كيف حولت اصابتى بالسرطان القراءة من عادة إلى إلزام - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

كيف حولت اصابتى بالسرطان القراءة من عادة إلى إلزام

اليس بوركيس - مدونة موقع دار بنجوين للنشر - ترجمة / محمد احمد حسن

  نشر في 11 نونبر 2020  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

كنت اقرأ رواية ( طائر الحسون ) لدونا تارت ( ترجمة / الحارث النبهان - دار التنوير  ) فى اليوم الذى علمت فيه بإنى مصابة بسرطان الثدى . حيث قرأت الرواية على متن الحافلة المتجهة الى مستشفى لويشام و حولى اطفال فى زيهم المدرسى ، و قرأتها فى غرفة انتظار العيادة بينما كان كل شئ فى المستشفى يتحرك حولى . ضممت الرواية الى صدرى ، و حملتها معى الى الغرفة التى حيانى فيها طبيب طيب القلب يرتدى ربطة عنق كبيرة و الذى قال لى الكلمات التى غيرت حياتى (( انسة بوركيس ، لا توجد طريقة سهلة لقول ذلك الامر ، إنه سرطان ))

لم تكن هناك غرفة تتسع لكلا من الكتاب و المعلومات التى تركتها فى حقيبتى عن المرض الذى اصبت به و لذلك وضعت الكتيبات فى حقيبتى و ضممت رواية الحسون الى صدرى مرة اخرى . و كنت قد قرأت الصفحة ذاتها مرارا و تكرارا عندما سافرت فى عدة قطارات عبر لندن و من ثم عبر الريف لكى أكون بصحبة عائلتى فى الايام المعدودات التى كنت فيها بحاجة الى ادراك الاحداث قبل أن يبدأ جدول صارم من المواعيد و الفحوصات و الاشعة . فى اليوم الذى تلا معرفتى باصابتى بالمرض استيقظت من النوم و برفقتى الكتاب على السرير . لقد استغرقنى النوم و أنا اقرأه .اتذكر ذلك الكتاب كونه جزءا من تلك الفترة بوضوح . اذا سألتنى عما يتحدث الكتاب فإننى لن اكون قادرا على ان اقول لك شيئا لأنه اصبح شديد الغموض بالنسبة لى .

لطالما كنت قارئة نهمة اتشرب الكلمات مثل عداء عطشان يرطب حلقه بعد تدريب طويل المدى . إننى اقرأ من اجل المتعة . اقرأ لكى اتعلم . اقرأ طلبا للراحة . حينما كنت صغيرة كنت اقرأ لأنه لم يكن لدى الكثير من الاصدقاء و لأن الشخصيات الموجودة فى الكتب قد ملأت فراغا فى حياتى . أننى اقرأ فى الحافلات . اقرأ فى القطارات . أقرأ فى اللحظات المختلسة من الزمن . اقرأ لساعات طوال . كنت اذهب الى الملهى الليلى بصحبة كتاب فى حقيبتى . و قد امتزجت حياتى بكلمات مارجريت اتوود و اروندهاتى روى و تشارلز ديكنز و فيليب بولمان و كثيرين .

اثناء العلاج من الورم فى ثديى الايمن كان ذهنى منشغلا بالبقاء و لذلك اتجهت الى مفضلاتى القديمة و انتقيتها مثلما انتقى اصدقائى القدامى . و بسبب التسعة اشهر من علاجى النشط و أننى اصبحت مرهقة بشكل كبير و أن قواى الجسدية قد خارت فإننى لم اقرأ كلمة جديدة .

