على ترك الغضب ، ومنها الوضوء، فإن الغضب جمرة من النار ، والنار يطفئها الماء.

- قال بن القيم : اجمع العارفون بالله أن الخُذلان أن يكيلُكَ الله إلى نفسك ، وأن يُخلَّي بينك وبينها .

- قال الإمام الشافعي : "إن الثقيل ليجلس إليّ فأظن أن الأرض تميل في الجهة التي هو فيها " .

- وقال الإمام بن القيم : " إذا ابتليت بثقيل ، فسلّم له جسمك ، وهاجر بروحك ، وهاجر عنه وسافر ، وملّكه أُذناً صمّاء، وعيناً عمياء ، حتى يفتح الله بينك وبينه " .

- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن عِظَم الجَزاء من عِظَم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط .

- عندما آذى مِسطَح أبا بكر في عرضه وابنته في حادثة الإفك ، أقسم أبا بكر أن لا ينفق عليه مرة أخرى ، فأنزل الله آيته : 《 ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة》.

- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  " ليس الشديد بالصُرَعَة ، وإنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب ".

- إن الذي يُقهَر نفسه أشجع من الذي يفتح مدينة . بمعنى أن من يحيى كابحاً جماح نفسه منصراً على نفسه أفضل من ينتصر على الآخرين .  مثل هندي

- قال الإمام علي كرم الله وجهه: " إياكم وطول الأمل ، فإنه ينسي الآخرة " .

وذلك القول يعني وفقاً لإجتهادي البحثي وإستناداً إلى ماجاء في الحديث القدسي : يا موسى لا تطوّل في الدنيا أملك فيقسو لذلك قلبك، وقاسي القلب منّي بعيد.

وإسهاباً لذلك :

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأبي ذر (رحمه الله): «يا أبا ذر إيّاك والتسويف بأملك، فإنّك بيومك ولست لما بعده، فإن يكن غدٌ لك فكن في الغد كما كنت في اليوم، وإن لم يكن غد لك لم تندم على ما فرّطت، يا أبا ذر كم مُستقبلٍ يوماً لا يستكمله، ومُنتظرٍ غداً لا يبلغه، يا أبا ذر لو نظرتَ إلى الأجل ومصيره لأبغضتَ الأمل وغروره، يا أبا ذر إذا أصبحتَ فلا تُحدثّ نفسك بالمساء، وإذا أمسيت فلا تحدّث نفسك بالصباح، وخُذ من صحّتك قبل سقمك، ومن حياتك قبل موتك، فإنّك لا تدري ما اسمك غداً».

- يقول ابن تيمية : " جنّتي في صدري " .

- قال عيسى بن مريم:  البِر ثلاث : المَنطق ، النَظر ، الصمت . فمن كان منطقه في غير ذكر فقد لغا ، ومن كان نظره في غير إعتبار فقد سها ، ومن كان فكره في غير فكر فقد لها .

- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  " الدنيا سجن المؤمن ، وجنّة الكافر " .

- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كانت الدنيا همّه فرّق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه ، ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له ، ومن كانت الآخرة نيته ، جمع الله له أمره ، وجعل غِناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة " .

- قال عمر بن الخطاب:  " خذوا حظّكم من العزلة " .

- إن الدنيا لا تكافئ المجهود الضخم الذي بذله  المؤمنون،  لأنها ثمن بخيس وعطاء رخيص .

- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  " المنافقون كالشاة العائرة بين القطيعين من الغنم " .

- العمر واحد ، واليوم لن يتكرر ، والساعة لن تعود إلى الوراء ، فعلينا أن نعيش الحياة بسعادة ، والسعادة لن تكون إلا في إتخاذ القرارات الصائبة . فعلينا أن نكون : إقدام كإقدام السيل ، ومضاء كمضاء السيف ، وتصميم كتصميم الدهر ، وإنطلاق كإنطلاق الفجر .

بقلم / دكتورة فاتن ناظر