تأسرني دومًا التفاصيل الصغيرة، تلكَ التي لا يعبءُ بها أحد. التفاصيل المنسيّة التي يُدفع بها دفعًا إلى الهامش، فتصنعُ لنفسها متنًا بجمالها وصدقها.
لا أنسى عندما كنا في زيارتنا لبيت أولى الرفيقات زواجًا، انشغل الجميع بالحديث عن جمال هذه الستائر أو تناسق ألوان تلك الجدران. بينما انصرفتُ عنهم إلى سجادتين في طرف الغرفة، تتقدم إحداهما على الأخرى درجة. يبدو المشهد بسيطًا، لكنه عميق، على الأقل أعمق مما يبدو عليه.
إنهما تقرءآن علينا بوضوح آيات سورة طه (ٱشۡدُدۡ بِهِۦۤ أَزۡرِی وَأَشۡرِكۡهُ فِیۤ أَمۡرِی كَیۡ نُسَبِّحَكَ كَثِیرࣰا وَنَذۡكُرَكَ كَثِیرًا) .. تُذكرآنِنا بالوجهة الدائمة، كيلا ننشغل بالوسائل عن الغايات.
ذكرني هذا المشهد بكلام أمي وكلام شيخي النابلسي عندما قال كلمةً تختصر وتُبسّط كل ما قرأته وتعلمته في هذا الصدد، يقول : "إن البُيوت إذا بُنيت على طاعة الله، يتولى الله في عليائه التوفيق بين الزوجين. وإذا بُنيت على معصيته، أوكلهم الله إلى أنفسهم. وإنّ الله بين الزوجين، يتقرّب كل منهما إلى الله بزوجه ويتقي الله فيه" ..
أبتسمُ الآن، عندما أتذكر أن الأمر استغرق مني ثلاثة أعوام كاملة، لأعي تماماً المعنى الدقيق لتلكما السجادتان المُهمّشتان. لأتعلم أن كُل ما نأخذه من أسباب نتعلم بها كيف نختار ونعيش، كلها لا تنفع بشيء لو لم يكن الهدف تقوى الله ومخافة سؤاله يوم الوقوف بين يديه.
رفيقتي تلك أبسط شخص يمكن أن تلتقيه، يتعجب الكثيرون من رِفقتنا لأننا ظاهريًا مُختلفتان في كُلّ شيء! لكن، يكفيني ما أُدركه أنا وهي من تطابق وانسجام جوهرينا معًا..
الحمد لله الذي منّ عليّ بصحبتها، وبوجودها بهذا القرب مني، حتى أتعلم منها ومعها كيف يبارك الله للمتقين وأن الحياة أبسط وأجمل من كل التعقيدات التي يفرضها المجتمع علينا.
-
زهرة الوهيديأكتب... لأنني أحب الكتابة وأحب الكتابة... لأن الحياة تستوقفني، تُدهشني، تشغلني، تستوعبني، تُربكني وتُخيفني وأنا مولعةٌ بهـا” رضـوى عاشور :)