ناشئة الأمل..إلى أين؟ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

ناشئة الأمل..إلى أين؟

  نشر في 27 يونيو 2019  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

عجت في الآونة الأخيرة الشبكة العنكبوتية بفيديوهات جرائم مرتكبيها لم يتعدوا عقدهم الأول إلا ببضع سنوات ،

خلفت وراءها جملة من الإستنكارات، إذ وجهت الأغلبية أصابع الإتهام للآباءوعدم قدرتهم على تربية أبنائهم و احتذمت النقاشات حول أسباب تفشي جرائم الأحداث و ما المعالجات القانونية و النفسية للتصدي لها.

لم أنسى حالة أم أحد المراهقين ، كان ابنها قد أوقف على خلفية اغتصاب فتاة في واضحة النهار في الطريق المؤدية إلى المدرسة.

كانت قد تجاوزت الخمسين من عمرها، ثلب ثوبها من كثرة الإستعمال ، تفاصيل وجهها منهكة تعكس قساوة العيش و مكاره الدهر.

كلما ألحت على صاحبة الحق المدني أن تصفح عن ابنها ، ثار في وجهها أحد الحاضرين ، فيمتقع لونها و ترجع خطوتين إلى الوراء مكفهرة، تتحسر على فشل تربية ابنها .

هو فشل يتقاسمه الأهل و هيئة التربية و التعليم .

فمن جهة الأهل الكثير منهم يقتصر مفهوم التربية لديهم في توفير المأكل و المشرب و سقف يأوي صغارهم ،و تبني نفس نمط التربية التي تلقوها: الحياء في حضرة الوالدين وإطلاق عنان السلوكيات اللاأخلاقية في غيبتهم يملون عليهم ما يفعلون إستنادا على مرجعية العرف و التقاليد، فيتصرف الولد تبعا لعريضة قناعات و ممنوعات دون سابق تفسير أو مناقشة لمضامينها.

فئة ثانية تخلط ما بين الحب و مابين الدلال الزائد عن الحد الطبيعي؛ فالتدليل المفرط يفسد الطفل ليس فقط خلال مرحلة الطفولة، بل تنعكس أضراره على شخصيته و تصرفاته المستقبلية.

فالطفل الذي أغدق عليه الحنان و فاضت غرفته بالهدايا و نال كل ما تشتهيه نفسه، ينمو داخله حب التملك و السيطرة فيأخذ ما ليس له بدون حق عندما يكبر لأنه لم يتذوق طعم الحرمان قط ولم يرفض له سؤال.

في نظري أن النمذجة تؤثر بشكل كبير في أطفالنا، فهم يقلدون أفعالنا و يتشبعون من تصرفاتنا أكثر مما يسمعون لأقوالنا، فإن طلبت من طفلك جمع ألعابه أو ترتيب غرفته فربما لن يستجيب لذلك لكن إن رآك تشاركه فعل ذلك و لمس حس الترتيب لديك صار مواظبا على فعل ذلك، نفس الشيء بالنسبة للصلاة فعندما يحدثانه والديه عن كونها عماد الدين و يراهما يؤديانها يسير على خطاهما و يقوم للقيام بها كلما حان وقتها.

وكلما رأيت الألفاظ البذيئة تتسيد ألسنة الصغار فتيقن أنهم التقطوها من الوالدين أولا.

نعود للجهة الثانية و هي دور المدرسة في التربية أولا ثم التعليم، فلا مناص أن للمعلم دوره في تلقين الأطفال سلوكيات إيجابية وفق منهجية بيداغوجية .

من فترة ناقشت مع زميلة لي بالعمل النظام التعليمي عندهم في اليابان ، حيث يعتمد في الفترة الإبتدائية (مرحلة التعليم الإلزامي) على جعل الطفل مديرا لنفسه ، كيف ؟

من خلال تلقيه المعلومات عن طريق السمع أكثر و التركيز الكلي مع المعلم الذي يشد انتباه الصغار موظفا لغة الجسد، فيعطيه مجالا أوسع للفهم و الإدراك و يصبح قادرا على التمييز بين الأمور.

أما خلال المرحلة التأهيلية التي تخول الطالب الإلتحاق بالسلك الثانوي فيتبع الأغلبية ''نظام الحشو'' حيث يتم تكوين الأساتذة على أعلى مستوى لتزويد التلاميذ بكم هائل من المعلومات في فصول يتجاوز عدد الطلاب فيها 82 ، مع خلق جو من المرح والأنشطة التي تخفف عنه ثقل المنهج الدراسي.

استحضرت نموذجنا التعليمي خاصة في المستوى الإبتدائي و كيف كان المعلم يسارع الوقت لإتمام المنهج تأهبا لأي زيارة تفتيشية ، متجاهلا استفهاماتنا الصغيرة ، كيف كنا نعاني صهد التكدس في قاعات درس لا تسع أجسادنا الصغيرة، علاوة عن انعدام الأنشطة التربوية لتفريغ طاقتنا و صقل مواهبنا، اللهم حفلات نهاية السنة الدراسية التي كنا نجلب فيه قنينة مشروب غازي و قطعة حلوى و يلزم كل واحد منا مكانه مستمعين لأناشيد الوعد الفلسطيني!

أكيد لن نجاري اليابان في نظامها التعليمي ، لكن ماذا لو اتخذنا النظام التدجيني الصيني ؟ صحيح أنه يصنع أجيالا مستنسخة داخل نفس القوالب ، لكن ربما يعطي أكله أكثر من أنظمتنا التعليمية الحالية التي أبانت عن فشلها.

فوحده توحيد الجهود بين الأهل و الكوادر التعليمية من خلال تربية سليمة معتدلة و منهج هادف كفيل بإصلاح النشئ و مغالطة العم تشيخوف عندما قال : "ملاحظتك أن هذا العالم أصبح بمثابة سرب من الأوغاد و الأشرار هي صحيحة تماما''



   نشر في 27 يونيو 2019  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا