عينان خضروان مليئتان بالدموع. ذاك الألم الذي رأيته في تلك العينين لن أنساه ماحييت؛ فتاة أحبت بكل ما أوتيت من مشاعر، عاشقة أجهدها عشقها، حجم ألمها يثير بي شهوة البكاء، البكاء على جرح ليس لي، على جثة حب لا أعرفه، أردت أن أخفف عنها و لكن كيف السبيل الى ذلك؟ كنت أشعر بتلك الغصة التي في قلبها غصة فاقت غصتي، جعلتني أخجل من الحزن في حضرتها، أخجل من استحضار جرحي أمام جرحها، جعلتني أشعر بذلك الرضا الصامت كأن ألمي يخاطبني: " ماذا لو كنت مكانها " ثم أسمع ذاك الصوت الاتي من قاع ماض خلت أني نسيته أنت لا تبكينها ولا تبكين جرحها فقط ترين فيها ذاتك قبل سنوات مثلها كنت قليلة حيلة، منكسرة ،منهارة، تحرقك نار عاجزة عن اطفائها، كنت تعلمين أن وجعها يفوق قدرتها على الاستيعاب، وأي عاشق يحتمل تناثر أحلامه على أرض الخيانة؟ أتأملها :مظطربة، باكية، صاحكة، ... كيف السبيل الى تخفيف ألمها . أعلم جيدا أن لا شيء غير الوقت كفيل بذاك الجرح، عزائي أن هذا الجرح سيلتئم يوما و في مسيرتها الشفائية ستتعب كثيرا، ستبكي، ستصرخ، ستتلاشى، ستذبل، ستفقد الكثير من ملامحها، الكثير من قلبها، لكنها ستتمكن في النهاية من اطفاء نارها، زادها في رحلتها سجادة و سجدات طويلة تفرغ فيها تنهداتها و قلة حيلتها
أخبرتها أن الايام كفيلة بجرحها، كانت ترفض تصديق انها ستنسى يوما بل متأكدة أنها لن تنسى حاولت اقناعها ام تراني كنت اقنع نفسي أن الوقت كفيل بكل شيء وهل تراني نسيت حقا ؟ مجرد التفكير في الامر يرعبني كنت أطمئنها و في عيني خوف من ان تكون على حق و ان جل ماحصلت عليه هو وهم النسان. ربما الوقت يخفف من حدة الألم فحين تبتر القدم مع الوقت لا نعود نشعر بألم بترها و لكننا نفتقدها في كل حركاتنا ثم نعتاد مع الوقت على عدم وجودها و نقنع أنفسنا أننا خلقنا بقدم واحدة و حين نجد من يخوض ألم البتر لا نستطيع تجاوز حقيقة أن لنا قدم بترت، و بعد كل هذه السنين لم أنس الجزء المبتور مني ذلك أن البتر حين يكون في المشاعر يشوهنا من الداخل، مهما حاولنا الترميم سيبقى هناك بقايا لبناء مهدم و كل ماعلينا فعله كل مرة هو محاولة لاعادة كل شيء كما كان حتى مع يقيننا أن لا شيء يعود كسابق عهده و لكننا لا نستطيع ان نحيا الا بالمحاولة ولا نستطيع اكمال الدرب دون فكرة عسى أن ننسى يوما.