صعدت الى الموتوسيكل ك صعود الروح الى خالقها ، ف الخوف من المجهول كان شعورى فى تلك اللحظة ، ف لأول مرة اجرب ركوب تلك المواصلة ، انتصفت بين صديقين ، كنت استشعر رائحة الهواء الدافىء من شهر يوليو ، بينهم كان يتملكنى شعور بقليل من الاطمئنان ، بالكثير من الجنون..
كنت اشعر حينها اننى لا انتمى الى اهل الارض ، بل انتمى الى السماء ، اشعر اننى طائر بلا جناحين ، و لكن كان قلبى يرفرف بملايين الأجنحة..
ان التجارب هى ما تبقينا احياء ، اما الروتين يسلب المرأ كل عمره و يحيل سنواته الى دار الافتاء ، فيحكم عليه بشقاء أبدى..
تعلمت ان اقتنص الفرص ، ف الخوف امر طبيعى و لكن اذا لم تجرب ف ستندم كما شأت.
كان جسدى عالق بينهم و قلبى فى سماء غير السموات السبع ، سماء اخرى صنعها عقلى من شدة النشوة التى كنت بها انذاك..
سماء تشبه فتاة ذات طهر طفل رضيع ، لم تستطع عينيه ان ترى بشاعة الكون و قذارة البشر.
مررنا بطرق كثيرة اولها مصر الجديدة تلك منطقتى و مأمنى ، فى خلال الطريق رأيت الوجوه غير الوجوه ظاهرها فرحة لايام العيد ، باطنها هموم لايام صعاب..
الناس من حولى يتخبطون فى ثبات دقات اصابع الفنان على الة البيانو ف يخرج من يده مقطوعة حزينة اشد حزنا من الصحابة على الرسول(ص)..
الوقت منتصف ليل ثانى ايام العيد الكبير ، المكان طريق لا اعلم الى اين يأخذنى ، لا ادرى بأى وقت أصل ، و بأى ارض اعود..
كانت الشوارع تتبدل و تختلف ، نمر سريعا على مقهاهى ، مطاعم و منازل و وجوه عابرة..
كان اصدقائى يتكلمون عن المشاكل التى دارت فى العمل اليوم ، وكان كل ما يدور بذهنى ، ان هدوء العيد جميل لكن لماذا نعمل بالعيد و هناك اخرون يتمتعون على شواطىء المنتزه و العجمى..
استيقظت من غفوة تفكيرى على هدوء ماطور الموتوسيكل الذى استقر ، كنا فى بداية شارع غريب مظهره لى فأنا من سكان حى مصر الجديدة ، و لكن الشارع الذى انا به الآن يشبه شوارع افلام عصابات نيويورك ولكن بنكهة عين شمس تلك المنطقة التى ادركت اننى بها..
توقفوا لشراء بعض الاشياء من كشك صغير ثم صعدنا الى موكبنا من جديد ، كانت الشوارع عبارة عن ممرات صغيرة تتدلى منها زينة من اعلى متشابكة بإحكام ، و من اسفل تعاريج بطول الممرات الصغيرة تلك..
برغم ان الحوارى كانت صغيرة جدا و الممرات تشبه اضغاث الأحلام ، الا اننى لاول مرة اتذوق طعم الحياة ، ف كل ممر له روح و كأن من يعيشون بها صبغت ارواحهم بروح الحياة..
ادركت ان الاماكن الفاخرة و الشوارع الشهيرة اجساد فقط للمتعة ، عكس تلك الممرات الصغيرة التى تحمل ارواح حقيقية لربما ان الحياة سلبتهم متع كثيرة و لكنها منحتهم اجمل متعة و هى متعة الحقيقة ، ف من يعيش ف تلك الحوارى و الممرات ، من المؤكد انه يعلم حقيقة الحياة جيدا..
-
على نور الدينإن عالم “الواقع” لا يكفى وحده لحياة البشر إنه أضيق من أن يتسع لحياة إنسانية كاملة !