المُخاتل..قُرصان اللغة
فضفضة (1)
نشر في 20 أكتوبر 2016 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
أتدري من هو المُلمّح المُخاتل ؟ هو ذاك الواقف مرتبكا في منتصف المعنى، والمنسي عمدا عند ناصية الإقرار، لا هو جريء ليتقدم في زحام المقاصد ليريح ويستريح، و لا هو رصين يثنيه عقله عن خبثه ليعود أدراج معانيه فيصمت ويسلم الناس من تعريضه..
هو فقط جبان معتدّ بجبنه، و عابر معنى يحبّ أن يبقى هكذا معلّقا بغبش على حواف الكلمات، يقول ولا يبوح ، يمضي متعثّرا بين الدلالات المتشظية يتخير أكثرها مواربة وانفاذا ليقذف بها فرائسه..يشهر معانيه الملثمة ليدسها بين شقوق الدلالات .. ويترك الفهم معلّقا من عرقوبه يتأرجح بين الشك واليقين ..
يطيب له أن يصطاد في عكر مقصده فيذهب حتّى وصيد ما يعنيه يطرق بابه كلصّ ثمّ ينكص على كلماته متراجعا بعد إقدام موهوم، تراه يلوي الكلم على مقاسات رغائبه اللعوب، يدسّ السم في العسل، هو لا يريد أن يقطع بحزم اللغة ما تلده كلماتها من التباس وتداخل ذلك لأن الحزم عدوّه اللدود، بل يعكف على تدنيس حرمتها وبراءتها متكئا على تداخلاتها المتشابكة ، يبتغي فقط إشباع وهم الغموض لديه، و يريد تحقيق مآربه دون خسائر في كبريائه وكرامته و دون أن يُمس ماء وجهه بعكر أو بسوء..
المكاسب السهلة السريعة، هذه هي أهم ما يبتغيه، ولا يهم بعدها ما تتركه التواءاته الثعبانية من استفزاز وتقزز في نفوس مُخاطَبيه، ولا تعنيه انتكاسات تعريضاته الخائبة ان هي تشظت وأصابت قوما لا يعنيهم ، هاجسه الوحيد أن لا يقع في فخ المواجهة وجها لوجه، وحرفا لحرف.. لأن المواجهة تسقط ورقة التوت عن مقاصده ، وتعري ما تبقى من بوحه..
إن رأيتم أمثال هذا فاحثوا على وجوههم التراب، فعلى عتبة أرواحهم انتحرت اللغة واجهض المعنى ومات الحرف ..أرجموهم بئس الألسن ألسنتهم المعقوفة التي تعذب ولا تقتل !
#خارج_السياق
-
فاطمة بولعناناليوم حرف وغدا حتف