حـــــين حدثتني غـــــادة الســـمـــان - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

حـــــين حدثتني غـــــادة الســـمـــان

مقارنة ليس لها لزوم

  نشر في 27 مارس 2019 .

غربة تحت الصفر ، لك الحب ، الفلكلور في المسرح السوداني ، post natal care، الحمامة "باتريك زوسكيند" ، ظل الظلال ، وشيء آخر ، هكذا كان العام الجديد ينظر الي من نافذة غرفتي المواربة قليلا وعلى منضدتي تلك المجموعة الصغيرة من الكتب والتي لم أفلح في قراءتها جميعا كاملا وقرأت صفحات محسوبة منها ؛ فلي طقس تقليدي يخصني قي القراءة وهو انني اقرأ الكتاب من حيث ينتهي ، وعادة انتقل من كتاب ﻵخر دون ان اكون قد اكملت منتصف الكتاب الاول ، وجل ما أخشاه في هذا العام أن لا أجد وقتا للقراءة كغيري ، طل علي هذا العام بصحبة آخرين ونحن أكثر هدوءا ؛إستقبلناه ونحن نفترش له غرف قلوبنا الأربعة أمنيات واحلام قديمة متجدده ، لم نضيء الشموع وﻻ اقرعنا الطبول ، فقط ابتسمنا وفرح خفي يتسرب من بين الضلوع .

- كنت ليلة الجمعة مساءا اقسم وقتي بين انس السمار وقفشاتهم ،وبين صفحات كتاب الكتروني أتصفحه بنهم ، وأسترق النظر أحيانا إلى فيلم (كوميدي) على شاشة التلفاز ، خطر ببالي أن أنتظر الساعة ال(12) ليلا وهو موعد وداع العام (2015) ، واستقبال عام جديد ؛ خاصة وأنني لست بحاجة للنوم وﻻ أشعر بالنعاس أبدا ، قررت أن أخرج عند تلك الساعة ﻷشاهد الألعاب النارية وهي تتلاشى في الفضاء مودعة سنة مضت وتفترش الامنيات لعام جديد ، كيف أن السماء ستزدان "بأفراح بني البشر" ، وما اللوحة التي ستتشكل مع النجوم ، كم (مرهف) سيبكي ذلك اليوم تأثرا بجمال المشهد ، ترى كم قلب يخفق بالاحلام الجميلة ويعلقها جيد هذا العام ، ويله ونحن نحمله ما لا يستطيع . اعتقد انه حتى الأطفال سيتيفظون عن تلك الساعة ليحتفوا بميلاد عام جديد ؛ لكنني نمت "لشيء آخر" ، بأن ما سآراه في خيالي حتما أجمل ؛ وهو لن يبخل علي بكم الصور المبهجة والمتوقعه في ذاك اليوم ، فهو سيضيف اليها الوانا اخرى أكثر جمالا وابهارا ؛ لذلك نمت مقتنعا بجمال ما سأرى.

- أول يوم في هذا العام صادفني وأنا أستمتع(أعمل) ، برفقة أصدقائي الذين بدوا وكأنهم قد لبسوا فرحا من بشريات هذا الزائر البهي ، قال لي صديقي :

- أنا متفائل بهذا العام .

- وأنا كذلك .

بعد أن إمتﻷنا بروحانيات ذلك اليوم من صلاة وتسبيح ، إنزويت لساعة ﻷمارس (غوايتي) المحببه "الكتابة" ، لم أفلح فقررت أن أودع العام على طريقتي ؛ فكنت مستمتعا بالتاج مكي وهو يتقاسم لحظات الوداع مع الحلنقي مرددا:

فايت مروح وين ... لسه الوقت بدري

خليك شوية عشان ...جمبك يطول عمري

عارف الولف كتال ...وانا قلت ليط عذري

أسترق السمع لصديقي ممازحا اياه " إننا سنغرق في أفراح هذا العام " وهو يستمع إلى "عشرة الأيام " ،، فيشارك اللواء عوض أحمد خليفة احساسه بالنص والراحل عثمان حسين إنتشاءه باللحن :

وريني إيه ضراك لو كان صبرته شوي ..... عمر السنين أيام

عشرة الايام ...ما بصح تنساها

كأنو ما حبيت ...كأنوا ما عشناها ضمانا أحلى غرام

أعود وأجد نفسي متصلبا على المقعد وحبيس أنغام "العميري" ومشدوها بجمال الصوت :

