كنت اعيش مثل الكثير من الآخرين.. نصف حياة زاخرة بالاحكام المسبقة من مرارة التجارب الفاشلة التي تتكرر دائما..
و ان تعيش نصف حياة يعني انك لا تحاول ان تموت لكنك ايضا لا تحاول أن تعيش..
ان تعيش نصف حياة يعني ان تعيش في وسط الغبار و العفن و تحاول ان تحمي حواسك من التلوث...
يعني ان تغلق عينيك دائماً و تفتح انفك و فمك احياناً حتى تستطيع التنفس ثم تغلقهم بسرعة قبل ان يخنقك الهواء الفاسد..
و قبل ان تقضي زوابع البشاعة و القسوة على ما تبقى من صبرك و احلامك و قدرتك على الاحتمال..
انها نصف حياة تعيشها بلا ارادة و لا هدف..
كي تتمكن من مواصلة الطريق الذي وجدت نفسك مرغماً على المضي فيه و لا تدري الى اين سيوصلك في النهاية.
و كنت اتوقع كغيري من الناس لا بل كنت واثقة ان زمان الرقي النبيل قد انتهى و ولى بفرسانه بلا رجعة منذ زمن بعيد..
حتى التقيت بك..
و كانت تلك النهاية و البداية..
و كحد فاصل تضمحل عنده التواريخ و الازمنه..
و يبدأ العالم فيه من جديد..
بطريقة مختلفة..
براقة.. اخاذة..آسرة..
و مدهشة..
هكذا كانت بدايتي معك..
و اليوم اسمح لي ..
ان اعترف لك..
ان حياة اخرى لم اعرفها بدأت حين تعرفت اليك..
و اني استيقظ كل صباح على فرحة وجودك ..
و لا يحلو يومي الا برفقتك..
و اغفو على وسادتي كل ليلة و انا افكر فيك..
ثم أودع أفكاري على الوسادة و اغمض جفني لاحلم بك..
اسمح لي ان اعترف لك..
اني متشبعة بذوقك.. و مفتونة بكلماتك.. و نبرة صوتك..
و اني اتجمل لأجلك..
و انتقي كل احمر شفاه و نوع عطر و قطعة ثياب و انا اتخيل شعورك..
اريد ان اعترف لك..
اني تصالحت مع كل عقدي المزمنة.. الحقيقية و الافتراضيه..و مع ضغائني الصغيرة.. و حماقاتي المتكررة..
بفضلك..
و ان الكراهية و الانتقام لم يعد لهم ثمة مكان في قاموسي.. بسبب صفائك..
و اني لم اعد اشعر الا بالحب تجاه العالم كله ..
بسبب عطفك..
اريد ان اعترف لك..
اني اتطلع اليك كحبيب و وطن و قدوة.. و اني استمد قوتي منك ..
و احاول ان اتصف بصفاتك..
و ان كل من يعرفني يعتقد بأني اصبحت امرأة اخرى مملوءة بالحب و الهدوء و الثقة..
و انا في الحقيقة انعكاس لنبلك..
اريد ان اعترف لك..
ان كل تجربة قاسية داست فوق احلامي و شوهت قلبي..
قد تركت جراحاً غائرةً في روحي.. و وجهت صفعات قاتلة لكبريائي..
و شفيت منها تماماً بسبب رقتك..
اريد ان اعترف لك..
ان بركان الغضب الذي كان يغلي في قلبي ثم ينفث حممه في وجه الحياة.. و الناس..
قد تبخر تماماً في محراب هدوئك..
و كل احساس صارخ بالمرارة و السخط..
اخرسه الى الابد ..
تعويضٌ الهي في روعتك..
اريد ان اعترف لك..
باني لاول مرة لا أجد ما اريد ان أبوح به .. و لا أرغب في مشاركة ما اعرفه.. حتى لا ياخذ من كمال كلماتك..
و ان عالمي مشرق بالبهجة و الحب..
يضيئه نور ابتسامتك ..
وان قلبي مسكون بالفرح..
يملئه دفئ وجودك..
اريد ان اعترف لك..
ان كلمة عادية جدا ك "أحبك" يقولها الناس كل يوم لالاف العادات اليومية و الكائنات و الاشياء التي يرتبطون بها...
و يسكبونها بسهولة على حيواناتهم الاليفة.. و عطرهم المفضل.. وفنجان قهوتهم الصباحية..
تلك الكلمة المفرطة في العادية كانت تبدو هائلة ومخيفة بالنسبة الي..
و كانت تبدو فضفاضة و واسعة جدا على الكثير من المشاعر و الناس..
لكنها اليوم..تبدو سخيفة جدا..
ضئيلة و مستهلكة و متواضعة..
و لا يمكنها ابدا ان تلخص شعوري نحوك.