ذكريات محارب شرق أوسطي - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

ذكريات محارب شرق أوسطي

( 2)

  نشر في 31 يناير 2019 .

في الليل تطفأ الأنوار
ويهجع الصغير والكبير
من غرفة حقيرة من كوخي الحقير
في قرية نائية خاملة الذكر من السودان
ينسل يا حبيبتي في البرد في الأمطار
قلب بلا دثار.  . .
يمضي إليك تحت شرفة من جبل الأوراس..
في يده قيثار .. ينقر الأوتار
يقول يا سيدتي اطلي
نام جميع الناس..
لو أنت اهديت لي المنديل
اطويه في جوانحي انشره لواء
اغشى به مندفعا كالسيل
مراكز الأعداء. . .
يا ليتني رصاصة تطلقها الجزائر
او شمعة ساهرة تؤنس ليل ساهر
او كلمة السر تقود ثائرا لثائر
او خنجر طي فدائي خفي ماكر
اغيب في مهجة جاسوس وجنب غادر
لبسمة واحدة كالفلة البيضاء
تبسمها الجزائر . . .

  كان نضال الفدائيين في الجزائر، ملهما بحق.. حق للأجيال تلو الأجيال أن تتمثله وتقتدي به، مثلما الهم الأدباء والشعراء في كافة أرجاء الوطن العربي والافريقي، فصاغوا حوله اجمل الكلم الذي أسهم في رفع الروح المعنوية لشعب الجزائر، وشعوب الأمة بأكملها.. خلد ذكر الثورة ( المليونية)، التي كانت من أقوى ثورات التحرير في العالم اجمع، دعمتها كل الشعوب التي سبقتها إلى نيل الحرية، مثل مصر والسودان وغانا والمغرب في افريقيا، والعراق وسوريا ولبنان من دول آسيا، حتى الاحرار من ابناء الشعوب الاوروبية أقروا بحق أهل الجزائر في العيش بحرية وكرامة فوق أرضهم..

  ورغم أن الدعم المادي لم يكن بالقدر الكافي، فقد كانت لاتزال تلملم جراحاتها وتحاول أن ترمم أجسادها وتسكن أرواحها؛ لكن ذلك لم يمنعها أن تساهم بجهد المقل، وكان كل شباب الأمة العربية متأهبين للنداء، فكنا نسمع عن تدريب الكوادر الطبية في مصر لإنقاذ الجرحى من المناضلين، والإعداد العسكري بتدريب الشباب على أحدث اساليب القتال، لدعم صفوف الفدائيين ومساندة كفاحهم.. اضافة للدعم الاعلامي من خلال الصحف المتواضعة  والاذاعات المحلية الناشئة واذاعة صوت العرب، للنداء بحق ذلك النبض الحي من روح الوطن العربي في الحرية والانعتاق.. 

 كل تلك كانت جهود الشعوب وبعض القادة للم الشمل لأمة خلقت واحدة لا يتجزأ مصيرها أبدا.. لكن أبطال الجزائر كان كل واحد منهم أمة بمفرده!.. استطاعوا قهر قوة من أكبر القوى الاستعمارية، كان مطمعها في أرضهم يفوق كل المطامع، إذ كانت تزين لنفسها استلاب إرثهم وثقافتهم، لترسم لهم واقعا آخرا وفق ما تهوى، ولكن هيهات.. فقد آثروا التضحية بأرواح الملايين من أجل مستقبل أرواح بريئة ستأتي وهي تتطلع إلى النور؛ فكان لهم ما أرادوا...

 بوتقة من الشباب المستنير عرفوا معنى الحق، لم يجمع بينهم  غير الدفاع عنه، تجمعوا من شتى أصقاع الوطن المستضعف واستطاعوا استعادة ارادته المستلبة، فنمت صفوفهم من الف ونيف إلى ملايين الرجال والنساء بمختلف أعمارهم ومشاربهم، انتشروا في خمس جبهات وقدموا أرواحا في عمر الزهور.. بثوا روح المقاومة في كل حدب، من أعالي جبل الاوراس، الى مضارب قبائل الصحراء الكبرى، وحيث تشرق الشمس، فكانوا مثلا يحتذى في كل الدنيا..

إنهم أحفاد البطل المغوار طارق بن زياد- ولا فخر- قاهر الطبيعة ومحطم صولجان القوى الامبراطورية العظمى.. وهم سلالة فرسان ( الموحدين) الذين بذلوا ما استطاعوا للحفاظ على رقعة شاسعة من ديار الاسلام في أحلك سنينه..

نساؤهم قبل الرجال..

جميلة بوحيرد. 
أغلى من لؤلؤة بضة
صيدت من شط البحرين
لم تبلغ سن العشرين
واختارت جيش التحرير

صغيرة يافعة تعرضت للقتل وتخضبت بدمائها بدلا عن الحناء، تحملت السجن ثلاثة أعوام وكانت على استعداد لحكم الإعدام، على أن تقر بحكم أعدائها ذرة من تراب أرضها.. تغنى بذكرها كبار شعراء الوطن العربي والافريقي، من جيل التحرير والاجيال التي تلتهم:

قالوا لها بنت الضياء تأملي
ما فيك من فتن ومن أنداء
سمراء زان بها الجمال بهاءه
واهتز روض الشعر للسمراء..

ولدت أنا مع بشائر انتصارات الحرية وتشكلت روحي بحكايا النضال من أجل الأرض والعرض وتشربت بأغنيات البطولة والفداء فرأيتني روحا طلقة تهوم عبر الفضاء ، تعزف مع ابن بلدي الشاعر والدبلوماسي صلاح أحمد ابراهيم (أغنية التروبادور للجزائر)..

ارهقك المسير..
وطالت الرحلة..
رغم البرد والوحدة في امشير
وأنت يا حبيبتي في شهرك الاخير
تحرك الجنين في احشائك..
فاشفقي عليه من اجهاض
حتى اذا اشتدت عليك قبضة المخاض
هزي إليك يا حبيبتي بجذع نخلة الشعوب
تهدي إليك كيف تطلبين رطب القلوب
ومهج الرجال..
فبعد حين يا حبيبتي فبعد حين
ستفرحين.. تفرحين . . .

(تجتاز) حدود الزمان والمكان، وتمتد يدي الصغيرةلتصافح أبطال الصمود في وطني الكبير، فيمتنون لتعاطفي البريء، ويرفدونني بقوة تدفعني لأكمل المسير..

فإذا بي ألج عالم الفرسان والأبطال ضابطا بالقوات المسلحة لبلدي، لأكون رهن نداء الواجب والتضحية، وإذا بالواقع يتبدل رويدا رويدا.. تنال شعوب أمتي حريتها واستقلالها، لكن القتال والسفك ماينفك يقبع فوق أرضنا الطيبة.. لا تنقضي عجائبه!!.




  • 1

   نشر في 31 يناير 2019 .

التعليقات

تحية مملوءة بالتقدير والمحبة لك ولأرض السودان الغالية منبت الشعراء والأدباء (كم أعشق شعر روضة الحاج !) وتحية لأرض الجزائر الحبيبة أرض النضال والشهادة.
1
Nahla Malik نهلة مالك الوزان
خالص شكري وتقديري. سعدت للغاية بمرورك واتمنى المزيد من التواصل الثقافي والأدبي يين كل ابناء العروبة

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا