يمتهنون التضحية ويتنفسون عبق الشرف، ويحملون اثقال الكرامة، ذاك الحمل الذي تخلى عنه الملايين واستقذره ساسة العرب بحجة ضروريات التأقلم مع املاءات النظام الدولي الجديد، الذي تتوارى فيه القيم ويفرض الرضوخ والخنوع منطقه بقوة العمالة أو التضحية، لمواصلة ستر المستور واسمرار مسرحية التنديد و الاستنكار والادانة والصياح في العلن، والمودة تحت الطاولة في الخلوات ، سعيا لاستعطاف الحاكم الجديد في الظلام والسكن.
عند الميلاد يتم تطعيمهم بترياق الشهادة، وينذر الأولياء بكل صدق أن المواليد سيركبون قوافل أحياء المولى، ويذودون عن المسرى، وأقصى المنى أن يزفوا في الملأ الأعلى...لسنا مثلهم ..... فالأم تزغرد يوم الإرتقاء، وتضرب للبطل موعدا عند الحوض يوم التناد، فلا دمع أسى ولا صوت نحيب، بل فقط كلمات الخنساء تشرح الصدور وتكسر قلب الصهيون وتميط اللثام عن كهنة المعبد، وخدام الهيكل المزعوم من صهاينة العرب، الذين عبثوا بتاريخ مشرق وتنكروا لقبلة التاريخ و بوصلة الحقيقة.
لسنا مثلهم.....فمن الحديد البالي والحصار الطاغي، انطلقت الرشقة تلو الاخرى، معلنة للعالم أن قبة الملايير و باتريوت الملايين ستخجل من القسام والشهاب والأبابيل وهي تدك قلاع تل أبيب والمدن الأخرى، كاسرة الأسطورة وحاملة لواء الشرف والرباط، طارقة ابواب الجنان ومخزية الأنفس الخبيثة المولعة بالتطبيع، والملذوغة من وحش القابلية للإستعمار، بل و من عشق الخيانة و بيع الذمم و كشف عورات أهل الدار.
لا.... أبدا... لسنا مثلهم...فأعمارهم لا تعد بالأيام ولا بالليالي، و لا بمراحل الحياة كما في العادة، فهي إن قيست بأعمار الملايين و بحقب العشرات أو المئات من ساسة العرب ووزرائهم و مندوبيهم وسفرائهم لكانت أكبر قدرا وأجل عمرا وبريقا . فإيمانهم يملي عليهم أن أقصر طريق الى الله يمر عبر الشهادة والتضحية بالوقت والعقل وافتداء الدين و الأقصى بالروح و بالدم و نذر الذات و الفؤاد و ما ملكت اليد، نصرة لأرض المسرى و العرض و إمتثالا لإملاءات التاريخ المشرق وسيرأعلام النبلاء. فالصقور الطائرة تعيش متسلحة بالإباء وتموت أسودا شامخة بالرغم من خيانة المقربين وبني الجلدة وأهل الدار، فللتاريخ أدواته التي يكتب بها الأسماء ويرسم الوجوه بملامح وبريق الذهب، ويدعو للصالح المقاوم كريم النفس بالجنان، ذاك الذي لا يضع سلاحه ولا يبيعه، ولا ينحني لأحد ولا يتذلل، ولا يفاوض أبدا بضعف، ولا يمتطي أحد ظهره، بل يحكي للبشرية ذكريات حجارة الطفولة، ودوي الكهولة وإعتكاف الشيخوخة على وقع أناشيد النصر، والحجز في قوافل الشهداء، في نظم قيم و مبدع لقصيدة خالدة بحورها سواحل محاصرة ومعابر مغلقة وكهرباء مقطوعة ومقطعة ولقمة مغيبة، وإخوة ابتلعتهم الأيدي الجائرة فجنوا على الأهل و الديار، و وسط الابراج المهدمة والمساكن المحطمة والدماء والأشلاء والأجسام المدرجة بالدماء، يسطع مشهد خالد من اخراج القلوب المشعة المشرقة، والأيادي الحاملة لثقل كرامة أمة بأسرها، لا تزال في سباتها غارقة، إلا اذا عادت لرسالة من العرش مرسلة، لاستعادة الأقصى وغزة وكل الأرض المقدسة و المطهرة، وعلى صوت الرشقة و الشهاب و الأبابيل نتلمس المشهد عن قرب، ونستنشق بصفاء الحقيقة الساطعة النيرة، أن المرابطين وحدهم الأحق بالرسالة وبالكرامة و العزة....الى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا....... لا أبدا......لسنا مثلهم.
محمد بن سنوسي
01 -06-2021
-
بن سنوسي محمدمدون حر اطرح افكاري و اسعى للمشاركة في اصلاح المجتمع