كان بدري عليك وعلي وداعك

يا المغري وفاتن إبداعك

رحت وما زال عندي شعاعك

إنتبهت ووجدتني منتشيا والانبساط يتدفق من وجهي وكأن الكلمات التي أسمعها وصديقي "ليست حزينة " ...كأنني كنا نغني معهم للفرح بلغة الجزن وأيقنت أننا "شعب مسكون بالحزن ؛ حتى حينما نفرح ، نفرح بحزن ، ونحزن في الفرح " ، أمضيت يومي مستمتعا وخرجت عند المساء ﻷجد الشوارع تمور بالالوان وتغلي بالعشاق ، ذاهبون وآيبون من الحدائق وأماكن الترفيه... والاطفال يتقافزون مرحا برفقة ذويهم وتحلق من بين أناملهم الغضة خيوط رفيعة معلقة عليها انواع مختلفة من البالون و"شيء آخر".

- ذات مرة وعندما قرأت إفتتان غادة السمان ببيروت وكتاباتها الكثيرة عنها ؛ قررت قراءة سيرتها الذاتية فذهلت حين علمت أنها سورية تمتلك الجنسية اللبنانية ،فطفقت أبحث عن مبرر لتلك الاسباب التي جعلتها تفضل الكتابة عن بيروت إلى أن ترد علي وبكل بساطة :

" أن اتذكر بيروت لا يعني أنني نسيت دمشق، كأنني مثل جدتي العربية القديمة التي سئلت عن أحب أبنائها اليها فقالت : صغيرهم حتى يكبر ومريضهم حتى يشفى ؛ وبيروت مريضة منذ عشرة أعوام ونيف ...تنزف جرحا بعد آخر ، ليلا بعد آخر ، جنونا بعد آخر ، ضحية بريئة بعد أخرى".

وتواصل غادة السمان حديثها لي :

"أخلاق دمشق في دمي هي التي تجعلني أقف إلى جانب بيروت ، فقد علمتني منذ نعونة أظافري وقلمي ألا أتخلى عن أحبابي حين يسقطون ".

أحدق في إجاباتها وهي تواصل :

"أخلاق شعبي السوري هي التي تفرض علي الوفاء لمن أكرمني ، ولقد أكرمتني بيروت كما اكرمت الادباء العرب جميعا ، ووجد فيها - حتى الذين ﻻ يستحقون - مﻻذا وموطئ قلم وقدم ذات يوم ... فكيف ننسى مدينة فتحت صدرها لكل جريح روح، وطريد قلب ، وجريح فكر؟

كانت تحدثني غادة السمان من خلال مقالها الذي كتبته بتاريخ 15/2/86 بباريس والذي جاء يحمل عنوان " نكتة للبكاء " .

كنت أتخيلها تجيب على تساؤلاتي بهدوء الاديب المفتون بالاحترام والرزانة .

أكملت قراءته ودار بذهني تساؤلات شتى ،،، ترى كيف يكون إحساسها ومئات السوريون يموتون اسبوعيا؟

بم تشعر والعرب يلقون حتفهم بالمئات بين قتيل حرب وغريق ؟

ماذا تبقى من دموعها وهى اول من حس بوجع العروبة حين كتبت عن معاناتهم في عامي (85-86)؟

كيف يكون شعورها وابن بلدهت السوري الطفل يان قد غرق وهو فارا من الحرب ؟ وهي كانت تبكي قبل ثلاثين عاما حين رأت في احدى الدول انهم " يخلدون ذكرى حذاء طفلهم الاول ؛ حين يصبون عليه البرونز" ، كانت تقارنه باطفالهم الذين تقطع الحرب ارجلهم ؟

- ﻻ عليكم بهلاوسي واوجاعي التي نلتها من العام الماضي والتي نسختها من الكتب ، فعادة ما يصاب الكتاب وعشاق القراءة بعدوى الحزن لمجرد ان ما يقرأؤونه او يكتبونه حزينا ، انا استقبل هذا العام وقلبي يخفق تفائلا واملا يفيض من على جتباته وفي احلامي ويقيني انه عاما سيحمل لي من الفرح والجمال ما لم اجده فيما مضي ، ولكم اتمناه ان يكون كذلك .

كــــــل عــــام وانتم بخــــــيـــــر

لكم حبي :

نزار عبدالله بشير

Nezar34530@gmail.com

*المقال في خواتيم 2015*


  • 1

   نشر في 27 مارس 2019 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا