تخنقها الآيام
و تخنقها عبراتُها التي تآبى النزول و الخضوع ، عبراتُها الكامنة بين مجامع عينيها ،
قديمًا كانت عبراتُها مثل شلال من الماء ينهمر عند أي موقف صغير يؤذي مشاعرها و الآن بعدما كبرت و قطعت شوطًا من عمرها ترى أنه لا بأس به أصبحت دموعها تتصرف بكبرياء ، ترفض النزول من مملكتها لمستوى خديها ،
مسكينة تلك الفتاة وقتما احتاجت دموعها منفث روحها ، خذلتها كغيرها من البشر ..
هي حائرة لا تدري ماذا تفعل ؟
أو كيف تستكمل حياتها بالشكل الذي اعتادت عليه؟
هي خائفة ، لا تدري ممَ أو ممن ؟
فقط خائفة تود يدًا حنون تربت عليها ، صوتًا يهمس لها لا بأس يا صغيرتي أنا هنا من أجلك !
ترى والديها معها و تستشعر وجودهم رغم بعد المسافة بينهما ، تراهم بقلبها ، و لكنها تريدهم هنا حولها ،
تريدهم مثلما كانت صغيرة ، وقتما خافت أو جزعت أو حزنت تهرب إليهم و كلها يقين أنهما قادرين على نزع حزنها منها و حمايتها من كل قبيح يترصدها ،
إنهما أعظم صور الرحمة الآلهية ..
مشتتة ، وتشتتها يجعلها عاجزة لا تدري ماذا يتوجب عليها فعله !
بعد حوار دام طويلًا بينها و بين ذاتها قامت و توضأت و توجهت إلى الله ، كان مركبها أمل مقطوع و شراعها ملح تضمه دموع ، و كانت شهنقة الدموع و اضطراب الصدر بديلًا عن الموج ..
وضعت سجادة الصلاة أمامها ، و وقفت تصلي لرب العالمين تسأله الرباط المتين على قلبها ، و أن ينزل السكينة عليه ..
لم يلبث أن سكت ضجيج قلبها و كأنما رُويَّت روحها مِن بَعد ظمأ ، وبُعِثت نفسها مِن بعد موت ، فاستعانت بالله و أيقنت أنه هو الله وحده ، غايتها التي كانت تبحث عنها ، ف أكملت رحلتها إليه في ذلك الطريق الطويل المُضنِي ،
والرحمن المُستعان ..
-
أميرة مصطفى"ليس لي عمل أقابل به الله غير أني أحبه"