خاطرة5:

ما هي إلا دقائق معدودة من إنتظاري بغرفتي حتى أتوني بالشيزلونج وطلبوا مني اعتلائه وقبل أن يدخلوني غرفة العمليات لإجراء الجراحة طلبوا مني التوقيع على ورقة لم أكن أعلم فحواها ولم أهتم بقراءتها فما شغل ذهني حينها هو إجراء تلك الجراحة التي طالما إنتظرتها طويلا كي أشفى مما أنا فيه من آلام سكنت جسدي ومعاناة شديدة تخللت جنبات نفسي وقلق مرضي إنتابني كلما تأخر موعد إجرائها إلا أن ثمة رهبة إنتابتني من قدومي على تلك التجربة للمرة الأولى ألا وهي إجراء جراحة عموما ولكن أعانني الله تعالى وطمأن قلبي.

أما أسرتي فكانت بين الخوف على مصيري بعد إجراء الجراحة والرجاء في كرم الله لي وإرادته في شفائي من هذا المرض الذي عانيت منه طويلا.

كانت أمي بجانبي لم تذرف دمعة واحدة لثقتها التامة وصدق توكلها على الله وأنه لن يخذلني أبدا وربما بكت أثناء إجراء الجراحة لا أعلم.. لم أرى منها إلا الصبر مصحوبا بإبتسامة نقية ويقين صادق في عناية الله لي.

دخلت غرفة العمليات ولا أعلم حقيقة مرضي وعواقب تلك الجراحة التي أخفاها أحبتي عني كمراعاة طيبة منهم لمشاعري أما عن عواقب تلك الجراحة فهي إحدى إثنتين إما أن يشفيني الله مما أصابني أو أن أصاب بشلل كلي لا علاج منه مدى الحياة وقد علمت تلك الحقيقة فيما بعد.

إستغرقت الجراحة قرابة ست ساعات من الرابعة عصرا إلى العاشرة مساءا وبعد إنتهائها خرج الدكتور مجدي من غرفة العمليات وقد كان فرحا مستبشرا وحينها أقبل عليه خالي وأمي مهرولين إليه للإطمئنان على صحتي وإذ به يطمأنهم بنجاح الجراحة والحمد لله الذي عافاني منها.

ظللت طريح الفراش بعدها قرابة شهرين أحدهما بالمستشفى بعد إجراء الجراحة والآخر بالمنزل حتى شفاني الله تماما واستطعت الوقوف والمشي والجلوس ولكن بقدر يسير ولم أجد بدا إلا تأجيل تلك السنة الدراسية-أولى ثانوي- التي شهدت إجراء تلك الجراحة فلم تكن حالتي الصحية تسمح بخوضها مطلقا حتى صرت عضوا جديدا في دفعة الفراغ.