خطر الاستدانة الخارجية....
نشر في 17 ديسمبر 2016 .
الكثير من المختصين وغير المختصين الذين يصرون على ان الاستدانة الخارجية للجزائر، لا مفر منها. وهي شيء عادي كأي معاملة اقتصادية أخرى. بمعنى تقترض وتعمل مشاريع واستثمارات، وترد المبلغ يوما ما دون مشكل......لكن لم يعلم هؤلاء أن الحركات الاستعمارية الاستدمارية لأوطاننا، لم تأت الا من الهيمنة الاقتصاية على مقدرات الأمة وخيراتها....ولنا مثال تاريخي حي على اقتسام تركة " الرجل المريض " (الخلافة العثمانية) بعد استنزاف طاقاته ومقدراته الاقتصادية بالديون والامتيازات الاقتصادية والمالية التي حصل عليها المرابين من اليهود والبنادقة والايطاليين والفرنسيين والروس والألمان.
وقد يقول قائل: " ان ذلك الوقت قد ولى، ولقد تغيرت المعطيات الاقتصادية والمالية العالمية...". أقول: " ان التاريخ يعيد نفسه في كل مرة، والغرب لم ولن يسعده أن يرانا بخير وعلى خير. وبالتالي فان كل اتفاقية اقتصادية وكل تمويل وكل صفقة تجارية أو مالية لا بد أن يكون هو الرابح لا غير......والاقتراض الخارجي أشبه بلغم ينتظر من يدوس عليه أو هو أشبه بفخ مزين بمأكولات طيبة وينتظر من يأتي اليه راغبا...
وقد كتب العديد من الاقتصادين الاشتراكيين وغيرهم في هذا الشأن، منهم على سبيل المثال لا الحصر، الاقتصادي المصري الكبير سمير امين وغيره. الا أن انتشار وطغيان النظام الرأسمالي في العالم واجتياح الأفكار الليبرالية والنيوليبرالية الاقتصادية في العقود الأخيرة، أهمل تلك المساهمات والكتابات المعادية للعولمة المالية، وجعلها في أدراج النسيان.....ورغم ذلك فهناك من الاقتصاديين من الغربيين من يكتب الآن عن مخاطر العولمة المالية، وما ينجر عنها من مآسي للدول النامية كما الدول المتقدمة. وفي نظر الكثيرين منهم أنها عولمة جامحة وغيرمنظبطة يجب علينا كبح جماحها، والتحكم أكثر في سير وحركة وتدفق رؤوس الأموال الدولية. ومن هؤلاء نجد مثلا: جيمس توبين، وجاغاديش باغاواتي وسوزان جورج، ميشال شوسودوفسكي، جوزيف ستيغليتز وداني رودريك الذي يقول في احدى كتبه:
"..........إن التمويل الخارجي أشبه بصديق أوقات اليُسر: لا تجده إلى جانبك إلا حينما لا تكاد تكون هناك حاجة إلى وجوده، ويغيب عنك عندما يمكن أن يشكِّل وجوده شيئًا من الفائدة. وهذا ليس بجديد؛ فخلال كساد الثلاثينيات كان يتردد على سبيل المزاح أن التمويل الأجنبي أشبه بمظلة لا يُسمح للمرء إلا باقتراضها، لكن لا بد من إعادتها ما إن يهطل المطر...." (كتاب معضلة العولمة، ص. 142)
د/ مساهل عبد الرحمان
17/12/2016
المركز الجامعي البيض - الجزائر -
-
Dr. Abderrahmane Messahel الدكتور/ مساهل عبد الرحمانأستاذ محاضر بمعهد العلوم الاقتصادية المركز الجامعي بولاية البيض - الجزائر- دكتوراه في العلوم الاقتصاية تخصص التسيير