الصحة في الجزائر بحلتها المستقيمة
سميرة بيطام
نشر في 30 نونبر 2019 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
حاورني بهدوء ، أقنعني بصمود ، ناولني قضايا بلدي في شموخ ، لا تسوف بي الطريق في أقل من دقيقة لتقول لي أن التغيير صعب تحقيقه ،أنت تيأس في أقل من دقيقة والحوار يطول و يطول حينما يتعلق الأمر ببلدي جزائر الغد القوية ، تابع حوارك معي ، لا تسألني أسئلة عبثية بل ضع أصبعك على جرح الأمس و احك لي كيف ترى الصحة في الجزائر برداءتها كما قلت سابقا لأطلب منك تصحيح كلمة رداءة بل قل تعثر ، أنتبه أنت تحكي على الجزائر و عليك بانتقاء ألفاظ بقدر و احترام كبيرين لها ، لا أدعي أني لا أظهر حقيقة القطاع التي تردت كثيرا في السنوات الأخيرة و لكن حينما أتكلم على التغيير فواجب الاحترام وارد لأن التغيير في حد ذاته مصطلح محترم و يحظى بالكثير من الانتباه و التجديد في الحوار ،تابع و احك عن قطاع الصحة في الجزائر و كيف ترى التغيير فيه أنت يا مخاطبي يا من قد تكون زميلا في القطاع أو صحفيا او مسؤولا تعلم الكثير من تجاربه في إدارة مستشفى جامعي أو عيادة أو مؤسسة جوارية ، لا يهم من تكون ، أعرف أنك جزائري غيور على بلده ، فقط احذر في مصطلحاتك مع التغيير ، فالجزائر مقبلة على تشريف سيصنعه أولادها بيد من صرامة و استقامة ، و ستحظى بالتركيز على ترقية قطاع الصحة الذي شخصيا تعلمت فيه الكثير و الكثير و تعرفت على مكافحين أدوا واجبهم بشرف و بإخلاص و لعلهم يقرؤون كلامي هذا الآن ، زملائي في مستشفى بني مسوس الذين عشت معهم لحظات جميلة و الكريم يذكره خلقه و شرف المهنة عنده و ما تركه في قلبي من بصمات تستحق التقدير ، لحظات كانت متعبة مرات و أخرى كانت جادة و بعضها كان راقيا جدا ، احتفظ بكثير من الذكريات الممزوجة بأحداث و قضايا سعدت أني كنت طرفا فيها ويبقى الاحترام واجب لأن من أتعامل معهم جزائريون .
المتتبع لشبكات التواصل الاجتماعي يلحظ ما يطلبه الموظف اليوم في قطاع الصحة و ان كنت لا أبني مستقبل قضية أو حدث على ما ينشر في الفضاء الأزرق ، لأن الميدان هو الناطق الصادق للحقيقة ، فالمطالب لديهم ترتكز أساسا على رفع الأجور و تحسين الأوضاع المهنية و هي مطالب شرعية تتطلبها رزنامة التغيير في قطاع مهم كقطاع الصحة ،و في نفس الوقت على زملائي من ينادون بهذه المطالب هم أيضا أن يكونوا على قدر كبير من الوعي و الاحترام زيادة لبعضهم البعض و أن يكونوا على أتم الاستعداد النفسي و المعنوي و مهيئون علميا و ثقافيا لأن يرتقوا ليس بالصحة فقط بل بالجزائر دولة و سيادة و حضارة ، لأنه كما سبق و ذكرت التغيير في مضمونه كحدث هام و قبل أن نعتبره حدث هو سنة ربانية يتطلب الكثير من ركائز و أساسيات بناء قوية و خالية من شوائب التسويف و التلاعب بمصير من هم يضحون و يسهرون من أجل هذا الحدث الهام بل المهم ، قلا تهدموا ما بنته معاول المخلصين .
تابع حوارك معي و ركز لي على طرق التغيير في قطاع الصحة حتى ترتقي فلا شيء يبنى في ظرف قصير بغير عدة عمل مدروسة الأبعاد و لا شيء سيطبق على أرض الواقع و بعض المستشفيات لم تطهر بعد ممن لا يتقنون العمل أو ممن لا يريدون التغيير للأفضل و الأحسن و الأجود ، العالم يتغير من حولنا و علينا أن نواكب هذا التغيير في أن نكون على أتم الاستعداد من أجل العمل لصالح البلد و ليس من أجل المصلحة الشخصية في الاكتفاء بنظرة الأمس في أن ينظر للمسؤولية على أنها جلوس على كرسي و بريستيج بروتوكول و امتيازات الأمر و النهي ، لا ليست هكذا تبنى حضارة التغيير العتيدة بل هي تقوم على صحة مقومات توجهنا الفكري أن ننظر للغد بكثير من الاستعداد في تقبل الآخر و تصحيح الآخر و توجيه الآخر باحترام في التعامل و رقي في الكلام الطيب و بالنظرة المتواضعة لمن لا يعرف أو يخطىء أو لا يفهم ما تريده الألفية الجديدة ، المواجهة وجها لوجه هي ديباجة التغيير و البقية تأتي تباعا بلا مماطلة أو تصفية حسابات ، لا وقت لدينا للتدني لمستوى لا يليق بنا.
على كل حال الحوار سيطول و الأسئلة قد تكون كثيرة ، و ما يهم هو النظر للغد بكثير من التفاؤل و اللياقة العقلية و القلبية في فتح صفحات جديدة من الصرامة و الاستقامة الأخلاقية امتثالا لقوله تعالى : "ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا" سورة فصلت الآية 30 و كذلك قوله تعالى "و أن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه " سورة الأنعام الآية 153 ، و قوله أيضا "فاستقم كما أمرت و من معك و لا تطغوا انه بما تعملون بصير " سورة هود الآية 112، سنلاحظ أن ما ورد في هذه الآيات هو أمر رباني بضرورة الاستقامة امتثالا لأمر الله تعالى حتى يستقيم حالنا و نستعيد مجدنا في دولة تريد التجديد و الرقي بقطاعاتها امتثالا لطموح شعب يريد أن يحيا حياة كريمة و هذا الطموح عبر عنه في حراك سلمي وهادىء ، و ما قطاع الصحة الا واحد من أهم هذه القطاعات التي ستشهد بإذن الله حركة سمو على كل الأصعدة في ميدانها و على مستخدميها أن يكونوا على قدر عال جدا من الفهم في أن هذا السمو لا يبنيه الكلام و لا الانتظار و لا التسويف و لا أحلام اليقظة ، انما يضع لبناته أبناء هذا الوطن الذين عليهم أن يقفوا وقفة تساؤل و تصحيح في نفس الوقت ، تساؤل من طرف كل مسؤول و عامل بسيط ان ما كان مستعدا للرهانات المقبلة ووقفة تصحيح في أن يحاسب كل واحد في قطاع الصحة مساره المهني ان ما كان فيه اختلالات أو تجاوزات فليبادر بالتصحيح ليكتمل مفهوم الاستقامة الأخلاقية التي هي مبدأ أخلاقي قبل أن تكون شعار مدون في مادة قانونية، فالخلق يسبق القانون في التصحيح و الضمير هو الحكم بينهما ،أدر صفحتك في الحوار و كلمني عن صحوة التغيير .
الصحوة المقبلة هي صحوة ضمير و عقل و قلب و حتى نتمم مجريات حوارنا الذي لم يكن روتينيا بسؤال و جواب بل كان في قالب أدبي اخترته عمدا لنتذوق معا من الآن حلاوة المرحلة القادمة و الحاسمة و التي ستصنع فارقا كبيرا في الجزائر ، فلغة التفاؤل تصنع نصف الإنجاز و النسبة المتبقية متوقفة علينا في المشاركة الفعالة في ترقية الصحة الجزائرية بما يتوافق مع طموحنا و آمالنا.
اذا ثلاثية الصحوة هي المواجهة و التصحيح و الانطلاق على قطار الانجاز نحو الرقي ، فلا شيء يليق بالجزائري الا الرقي .
دمتم بصحة أقوياء و من أجل الصحة مستقيمين علما و خلقا و عملا .
و لا ننسى شهداءنا البواسل من منحونا نعمة الحرية و الشموخ منهم جدي و جدك و أجداد الجزائريين الشرفاء ، فالمجد و الخلود لشهداءنا الأبرار ، عاشت الجزائر حرة مستقلة ، و عقدنا العزم أن تحيا الجزائر .
-
د.سميرة بيطاممفكرة و باحثة في القضايا الإجتماعية