ليس الحب حكراً على روميو و جوليت، فهناك حب المتزوجين، حب الأب و الأم لابنائهم، حب الاخوة، و كذلك الحب الاكثر ندرة و إخلاصاً هو حب الاصدقاء.

الاصدقاء الاخوة خالد و أدهم و سعيد، لا تراهم إلا معاً فى الفرح و الحزن على حد سواء. مجتمعين للخير و على الشر. بدأت قصة حبهم بمدرسة سيدى بشر بعروس البحر الأبيض المتوسط، ترعرعت و ازدهرت بكلية التجارة جامعة الاسكندرية.

و بعد انتهاء أجمل سنوات العمر بالجامعة قرر خالد الاستمتاع بالمزيد من خلال الامتياز و تعينه معيداً بالكلية. فهو يحلم بأن يكون التعليم بالجامعات المصرية مواكباً لأرقى الجامعات العالمية، و كذلك لتكون جامعة الاسكندرية من أفضل عشر جامعات على مستوى العالم.

أدهم متعدد المهارات و المعارف فهو مولع بالاقتصاد و البورصة لذلك قرر الالتحاق بكلية الدراسات الاقتصادية و العلوم السياسية بجامعة الاسكندرية، بالإضافة لمهارات البرمجة و الشبكات و الدورات التدريبية بمجال المحاسبة الالكترونية قرر سوق العمل اختطاف أدهم. فهو يحلم بجائزة نوبل للاقتصاد و رفع مستوى معيشة المواطن المصرى و أن تصبح ضمن العشرة الكبار اقتصادياً على مستوى العالم.

فى حين قرر سعيد اتخاذ الطريق المختصر إلى مبتغاه فقرر الالتحاق بالمعهد العالى للدراسات الاسلامية بالاسكندرية. فما زال يحلم بمشروعه الخاص لطرح أفكاره التنموية من خلال الجريدة المقروئة و الراديو المسموع و القناة المرئية.

أتفق الاخوة الاصدقاء على ألا يتركوا الدنيا إلا و لهم بصمتهم الايجابية، فقد كانوا من عشاق القراءة و الاقتصاد و البحر و الاسماك و السياسة " يقصد هنا سياسة إدارة أمورهم الخاصة و لا علاقة لهم بغير ذلك".

و كعادة أعداء النجاح لم يعجبهم اتحاد القادة الثلاث فقرروا إتباع قاعدة فرق تسد، فبدأت الجميلات تداعبهن للزواج، و بدأت العوائق الاجتماعية و المعيشية تشغلهم عن هدفهم و رؤيتهم الاساسية، بدأت الاجواء السياسية و الاقتصادية التى تمر بها البلاد تزج بهم إلى الخارج فلا مكان لموهوب بيننا.

بالرغم من كل التحديات و مجابهة أعداء النجاح قرر الثلاثى المرح أن يبقوا على العهد من أجل النهوض بأم الدنيا لتكون كذلك أد الدنيا. فأقسموا ألا يتركوا مصر أبداً مهما كانت العوائق، تعاهدوا ألا يفكروا بالزواج الآن فلا مكان لشريك رابع بينهم.

كيدهن عظيم فخالد اليوم متزوج من إحدى الجميلات، تنحى التعليم قليلاً فهو يعمل طوال اليوم سواء داخل أو خارج مجال عمله ليغطى بالكاد تكاليف المعيشة له و لزوجته و إبنه عمر.

أدهم ما زال على العهد و لكن الجميلات من حوله فى زيادة مستمرة، إحداهن تريد استشارة مالية و الاخرى تريد تصميم بانر للاحتفال بعيد ميلادها الثانى و العشرون، و ثالثة هى زميلة عمل لا أكثر، و أخرى هى العاشقة منذ اتحاد الطلاب بالكلية. و بما أن كل ما سبق يخدم الغاية لأدهم فهو لا يتأخر عن مساعدة الجميلات.

سعيد ترك الدراسة مؤقتاً فهو يعمل صباحاً بإحدى البنوك و مساءاً بمركز خدمة العملاء لإحدى شركات الاتصالات ليجمع بالكاد مهر العروس، فأصبحت كل أمانيه هو تقبيل رأس الجميلة فهى مستقبلاً شريكته فالنجاح من أجل النهوض بأم الدنيا.

قامت بمصر ثورة لعلها تذكر الثلاثى بالعهد، فندموا على ما فات و أقسموا ألا يتركوا البلاد إلا بعد تعويض ما فات. فقرروا سوياً غض البصر عن المال و الجميلات و أى ملهيات. و النظر فقط إلى ما يعمر أم الدنيا.

كيدهن عظيم فسعيد اليوم بالامارات بحثاً عن الدولارات فلم تعد الصحة قادرة على العمل صباحاً و مساءاً، و لم يعد الجنيه قادراً على مواجهة اقتصاد ما بعد الثورة.

دعت حاجة البلاد اقتصادياً إلى مزيد من التقشف و إلغاء الدعم و إلقاء الجنيه بالبحر الأبيض المتوسط لذلك أدهم باليابان الآن لتحقيق مبتغاه بأن يساهم فى تنمية دولة من ضمن العشر الكبار اقتصادياً.

أقسم التعليم فى مصر بأن يخرج من التصنيف العالمى لعدم عدالة التقييم، كما قامت الجامعة بطرد الدكتور سعيد لإستخدامه طرق و اساليب غير علمية لم نعرفها من قبل. حتى أنه لم يقتنع بأفكاره سوى جامعة شمال البلاد تدعى كامبردج فى انجلترا محل إقامته الحالى.

قامت انتفاضة أخرى بالبلاد لعلها النداء الاخير للثلاثى بأن يتذكروا ما أقسموا عليه، فالهدف واحد و إن اختلف الاسلوب، فالساحة لم تعد للأقوى بل للأسرع، لم تعد فقط للأذكى بل كذلك لمن يجيد التعامل مع كافة الكائنات.

فأم الدنيا لا تنافس أم دنيا أخرى، بل تنافس الدنيا بأكملها.

لذلك قرر القادة الثلاث العودة من جديد، و لكن هذه المره دون أى قسم أو تعهد، فلا مجال للكلمات و الشعارات بل الفعل هو المطلوب.

و على الفور تم القبض عليهم بمطار النزهة ،،، .

محمد حمودة علام

8/6/2017