...
خالية من الألوان،منفصلة عن طينتي،عيناي تلتقط قطرات المطر المنيرة من السماء وتجففها على جفني،كما٠ يجفف البحر أجساد عابريه من أرواحهم ويمحو جميع أحلامهم..
أنا أمحو كل أحلامي بسيجارة من الأوهام أحركها في الهواء حركات سرمدية كالحمقوات أرسم بها بيتا في السماء، أنتظر أن يفتح لي أحدهم لكن لا روح تفعل...
أترك السيجارة مشتعلة الخيال بالشرفة،يرتفع دخانها كأفعى هندية ملبية لترنيمة ناي يعزف على أوتار نفَسي، تخرج من كبوة أعماقي ،زاحفة في زرقة السماء ومتخطية بياض الغيوم متبعة أهواء جنوني، تنتصب برأسها الأسود على عتبة البيت...تنتظر مني أن أصعد لكنني لا أفعل..ليس أقله الان...
أطفئ السيجارة،أغلق سلة الأفعى أعيدها حيث اعتادت عيناها الضلام وحواسها السكون،أنهي كل هذا الجنون وأدخل
أنا في الغرفة،
كل شيء هنا في فوضى،كل شيء هنا يغرق،الأرض والمحيطات..الكواكب والنجوم..الأجسادوالأرواح..الجنةوالجحيم..طهري ورجسي
ذنوبي وحساناتي..هنا في غرفتي كل شيء يناقض نفسي يهوي
ويسقط بداخلي،يتعدى روحي يوحي بموتي..
أبحث عن أي شيء لألفظه خارجا كما يلفظ البحر الموتى.. وكما تلفظ الام ابنها الى الحياة ..بكل غضب بكل ألم وبكل شعور ممكن مختلط
لكن الأجساد كثيرة وحملها أثقل وروحها كئيبة..
تتلاطم الاشياء داخلي تلاطم الامواج بالصخور
.. يغرق اليابس في المياه ويغمر البحر ارضي
،يتسلل الماء الى الغرفة
يتساقط قطرة قطرة في كل مكان حولي وفوقي إلا داخلي
كل جسدي أزرق مبتل ويقطر بالمياه...
أركض الى الشرفة مرة أخرى حتى أجفف نفسي أسمح للشمس بأن تتسرب إلى أمسي..ألقي نظرة هناك لكن لا شيء غير الغبار..بعض الرماد ..بقايا أوراق محترقة...كلمات مبعثرة...المكان أكثر هنا ويحرق رأسي يصلب روحي ويأكل الطير من جمري وأنا ضئيلة بحجم حبة الرمل..كل روحي هنا جافة قاحلة تفتقر إلى قطرة ماء..
بيدين مرتعشتين أدرك أين أكون.. أشعل سيجارتي الأخيرة..أعزف للأفعى الخاصة بي لحنا منسيا...أرسم بيتا ثم أصعد للسماء