الطبيبُ التاجر
في كل زيارة نضطرها للطبيب يجب أن نأخذ هُدنة من الوقت نجلس فيها ونناقش الأوضاع المالية مع أنفسنا وهل ستسمح لنا بهذه الزيارة أم لا...!
نشر في 08 يناير 2024 وآخر تعديل بتاريخ 13 يناير 2024 .
في كل زيارة نضطرها للطبيب يجب أن نأخذ هُدنة من الوقت نجلس فيها ونناقش الأوضاع المالية مع أنفسنا وهل ستسمح لنا بهذه الزيارة أم لا...!
نفكر هل ستسمح النقود التي نملكها بعرض حالتنا على مختص ولا نفكر بهل حالتنا الصحية تستدعي ذلك أم لا..
وعندما تتدهور الصحة كثيراً وليس هناك ما يُدفَع للتاجر (عفوا للطبيب) نقوم بإستدانة أجور الكشف والعلاج من أي قريب لإنقاذ حياة المريض..
وعند تحقيق تلك الزيارة المنشودة نجد بان المُختص يوصي بعلاجات معينة لا تتوفر إلا في صيدلية معينة (وعادة تكون أقرب صيدلية للعيادة أو الصيدلية التابعة للمجمع الصحي الذي فيه عيادته، هذا غير الأدوية التي توصف للمريض ليس طبقا لحالته الصحية وإنما إتفاقا مع الجهة المُصنِعة للحصول على مكافآت كالسفر المجاني وغيرها.. إلخ
(أعزائي وقُرائي الكرام.. بالطبع جميعكم أو اغلبكم يعلم الأسباب وراء السلوك الغامض لتجار الصحة في أغلب البلدان للأسف)
ولن أنسى أبدا عندما إضطررت لمراجعة أخصائي قبل (10) سنوات لأجده يقنعني بضرورة إجراء عملية عاجلة وإنه سيجريها لي في مستشفى خاصة ولم تدهشني نفقات العملية الضخمة وما تلتها من مصاريف علاج ولوازم أُخرى كان من المفروض أن توفرها تلك المستشفى ولم أندهش بكوني بعد تلك المدفوعات أجدنا ندفع ثمن كل إبرة وشاش قد نحتاجهما من جديد.. فكل هذه الأمور قد تعودنا عليها في المناطق التي نعيش فيها!
ولكن ما أثّر فيَّ حقا تصرف دكتور (ه) المحترم عندما راجعته بعد إسبوع أو أقل من العملية لأجده يأخذ مني أجور الكشف من جديد عن عملية هو من قام بإجرائها لي وبعد أخذ أجر باهض؛ ومن وقتها وأنا أفكر هل من المعقول أن تكون كل البلاد كبلادنا؟!
- كلا وأجل.
- كلا ليس على النطاق القريب (الملموس).
• أجل على النطاق الواسع من خلال الشبكة العنكبوتية.. فنجد إعلانات عن مواقع كـــ (الطبي) مثلا وكم هو موقع فريد ويقدم خدمات وخصومات وكلام وهمي كثير..
لكن إن صادف وحاولت التواصل مع أحد الأطباء في هذا الموقع سيكون عليك أولا أن تراسل أحد أفراد فريق العمل وبعدها سيطلب منك هذا الفرد أن تتواصل معه من رقم آخر يبدأ ب (78 أو 79)!
وإن إعتذرت منه لأنك لا تملك مثل هذا الرقم.. سيقوم بإرسال رابط لكي تدفع أجور الإشتراك الأسبوعي أو الشهري وعن طريق الفيزا كارد أو ما شابه.. (على إعتبار إن كل مواطن في العالم يملك الفيزا كارد!)
حسنا وإن إعتذر هذا المواطن المسكين بأنه لا يملك شروط الإشتراك هذه فستُرسَل له وسائل أُخرى للتسديد.
- هل رأيتم؟
إن الأطباء في هذا الموقع قد تذكروا كل شيءٍ عن المال ونسوا بأنه من الممكن جدا أن يكون المريض بحاجة ماسة لخبرتهم وفي تلك اللحظة..
<<لا إشتراك.. إذن لا إستشارة ولا تقديم أي عون من أي نوع!>>
يا إلهي..
إن الفرد قد يكون في تلك اللحظة بحاجة ماسة لإن يشرح حالته أو ما يخص أي قريب له في مدة لا تتجاوز ال-دقيقة.. وقد لا يكون بحاجة إلى إشتراك من أي نوع.. أو إنه قد لا يملك ثمن الإشتراك في تلك اللحظة (بغض النظر عن حالته المادية).
- قديما كُنا نلتحق بجامعات الطب لمساعدة الناس وتخفيف آلامهم.
- اليوم نلتحق بالأقسام الطبية لما فيها من أرباح خيالية.
<<الضمائر غُلّفت فلم تعد ترى النور ودخلت في سُباتٍ غير محدود الأجل>>
**أيها ال(الطبيب) بالإمس كنت إنسانا مُعالجا واليوم أنت تاجرٌ لا يُبالي.. لكن هل فكرت لـــ(غدٍ) وماذا ستكون؟!
بقلم: د. أسن محمد
كاتبة ومدربة
-
د.أسن محمددكتوراه في التنمية البشرية - كاتبة ومدربة