تنطفئ الروح عندما لا تجد الأشياء التي توقد فيها الإحساس بالانتماء. إنها غربة اللا انتماء. إلى فكرة، إلى لغة، إلى وجهة، إلى تيار سياسي، إلى قلب!
غربة اللاانتماء إلى الواقع. و لأنه مهما بدا الأمر شاعريا، هو ليس في الحقيقة إلا نوعا من الاختباء، و الفرار. هروب من المواجهة، هروب من المشاعر، هروب من الوجوه التي لا تعرفها، و تلك التي تعرفك، هروب من الجهد اللازم كي تقابل الواقع بلكمة محارب.
تنطفئ الروح، لأنها تقبلت هزائم الماضي برضا. ذاك أنها اختارت المعارك الغير الصائبة، لتخوضها بشجاعة كبيرة. ذاك أنها حاولت بجهد كبير فتح الأبواب الموصدة. ذاك أنها تمسكت بالأمل و اللعبة منتهية. ذاك أنها بررت أعذارا كاذبة، واهية. ذاك أنها أوضعت نفسها موضع المنقذ، و جعلت من نفسها سجادا يمشي عليه الآخرون...
تنطفئ الروح، لأنها لم تقف شامخة أمام أول محاولة للتنقيص منها، للاحتلال، و الاستغلال. ولأنها لم تعتد أن تنظر للأمور من زاوية منحطة.
تنطفئ الروح، لأنها أعطت ببذخ في مواقف كان ينبغي عليها فيها التقتير، و لأنها سامحت ما لم تقدر في داخلها أن تفهمه و تعفو عنه. رفضت أن تأخذ المقابل، أو تنتقم...
تنطفئ الروح، لأن القطط في الشوارع مصابة بداء الكلب. لأنها لم تعد شيئا أليفا تستطيع أن تضمه.
تنطفئ الروح، لأنها أعطت للكثيرين الفرصة كي يلعبوا معها لعبة الغميضة. لأنها سامحت غيابهم، رجوعهم، غيابهم، غياب الوضوح !
تنطفئ الروح لأنها لم تسطر الخطوط الحمراء بخط أحمر غامق، تركت فجوة للسواد كي يدخل...
تنطفئ الروح لأنها استكانت إلى الملل، إلى التكرار، إلى التجاوز، إلى قلب الصفحات، إلى الهدنة مع الرأي الآخر، و تقبل الاختلاف!
تنطفئ الروح لأنها استباحت الضرر بغباء عفوي، لم يعلمها أحد كيف تصفع أولا، كيف تقول لا !
نهيلة أفرج
Photo Credit: Moonassi
-
Nouhaila Afrejأستاذة و كاتبة مغربية