كانت تعيش فوق السّحاب ..خالية البال، نقيّة السّريرة..تكتحل بشعاع الشّمس ،تتمشّط بسواد اللّيل،و تجدّد خلاياها ببياض الثلج..
صاحبت شروق الشّمس و غروبها..
تسامرت مع القمر مرارا..
إنتقتْ النّجوم جيرانا لها..
كانت زخّات المطر تحملها أحيانا لتجدّد إشراقها..و تطوف بها عبر الورود لتسرق منها عطرها..كم كانت تأسرها الورود بألوانها..
كانت تمدّها بأفكار حالمة، و أمنيات تجعل خلاياها ترقص حافية القدمين..
عرّفتْ لها نشوة الحبّ، و هذيان العشق ، و سحر الكلمات..
علّمتها إن جاء الحب كيف تسبح في إيقاع لُغاته..
كيف تحيطه بسراب من نخل عسليّ التّمر..
كيف سيُلبسُها قلادة الأحلام.. و يُحيط قلب معصمها بأساور الخفقان..علّمتها بأنّ الحب شعر و نثر و فنون..
******
أينعتْ و أزهرتْ كودة ربيع..فتحتْ بتلاّتها لحياة حالمة..جميلة..كجمال روحها..
لم تكن تعلم بأنّ سياط الأيّام تختبئ في زاوية من زوايا الزّمن..تترقّب ظهورها..لتغيّر لون الورد..و عطر الأحلام..
تألّمتْ.. بكتْ كثيرا..لمْ تفهم لمَ سقطتْ أحلامها كشظايا البلور المكسور.. بلْ فهمتْ..
و لهذا قستْ على الطّفلة بداخلها..وبّختها على سذاجتها..على كلام كان يجب أن يُقال ولمْ تقلْه..على قرار كان يجب أن يُتّخذ و لم تتّخذه..عل ذكاء كان يجري عبر شرايينها و لم تسمح له بالسيلان..
على أفكار لم تكن توافق عليها..و لم تفصحْ عنها..
عل حبيب تمنّتْ قربه..و أبعدتْه..على غريب ..دخيل على قلبها و قرّبتْه..
وبّختْها على نصف كلام لم تقلْه ..على نصف صمت..على نصف حياة عاشتها..على نصف حلّ خضعتْ له..على نصف حلم حلمتْ به..و نصف رضا إفتعلتْه..و رفض لم تجاهر به..
عاشت نصف حياة..و النصف الآخر لم تعشْه..ذلك النصف الذي هو..هي..بكلّ ما تحمل من أحلام أجهضتها ..بسذاجتها ..
سلكتْ نصف طريق..و طبعا نصف طريق لم يوصلْها إليها!!
أيقنتْ الآن بأنّها وُجدتْ لتعيش الحياة ..و ليس نصف حياة..فهل تأخّر الوقت!!!