قطار موسكو - بيتربورغ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

قطار موسكو - بيتربورغ

وحي من خواطري

  نشر في 12 يونيو 2019 .

إن الرحلات الغريبة هي ما تجعل لهذا البعد نكهة اخرى ... ففي هذا المكان مع غرابة فعال اهله إلا انك تشعر بعفوية تكاد تطغى على كل شيء ... رحلتي من موسكو الى سانت بيترسبورغ على متن القطار رقم 122 في العربة رقم 5 في ليلة الجمعة 2019-02-07 . ستكون ليلة اكاد اجزم من اغرب الليالي التي ستمر علي فلهذا علي أن استعد لأستقبل الرسائل الجميلة التي قد تصنع من هذه الليلة مميزة جدًا. مع ان النجوم لا تلمع في سماء موسكو الملبدة بالإضاءة من كل حدب و صوب. أسابق الزمن في التفكير هل حقًا سأنام جالسًا. هذا الذي لم استطع فهمه واستشفافه من شكل مقعدي حتى سألني الجالس امامي بالروسية متمتما بكلمات لم افهما فأجبته بالجملة التي حفظتها عن ظهر قلب Я не говорю по русски ) - يا ني قافريو باروسكي - انا لا اتحدث الروسية ) فأعاد وماذا عن اللغة الإنجليزية فأجبته موافقا ليسألني حينها : متى تريد تجهيز فراشك للنوم فهذا المكان بالكلية ملكك. فعلا انها تجربة غريبة ان استقل قطارا للمرة الثانية في حياتي فالمرة الاولى فقط سبقتها بيوم واحد هههههههه. إنه فعلا عالم مغاير لكل ما تسمع به من همجية و وحشية على الأقل حتى الآن . و يتحرك القطار بعد توقف مفاجئ ليقطع عباب الصحراء البيضاء إن جاز لي ان اقول ذلك فهي أكوام من الثلوج تزداد بضراوة فصل الشتاء. ومع تقدم القطار في مجاهيل الصحراء بالنسبة لي على الأقل كلما اسرع ليخلف وراءه انوار موسكو التي وأدت الكثير من جمال الليل في هذه المناطق. ويستمر في التحرك و تستمر الكلمات بالتدفق لا اعلم هل هي الأجواء ما تقودني الى ذلك ام انها الوحشة و الشعور بالوحدة المزعج الذي يقض مضاجع الكثير. ومع ذلك هناك شئ غريب ليس له علاقه بالوحدة او التوحش من الروس الذين يحيطون بي من كل جانب مع عدم فهمي لكل المحادثات التي تجري. تخيل ان تكون تائها في مجاهيل عالم لم تطئه البشرية من قبل ثم مالبثت ان تدلفه للمرة الاولى لتقابل ساكنيه الذين حتما سيظنون انك لست من اجناس الخلق العادي. او انك انت من سيظن بأنهم ليسوا كائنات مسالمة فمن هذا المبدأ نفهم نسبية الكثير من الأشياء فليس كل ماهو صحيح في نظري صحيح في نظر الآخرين و العكس صحيح و هكذا الامر بالنسبة للأخطاء و غيرها الكثير. لنسبية الأشياء اوقعتنا في الكثير من المنزلقات و اودت بكثير منا في مجاهيل المعرفة على غير هدى . لنستكمل رواية السفر قبل ان انام و أنسى تفاصيل قد لا اذكرها بعد ذلك. ولكي أكون صادقا فقد توقفت عن الكتابة لما رأيت شابا روسيا يحدق الي بغرابة حتى ظننته سيسقط وسط دفتي ملاحظاتي العتيقة الشكل. لكنه لم يستطع فك طلاسم اللغة الغريبة فبادرني بالسؤال بالروسية بكلمات لم اتبينها ابدا فأجبت :

I don’t understand what you are saying) )

أردت ان أعجزه بالإنجليزية حتى اذا ماهو ادرك انني لا اتحدث الروسية سيكف عني . ولكنه فاجأني بإنجليزية مكسرة قائلا :

My name Antony

فأجبته وانا أسمي Hamoud ومع ان اسمي استوقفه قليلا من غرابته و طريقة النطق فقد لاحظت ان الروس لا ينطقون حرف الحاء الا خاء حتى انني بدأت اعتاد على اسمي الجديد خاء .. "خمود" ثمن بادرتني فتاة يبدو بأنها من نفس العائلة و لكن انجليزيتها افضل قليلا من أنتوني الذي أعياه السؤال عن موطني فصرحت بالسؤال المعتاد الذي اجزم ان الكل يعرفه ...

? Where are you from

مجيبا عليها :

Saudi Arabia

ولكن يبدوا انهم جاهلون كليا بالمسمى الانجليزي فتم الاستعانة بصديق ليأخذ الاسم مني مرة اخرى فكررت الاسم عدة مرات ولكن ولا حتى الصديق عرف اسم البلد وفجأة نطق الأب :

Королевство Саудовская Аравия

فأجبته موافقا نعم مع معرفتي بالاسم الروسي الا انني كنت متحفظا قليلا. فارتسمت الغرابة على محيا الجميع ليتجهوا الي محدقين و سائلين و بعدها تبدا جلسة التحقيق لتنهال الأسئلة و انا اجيب. لا اقول ان الامر أزعجني بل على العكس فقد كسروا حاجز الوحشة الذي تلبسني منذ بداية الرحلة و زاد شعوري و معرفة الهوة بين الشعوب فهم بالكاد لا يعرفون شيئا عن البلدان العربية . وكان فحوى الأسئلة بشكل عام عن سبب قدومي لروسيا وعدد السنوات التي سأبقى فيها خلال سنوات الدراسة عندما أجبتهم . ثمن جاء السؤال الجيد.

 ? How old are you

وكان السؤال غريبا كونه يصدر من الفتاة ومع استغرابي الا انني أجبت ثمن جذبتهم الدبلة في إصبعي. فلعلها شدت الانتباه ليتمخض عن سؤال اخر

? Do you have wife 

وايضا أجبت نعم. و السؤال الذي فعلا اضحكني عندما سألتني الشابة كم عدد الزوجات لدي ولكني أجبتها زوجة واحدة فقط و استمر سيل الأسئلة وانا اجيب ....

قد يستغرب البعض مقدار صراحتي هذه وكيف اني كنت مفتوح الجانب بلا حدود سلامة. ولكني اجزم انه سحر تلك العائلة العجيب و عفويتهم هو ما جعلني انخرط معهم في كل هذه النقاشات لتنتهي بترتيبهم لسريري و تهيئته لي فقد كانت المرة الاولى بتجربة السرير السفلي بجانب الممر فهو يطوى على شكل كرسي و طاولة وهو ما جعلني في البداية أظن بأني سأنام جالسا. ثمن غمرتني احلام الليل على سكة القطار من موسكو الى سانت بطرسبورغ .


  • 1

   نشر في 12 يونيو 2019 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا