فـى مَـديـح صديقتي العابرة
العزيزة أمل،،
نشر في 19 أبريل 2015 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
تتذكرين جيدا ما حدث – الأمر بدا دراميا للغاية – دعوت على صفحتى بـ (فيس بوك ) صباح ذلك اليوم، أن يرزقنى الله " بناس جديدة "ساعات قليلة والصدفة تقودنى إليكِ، نَتكلم، نَبوح، أعيد معكِ (( بشغف ! )) سَرد كل هذه الأشياء التى قلتها عدد لا حصر له من المرات، أحلامى، هزائمى، الخسارات الكبيرة التى لا تعوض، الخَوف المُبطن، الليل والعزلة، الشك فى يقين الحياة نفسها .. وبحلول المساء أصبحنا أصدقاء وكأننا تعرفنا منذ مائة عام !
الدعوة كانت مجرد مُزحة هاربة لا شئ من ورائها، لكنها - يا للعجب - وجدت آذانا صاغية، على كل حال لم يخالطنى الشك لحظة فى أن قدومك هو دعم لوجستى من السماء، - أسمك نفسه كان له دلالات ما - قادنى للفضول و لذة الاكتشاف مثل كل الفاتحين عبر التاريخ، أُمنيات وخيالات و رؤى، والبحث عن شىء ما غامض !.
رغم أن قُربك كان يعنى إرباك خططى وتبديد طاقتى ونثرها فى الفراغات العالية، إلا أننى ضربت بخوفى - المُبرر - من التورط فى علاقة جديدة عرض الحائط .. تعاميت بإرادتى عن إنشغالى بالنضال ضد هؤلاء الذين أصبحت علاقاتهم أثقل مما أحتمل، وتركتك تقفزين بسرعة جنونية متجاوزة كل الأطر والدوائر والخطوط الحمراء والخضراء، وتجلسين هنا بقربى تماما دون تعقيدات أو حسابات لوغاريتمية مُرهقة.
أتتذكرين؟،
هدية الله فى ذلك اليوم كانت مكتملة تماما، الحالة الروحانية جعلتنا نشعر أننا
مباركون للغاية، كأن هناك هالة بيضاء تحيط بنا، أحسسنا وكأن الله يحتضنا بشدة،
حالة جعلتنا نتسامى لأبعد نقطة !
لم أخبرك بشأن عادتى العتيقة، فى البداية أقابل امرأة – عادية – ليست حتى على مستوى مقاييسي، لا هى الأجمل أو الأفضل، أطمئن وأقول لنفسى : " لا تقلق لن تتعلق بها "، وأظن أن الأمور تسير بشكل طبيعي، ولكنه فى كل مرة يحدث العكس، تقول كلاما لم تقله إمرأة من قبل، تزداد، تتضخم، ثم تصبح الأجمل والأفضل، ثم الشعور اللذيذ نفسه .. الموسيقى ذاتها التى تراقص روحى وتنبعث من مكان ما داخلى، الخفقان عينه كأننى أحمل بين كفي عصفورا صغيرا، وقتها تصبح كل محاولة للتفكير فيما أنا مقبل عليه خربشة بائسة على خريطة تقود لشئ واحد !
الجميع هنا يزعمون أنه عندما نحب نصبح صغار جدا، لم أكن لأصدق هذه الخرافات، تعودت أن الحب هو نوع من النضج، لكننى بفضلك اكتشفت مشاعر جديدة فى نفسي، أنا أيضا بحاجة للإحتواء والبكاء على صدر امرأة تحضتنى بكلتا يديها دون أن تنبس بكلمة تقطع بها حبل الصّمت، ولربما سمحت لها أن تطبع قبلة على مقدمة رأسى وتتركنى أنام ليلة كاملة هكذا وكأننى طفلها المدلل!
على كل حال
تعلمت من التجربة أنه عندما تسهو عنك الحياة، فإنها تكون منشغلة بترتيب أدوار أخرى لبشر
أخرين، أو ربما عابرين فقط لا يمكثون سوى ليلة أو ليلتين على الأكثر، يخبروننا
أننا الأجمل ويمنحونا جناحين من الفرح، يؤدون مهمتهم المقدسة ثم يتركوننا لنطير
!
الطريف إن علاقتنا التى بدأت وانتهت سريعا، لم تترك بداخلى أى آثار سلبية نحوك .. لا أكرهك، لا أشعر بالامبالاة نحوك كالباقيات، حزنت فقط ولم أستطع النوم ثم نمت يوما كاملا، ولكننى لا أنتظرك أيضا حفاظا على الوعد بيننا أن تبقى علاقتنا عابرة، أننى أريد أن أحتفظ بكِ كذكرى جميلة يمكن أن أحكيها لامرأة ما فى يوم ما !
الحقيقة أنه أعجبنى منطق العلاقات العابرة هذا، وتصالحت مع فكرة أنه لابد من نهاية ما حتى لو كانت سريعة ومباغتة، أتعلمين؟ أحببت خسارتك كما أحببت خسارة الجميع، أن تخسر شيئا يعنى أنك لم تعد مشغولا بالحفاظ عليه فى خزانة قلقك، أن تربح شيئا يعنى أن خزانة انشغالك زادت رفًا إضافيًا عليك تفقده كل صباح، وابتلاع قلقك من فقدانه على وسادة أرقك كل مساء.
أكتساب شخص جديد يعنى أنك على قمّة ضيقة للغاية، عليك أن تبقى قدميك مكانهما فلا تفقد توازنك لتتعثر وتسقط، بينما الفقدان يمنحك حرية القفز والركض والتشقلب أيضًا، الفقد يجلب التعاطف والأمل، والعناد .. ويعنى أن الحياة استنفدت معك حيلتها الأسوأ وأنها إن حاولت أن تفاجئك، فليس لديها سوى الأفضل لتقدمه لك!