يبلغ عدد صحـابة رسـول الله صلى الله عليه وسلم مائة ألف وأربعة عشر ألفاً، وفي بعض الروايات مائة وأربعة وعشرين الفا. وهناك صحابة مشهورين ومعروفين بسبب ورودهم في الأحاديث الشريفة وفي بعض الاحداث الشهيرة. والكثير منهم لا يعرفهم كثير من الناس مـــــــاعدا الباحثين والمهتمين بالسيرة النبوية. ولا شك ان هــــذا يعــد تقصير يلام عليه الشيوخ والمحدثين فمعرفة صحابة الرسول صلوات الله وسلامه عليه يعتبر من متممات علوم السيرة النبوية العطرة.

كنت اتحدث مع صديق لي فذكرت اسم الصحابي نعيمان وفاجئني صديقي عندمـــــا نهرني ظنا منه انني أستهزئ والعياذ بالله بصحابة رسول الله. فقال لي وهو يشتاط غضبا لا يوجد صحابي اسمه نعيمان فقلت له بل يوجد وازيدك مـــــن الشعر بيت نعيمان هذا كان شخصية فكاهية وصـاحب مقالب وراعي طرفـــه وكلما تذكر الرسول عليه الصلاة والسلام صنيعـه يضحك حتى تبدو نواجده. ومـــــن قصصه الطريفة انه كان يذهب الى السوق ويجلب منه مــــــا يعجبه من الطعام ويهديه الى النبي وإذا جاء صاحب الطعام يطالب بثمنه يحضره الى الرسول فيقول له اعـط هـــذا ثمن متاعه فيقول اولم تهديه لي فيقول إنه والله لم يكن عندي ثمنه ولقد أحببت أن تأكله. فيضحك ويأمر لصاحبه بثمنه.

ومن نوادره ايضا : أقبل أعرابي على ناقة له فدخل المسجد وأناخ ناقته بفنائه ودخل على نبي الله , وحمزة بن عبد المطلب جـــــالس في نفر من المهاجرين والأنصار فيهم النعيمان فقالوا للنعيمان ويحك ! إن ناقته سمينة فلو نحرتها فقد اشتد شوقنا إلى اللحم ولو قـــد فعلت غرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكلنا لحما فقال إني إن فعلت ذلك وأخبرتموه بمـا صنعت غضب علي صلى الله عليه وسلم .قالوا لا نفعل. فقام فذبحها ثم انطلق فمر بالمقداد بن عمرو وقــد حفر حفرة وقد استخرج منها طينا فقال يا مقداد , غيبني في هذه الحفرة وأطبق علي شيئا ولا تدل علي أحـــدا فإني قـــــد أحدثت حدثا ففعل ,وجعل عليه الجريد والسعف. فلما خرج الأعرابي رأى ناقته قد نحرت فصاح واعقراه يا محمد.

فخرج النبي ، فقال من فعل هذا ؟ قالوا نعيمان ، قال وأين توجــــــــه ؟ فتبعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه حمزة وأصحابه حتى أتى على المقداد فقال الرسول للمقداد هل رأيت لي نعيمان ؟ فصمت فقال لتخبرني أين هــــــــو ؟ فقال مالي به علم وأشـار بيده إلى مكانه فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فوجد وجهه قــد تغير بالسعف الذي سقط عليه فقال له مــــــا حملك على ما صنعت ؟! قـــــــال الذين دلوك علي يا رسول الله هم الذين أمروني فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح عن وجهه ويضحك ثم غـــــرم صلى الله عليه وسلم ثمن الناقة وأرضى الأعرابي من ناقته وقال شأنكم بها فأكلوها.

ومن مواقفه الطريفة أيضا انه كان في سفر وغضب على أحد أصحابه فقال لأغضينك وذهب لقوم لا يعرفونهم وقال لهم سأبيعكم هذا الرجل وعندما تذهبوا اليه سيقول لكم انه حر لا تصدقوه فاشتروه منه مقابل عشرة من الإبل وعندما امسكوا به قال لهم انا حر فقالوا لقد أخبرنا سيدك بخبرك ولم يتركوه الا بعد ان خلصه منهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه ورد إليهم إبلهم.

ديننا دين حياة لا دين رهبانية ولا تزمت ولا تنطع. في تاريخنا الإسلامي نماذج حية جميلة. مشكلتنا اننا نتعامل مع هذا الدين اما بإفراط او بتفريط اما انحلال وتفسخ وندعي انه الدين الوسطي بزعمنا او تشدد وغلوا وقتامة وكأبة وندعي انه الطريق القويم والاوحد والموصل الى الجنة.

لم أكمل لكم قصتي مع صاحبي الذي نهرني في البداية فعندما تيقن اخــــــونا في الله من صحة كلامي بدا عليه الخجل. اما انا فتملكني شعور بالانتصار والتفاخر والزهو بنفسي رغم انني بيني وبينكم كلما قرات وتعمقت اكثر اعلم انني اجهل اكثر بكثير جدا مما اعرف ويردعني ويحد من غروري المعرفي دائما بيت شعر لابي نواس :

فقل لمن يدعي في العلم فلسفة                 حفظت شيئا وغابت عنك اشياء.

فيصل محسن سعيد – مقال كلاود