فى غضون أيام معدودة سأتم عامى الخامس و العشرين من عمرى، مؤكد أني متحمس و فَرِحٌ لذلك كثيراً كما لو أنه إنجازاً حققته أو هدف أحرزته و أتعجب من ذاتى بسبب هذه الفرحة.
أحد المشاهير سألوه في يوم مولده ماذا تقول ؟ رد بأن اليوم يكون قد إقترب من موته عاماً ولا شئ يدعو للفرحة، و الحقيقة هو ليس متشائم أو ذو عقل تملأه الأفكار السوداوية، إنما هو شخص عانق الواقعية حتي إلتحما و صارا سوياً وجهان لها.
سأدخل عامى الخامس و العشرين و أنا لستُ مستقراً علي أي نحو من النواحى و ذلك في حقيقة الأمر يثير داخلى رغبة في النُواحِ حتي تنقطع أنفاسى تماماً فلم يفشل أحدٌ قبلى هكذا بكل تأكيد، لا إستقرار مادى ولا علمى ولا إجتماعى ولا نفسى ولا عملى ولا حتى أيسرهنّ نوعاً العاطفى !!
و لكن ربما سأدخل ثانى حلقة من حلقات الربع قرن بدروس تجعلنى أتصرّف بعقلانية شخص أربعينىْ، فلن أنجرف فى نقاشات فارغة مع ناس تؤمن أن رأيهم صواب خالص ولا تنصت لغيرها، و لن أنجرف فى آراء الناس حول من أحسن لاعب كرة قدم أو من أحسن فنان يستطيع أن يحقق أموالاً طائلة لا يستطيع عدها فى نهار شهر كامل من براعته في الكذب، و لن أندفع وراء نصائح غيرى من الأصدقاء فيم يجب على فعله حتى أحصل علي وظيفة الأحلام، و لن أترك ذلك الطفل الذى يلهو في صدرى يختار لى أو يوجّهنى فى طريقى حيث قد آن الأوان أن يكبر، و لن أدع لقلبى مقاليد الحكم فيمن أحب فحين أحزن لفراق من أحببت تصير طعنات رماح حروب العرب جمعاً أهون من نغزة تأتيني منه فتفلقه و تُشِل حركتى تماماً و أرحمه و أرحمنى معه من هذا الألم الذى لا يداويه إلا الوقت و لكن الوقت يمر كما لو أن اليوم صار دهراً، و لن أظل مستسلما ضعيفاً رغم ما أعتريه من صدمات توشك أن تقتل أشد السباع و سأستزيد قوةً من مصدر الوهن ذاته .. الوحدة.
غنّ القيصر أغنية لا أظنه غنّي أفضل منها و سمّاها 'يا مستبدة'.. لكم أود أن أقول كلماتها و لكن يمنعنى عظمة هذا الشهر، و لكن لا ضرر من قراءة كلماتها و سأفعل علّنى أكون مثله، قوي بالوحدة القاتلة.
و الآن تمنّوا لى كما الحال دوْماً أن يكون عيد مولدى سعيداً بعيداً عن الأحزان و الأوجاع و تكون سنتى الآتية أحقق فيها ما أريده من نجاحات إلى آخر هذه الأمنيات التى تذهب أدراج الرياح مع دخان الشمعات التى تطفئها أنفاسى... فى الحقيقة أنا هذا العام لا أريد إلا أن أزور رسول الله فى مسجده و أزور بيت الله و أغتسل من كل أوجاع السنين الماضية و أنام من كثرة إجهاشى بالبكاء علامَ فرّطت فى حق نفسى و أصحو أحمداً لا أعرفه إن نظرت فى المرآة.
دُمتُم بود ..