حينما كنت فى المستشفى لاستئصال ثديى قرأت رواية ( هارى بوتر و حجر الفيلسوف ) ( ترجمة / رجاء عبد الله - دار نهضة مصر   ) . و حينما خضعت للجولة الاولى من العلاج الكيماوى اعدت قراءة رواية ميتشيل ماجوريان ( تصبح على خير سيد توم ) ( ترجمة / سكينة ابراهيم ) . الرواية المفضلة لدى فى طفولتى (  The Bear that nobody wanted ) للمؤلف الان اهلبرج ( لم تترجم بعد )  كانت معى حينما مكثت فى المستشفى لخمسة ايام مع نوبة سيئة من مرض نقص الخلايا المتعادلة الذى طمس كرات الدم البيضاء فى جسمى و جعلنى عرضة للعدوى بشكل خطر . فى هذا الوقت تقريبا قرأت مقالا فى جريدة الجارديان اشار الى ان القراء النهمين يقرأون بمعدل 3000 كتاب على مدار حياتهم . و اصبحت منشغلة بالفكرة . هل اضعت وقتى فى اعادة قراءة المفضلات القديمة حينما كنت مريضة ؟ شعرت بأن رقم ثلاثة الاف كثير للغاية و غير كاف فى الوقت نفسه ؟ كيف سأقرأ كل الاعمال العظيمة لكل الكتاب العظام فى مثل هذا العمر القصير و ماهى الكتب التى سوف افوت قراءتها فى حالة ما اذا داهمنى السرطان مرة اخرى و سرق منى لحظات القراءة الثمينة ؟ و حتى لو عشت مائة عام فسوف يكون من المستحيل بالنسبة لى أن أقرأ كل ما اريد من كتب . بمجرد ان انتهيت من العلاج بدأ ذهنى فى التعافى من الانهاك جراء اصابتى بالسرطان قبل حتى ان اصل الى 30 كتابا و بدأت اقرأ بأسلوب جديد . بحثت عن مؤلفات لأشخاص اخرين واجهوا مرحلة متقدمة من السرطان . قراءة كتاب بول كالانيتى ( عندما تصبح الانفاس هواءا ) ( ترجمة / مكتبة جرير ) منحتنى القوة لكى اتصرف بطريقة سليمة حينما كانت صحتى العقلية فى نهاية العلاج اشبه بالسقوط من منحدر . و ذكرنى كتاب ( Lost Fragments ) لكات جروس ( سيرة ذاتية ) ( لم يترجم بعد )  ب((أنه يجب ان تكون ممتنا لأنك تحب مثلى و أنك محبوب )) . اتجهت الى شعر مارى اوليفر و سألت نفسى ما الذى كنت اريد ان أفعله مع (( حياتى الثمينة الجامحة )) . لقد ذكرنى جون دينون بأن الاخرين كانوا يعرفون كيف ماكان تبدو عليه الحال حينما (( تتغير الحياة فى لحظة )) .

و كلما تعافيت قرأت اكثر . تنامت قائمة (( الكتب التى انوى قراءتها )) بشكل اسرع من قدرتى على القراءة . و مقابل كل كتاب قمت بازالته اضفت اربعة كتب . كنت اريد ان اغمر نفسى بالكلمات التى فاتتنى حينما كانت غائبة عن الوعى .

الان صارت القراءة اكثر من مجرد الزام . دائما ما اقوم بتخزين العناوين فى مكتبتى الداخلية . اريد ان اقرأ كل شئ . اريد أن اقرأ رواية تجعل الحياة اكثر اثارة و عملا غير ادبى يساعدنى على تعلم كيفية تحقق اقصى استفادة من عمرنا القصير على هذا الكوكب . لكى اعيد صياغة سطر من رواية بول اوستر ( 1 2 3 4 ) ( ترجمة / احمد م احمد - منشورات المتوسط  ) . أقرأ لأننى اريد فهم العالم و بالتالى استطيع أن اعرف كيف اعيش فيه . هذه الحاجة الى معرفة العالم لم تكن على الاطلاق اكثر الحاحا الا حينما كنت احاول البقاء على قيد الحياة .

فى يوليو من هذا العام تمر خمس سنوات على منذ معرفتى باصابتى بسرطان الثدى  و هو ما يعنى أنه من الممكن أن أتفرغ الوقت الكافى لتحقيق هدف قراءة ال300 كتاب .   أود أن اعترف بأن التعافى كان اطول و ابطأ مما كنت اتصور و ابطأ و اطول مما حذرنى الناس و لكننى كنت محظوظة فلدى الكثير من رفاق الدرب . حيث كانت عائلتى و اصدقائى بمقابة السند لى و بشكل غير مفاجئ لا تزال الكلمات المصدر الاكبر للعزاء و السلوى .

لقد قمت بتأليف كتاب عن تجربتى عندما اصبت بسرطان الثدى و الاحباط و نشرته على نفقتى الشخصية على امل ان تقدم كلماتى العزاء و السلوى للاخرين فى المقابل .

لم اكن حتى اعرف ان لدى كلمات تساهم فى التئام الجروح . و ليس لدى شك ان تلك الكلمات ستظل تساهم فى التئام الجروح الجديدة التى تتسبب فيها الحياة و لدى امل ايضا ان تواصل تلك الكلمات فعل ذلك لأطول فترة ممكنة .    

الرابط الاصلى 

https://www.penguin.co.uk/articles/2020/july/how-my-cancer-diagnosis-turned-reading-from-a-habit-into-a-compu.html



   نشر في 11 نونبر 2020  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا