لماذا نخاف من المنطق غالبا ؟
بقلم : علي سليم - لبنان محاضر في المجال الفكري والتربوي
نشر في 16 مارس 2019 .
الإنسان بطبيعته يسعى لأن يدافع عن وجوده ومصالحه التي أسسها على فترات معينة من حياته , تلك المصالح التي احتاجت لمال وجهد وتفكير , والى علاقات واجتماعات واتصالات . وجميع تلك المصالح بنيت على افكار وقناعات ظن الانسان بأنه قد استنزف كل طاقاته الفكرية حتى يتأكد من صحتها , فوجد فيها المنطق , أو قام بمنطقتها ان صح القول أي تحويلها من اللامنطق الى المنطق عبر اعطائها تبريرات مزيفة تجعل منها أكثر اقناعا لمن يسمع بها .
وهنا نفتح بابا جديدا من التفكير والتأمل , فلماذا نخاف من المنطق ؟
الكلام المنطقي بطبيعته يدخل الى عقل الانسان ثم تنشأ معركة قوية بينه وبين الأفكار المترسخة المدعمة بتجارب وقراءات , والمنتصر في هذه المعركة بطبيعة الحال هو المنطق , وذلك لأن الانسان يعرف بفطرته بأن هذا الكلام هو أفضل مما يحمله في داخله , ولكن ما الذي يحصل ؟
تبدأ عملية الدفاعات اللاواعية والتي يطلقها العقل الخائف على مصالحه , فتراه ينكر الحقيقة أو يتجاهلها , او ينقلك الى موضوع آخر , وذلك لأن ألم الحقيقة وعدم استعداد الانسان نفسه للتغيير يجعله يقاوم ما يجري ويرفض الاستسلام للجديد .
ينتقل الإنسان بعد تلك المعركة الى مرحلة جديدة من المواجهة , نعم انها ليست مواجهة لشخص اخر او لمجتمع , إنها مواجهة لذاته , فالواقف امام المرآة يشعر ما يحدث في داخله ولكن لا يراه , يشعر بقوة انتزاع الماضي وعملية الزرع الجديد , وهو الآن أمام مفترق مستجد , فإما أن يتقبل الجديد , وإما أن يتخذ قرار البقاء على القديم والدفاع عن مصالحه , وفي الثانية تكمن الخطورة , لأن الإنسان الان اصبح في معركة تخالف المنطق الذي اقتنع به , والقيم المتناقضة بين الخير والشر تضغط على وجدانه وكيانه لتجعله في صراع بين الحقيقة والمصالح , بين واقعه ومبادئه .
هذا هو حال المجتمعات التي تعاني من القهر والفساد , نعلم المنطق ونهرب منه لأننا نخاف ان نخسر كل شيء ولكننا نسينا باننا خسرنا قيمنا وكياننا .
فأي طريق ستختار بعد انتهاء المعركة ؟