حتى يُغيروا ما بأنفسهم !
تغيير
نشر في 14 يوليوز 2015 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
كلما تقدم بنا العمر وددنا لو أن يعود أدراجه و يعود بنا الزمن لأيامٍ مضت على الرغم من أن أيامنا هذه بكل ما تحمله من سوءٍ ستصبح يوماً ما ماضٍ , و لكن لن تمَل أنفسنا كعادتها من فعل التمني الذي راح ضحيته الآلاف من الذين تقاعسوا عن التغيير بدلاً من امتلاكهم عُقولٌ حالمة , و احتفاظهم بأرواحٍ خاملة , و على أعتاب القرن الواحد و العشرين كانت هنالك فاجعة الضياع واقفة تتوعد بالهلاك لكل من حيا موج بحره و استقام ظل بره , و لتقنعنا بأن ما نشاهده اليوم بالعين المجردة ما كنا لنراه بأحدث أنواع المجاهر , إنما هو دليل ثبوت آية الله بأن أفعال الجاهلية من سفكٍ للدماء في الأرض و هتكٍ للعرض و تركٍ للفرضِ ستكون الطبق الرئيسي على موائد حياتنا اليومية و الصلاة التي نتعبد بها في محراب إفسادنا لأجل أن تُقربنا من أهوائنا أكثر , إننا و قد أمسينا في لحظاتنا الآخيرة و ما عُمرنا بهذا الكم الكبير نُجادل الحق ليدوم الباطل و نُحارب الصلاح بأشد و أفتك أنواع الفتن ليدوم الدمار , غَيّر الغرب في أفكارنا فَقبِلنا و قَلبْنا منهجية الفكر خاصتنا , ذلك لأن ما قدمه لنا أصحاب النصف الثاني من العالم كان مُغايراً لما اعتدنا عَليه من إلتزامٍ ديني وَ خُلقي نَعتناه بِالخانق , دَرسوا كيفية أخْذ الجَميل منا بعنايةٍ و إتقان و أخذنا القبيح منهم عبثا ,مُعجبين متغنّين بِهيئته الخارجية الفاتنة , تحولت أجسادنا وكل شيء فينا إلى كماليات العيش بدلاً من كونها مستلزماته و أساسياته أمسينا كبضاعة نهاية السوق في يومٍ حار يُوشك صاحبها أن يبيعها بثمنٍ بخس راجياً الخلاص منها , لكن البعض منا لازل يؤمن بفكرة التغيير العبثية لازال يُروج لتلك البضاعة درامياً و مادياً متجنباً توضيح المكائد المدبرة من وراء ذلك و لأن الحروب قد عاثت في النفس فسادا فإن أقرب ما يكون للترويح و الترفيه عن النفسِ شَيئ من هذا القبيل لأصحاب النفوس الضائعة عن ركب المسير , ثم إننا حين نرى أحداً قد حقق نفسه في مجالٍ ما فإن أعمق ما نقوم به أن نضرب الكف بالكف احتفاءاً بصمود سفينته بوجه الريح العاتية متناسين دورنا في هذه الحياة متجاهلين قدرتنا على البقاء على قيد الأمل و النجاح , قامت ثورتنا ضد الظلم بعدما كانت مجرد فكرة , ولا زلنا نعاني من أثر الحروق بسببها و مع ذلك لا زالت النفوس المؤمنة منا أيضاً على قيد الحياة لأن في العلم ما يسمى بعمليات التجميل و كذا حال معظم البلدان , ( لن تشعر بدفء الوطن إلا إذا ذُقت برد الغربة ) قد اغتربنا كثيراً عن ذواتنا و حان وقت الإياب و تصحيح منهجية التغيير , حان الوقت كي يعلم الشباب بأن الحياة ليست مجرد شعاراتٍ تُكتب في مربعٍ صغيرٍ و بلونٍ أزرق دون أي فعل إيجابي يُبادر به و ليست مجرد فتاةٍ بِشعرها تُسحر الأنظار و لأجلها يَكمن قضاء العمر بالتفكير في كيفية الحصول عليها , إن ما خُلقنا لأجله أكبر و أسمى من ذلك بكثير , هي عباراتٌ صريحة جاءت للذكرى علها تنفعنا " و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون " " هو أنشأكم من الأرض و استعمركم فيها " و لكي تتحقق الأحلام يتوجب علينا الإستيقاظ من النوم أولا , و لكي يُزهر الياسمين فينا علينا أن نسقِه طُهر فكرة , و أن نقلع جذور الضياع منا ليثمر التميز و نكيد من أراد لعقولنا السُكر و الخمول " إن الله لا يُغيرُ ما بِقومٍ حتى يُغيروا ما بِأنفسهم " .